الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

الصحافة الأجنبية تسلط الضوء على الحوار الوطني.. إلى أين يتجه؟

ضياء رشوان المنسق
ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني

يترقب المحللون والمتخصصون في الشأن المصري والمراقبون انطلاق الحوار الوطني الذي طال انتظاره غدًا الأربعاء الموافق 3 مايو 2023.

ومنذ البداية، أعلن المسؤولون عن الحوار إجراءات واضحة سيلتزم بها كافة المشاركون أملًا في التوصل إلى أفكار جديدة لمعالجة التحديات الاقتصادية والسياسية الهائلة التي تواجهها مصر.

وذكرت المحللة مارينا أوتواي، الباحثة ورئيسة برنامج الشرق الأوسط، لدى مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في تقرير نشره موقع “ويلسون سنتر” للعلماء، ومقره في واشنطن، أن قاطرة الحوار ستقلع أخيرًا وهو الحوار الوطني المصري الذي يأتي بمبادرة أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل نحو عام، وسيبدأ في 3 مايو 2023 بعد استعدادات مكثفة تضمن أن يسير الحوار وفقًا لخطوات موضوعية وسط تفاؤل واسع النطاق بأن الحكومة تريد أن تسمع من كافة الأطياف.

واكتسبت الحوارات الوطنية شعبية متزايدة مؤخرًا كوسيلة للخروج من المأزق السياسي والسماح للبلدان التي تعاني من الانقسامات بالتحرك نحو المصالحة الداخلية وقامت العديد من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المكرسة لحل النزاعات بنشر دراسات حول "الدروس المستفادة" من الحوارات الوطنية بالإضافة إلى كتيبات لتوجيه منظمي الحوارات المستقبلية، ولكن أوتواي تعلق قائلة: "لا تنجح الحوارات الوطنية دائمًا - أو حتى في كثير من الأحيان - في تحقيق المصالحة، لكنها على الأقل تحاول جمع المجموعات المختلفة معًا لمناقشة خلافاتهم".

وتعتقد أوتواي أن الحوار الوطني الذي سيعقد في مصر، غدًا الأربعاء، لا يسير على النمط المعتاد، سواء في الشكل أو في الأهداف على الرغم من تسميته بالحوار الوطني، مما يشير إلى مناقشة بين جانبين على الأقل، إلا أن المشاركة تبدو مقصورة على نطاق ضيق من الأشخاص والجماعات المتحالفة بشكل أساسي مع الحكومة والهدف المعلن ليس التوفيق بين الخصوم، ولكن إصدار التوصيات مباشرة إلى الرئيس ويبدو من غير المحتمل أن يخرج الحوار بأفكار جديدة من شأنها أن تساعد الدولة على التغلب على الركود السياسي والاقتصادي.

منذ البداية، تم التحكم في التخطيط عن كثب من الأعلى من قبل مجلس أمناء مكون من 19 عضوًا حدد هيكل الحوار، وعدد اللجان واللجان الفرعية التي ستجرى المناقشات من خلالها، وكيف ستتم قيادة كل منها والموضوعات التي سيناقشونها ولم يتم الإعلان عن قائمة كاملة بالمشاركين حتى الآن، ولكن يبدو أن التركيز ينصب على الشخصيات وليس المنظمات أو الأحزاب.

ستقدم جميع اللجان واللجان الفرعية توصياتها إلى الرئيس السيسي شخصيًا وفي الواقع، وحتى قبل بدء الحوار، أوصى مجلس الأمناء رئيس الجمهورية بوضع جميع الانتخابات والاستفتاءات تحت إشراف مباشر من القضاء، تحت شعار "صندوق اقتراع واحد، قاض واحد" وتم استخدام هذا النظام من قبل، ولكن ليس من الواضح ما الذي يعطي مجلس الأمناء سلطة التوصية بإعادة العمل به ومع ذلك، وافق السيسي على التوصية وأرسلها إلى البرلمان للعمل على أساسها كبادرة لافتة تشير إلى استعداد الرئيس قبول ما سيوصي به الحوار الوطني.

وأسندت مهمة تنظيم الحوار إلى المؤتمر الوطني للشباب، وهو هيئة غير تمثيلية أنشأها الرئيس السيسي وتديرها الأكاديمية الوطنية للتدريب.

وتابع التقرير الاستعدادات التي استمرت لما يقرب من عام، واستنادا إلى تقارير وسائل الإعلام، فقد سارت الاستعدادات على فترات متقطعة وكان هناك الكثير من النشاط خلال الصيف، حيث شكل المجلس ثلاث لجان، على التوالي، حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقسمت كل منها إلى لجان فرعية، وعين لها جميعًا مقررين ثم تباطأت العملية حتى نهاية العام، عندما أعلن الأمناء أن 113 موضوعًا ستتم مناقشتها علنًا، ما لم يتم الإعلان عن خلاف ذلك وفي يناير 2023، تبع الإعلان عن بدء الحوار في غضون أيام صمت حتى الربيع، عندما تم إعلان 3 مايو موعدًا رسميًا للانطلاق.

التحديات الاقتصادية

هناك سببان لهذا التأخير لمدة عام بين إعلان السيسي عن الحوار الوطني وافتتاحه الفعلي؛ الأول هو أن الحكومة أرادت التأكد من أنها ستتبع مسارًا محددًا مسبقًا ولن يصبح الحوار مشاعًا للجميع وستقدم اللجان واللجان الفرعية للسيسي التوصيات التي طلبها، ليقدم للبلد أجندة ترتكز لعلى أفكار جديدة، ولكن ربما كان هناك سبب ثانٍ، يرجحه التباطؤ الدوري في الاستعدادات: ربما كانت لدى الحكومة شكوك في بعض الأحيان حول الحكمة من إجراء حوار وطني خلال فترة صعبة حافلة بالتحديات الاقتصادية.

وفي السنوات الأخيرة، اضطرت الحكومة إلى خفض قيمة الجنيه عدة مرات  وخفضت قيمتها إلى النصف إلى 30 جنيهًا مصريًا للدولار بحلول يناير 2023، مع توقع المزيد،  وظل الاقتصاد المصري مثقلًا لفترة طويلة بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني، والذي زاد بشكل غير طبيعي مرة أخرى بعد انخفاض طفيف.

ومنذ عام 2013، سارعت دول الخليج إلى دعم الحكومة، حيث أودعت مليارات الدولارات في البنك المركزي المصري لدعم احتياطاتها وتقدر مساعدات منتجي النفط الخليجيين لمصر منذ 2011 بأكثر من 90 مليار دولار على شكل منح أو ودائع في البنك المركزي المصري ومن إجمالي المبلغ، تم التعهد بمبلغ 22 مليار دولار في أبريل 2022، استجابة لنداء عاجل للمساعدة من مصر وحتى هذه المساعدة لم تكن كافية لتعافي الاقتصاد المصري. المشاكل المزمنة القادمة من مزيج من النمو السكاني الذي يفوق الموارد ومشاركة الدولة في الاقتصاد، وأزمة جائحة كوفيد-19، والحرب في أوكرانيا.

هذه العوامل مجتمعةً، وفقًا للتقرير، حالت دون الانتعاش الاقتصادي وضربت الحرب بين روسيا وأوكرانيا مصر بشكل خاص إذ تستورد البلاد حوالي 60 في المائة من القمح الذي تستهلكه، ويأتي معظمه من روسيا وأوكرانيا ودفع الوضع الاقتصادي الدقيق الحكومة المصرية إلى توقيع اتفاقية احتياطية مدتها 46 شهرًا بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022، والتي كانت قيد المناقشة لسنوات.

في حين أن المبلغ صغير مقارنة بالمساعدات التي تقدمها دول الخليج، إلا أن اتفاقية صندوق النقد الدولي، التي تتطلب إصلاحات، عادة ما تزيل الدعم من مصادر أخرى وتضمنت الاتفاقية التزام مصر بفتح المزيد من اقتصادها أمام القطاع الخاص، لكن تنفيذ الإصلاح كان يسير ببطء شديد وفقًا لبعض التحليلات وهذا يدعو إلى التساؤل حول مستقبل دعم صندوق النقد الدولي لمصر.