الأحد 21 ديسمبر 2025 الموافق 01 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
مقالات

د. محمد كمال يكتب: مدارس STEM.. تركة ثقيلة على عاتق نائب الوزير وأمل كبير في الإصلاح

الدكتور محمد كمال
الدكتور محمد كمال

بدأت مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا (STEM) عام 2011 كمعونة أمريكية استمرت حتى عام 2019، ثم أصبحت بعد ذلك ممولة بالكامل من وزارة التربية والتعليم. ويلتحق بهذه المدارس الطلاب وفق شروط قبول شديدة الصرامة، ويدرسون بنظام الإقامة الداخلية في 21 مدرسة على مستوى الجمهورية.

يعتمد نظام الدراسة بـ مدارس STEM على ضغط أكاديمي غير مسبوق؛ إذ يمتحن الطالب في كل فصل دراسي (ترم) خمسة اختبارات، إضافة إلى امتحان منتصف الترم، وامتحان نهاية الترم، ومشروع علمي، أي ما مجموعه 12 امتحانًا في الترم الواحد. وفي الصف الثالث الثانوي يرتفع عدد الامتحانات إلى 14 امتحانًا، يُضاف منها 12 إلى المجموع النهائي. وهو ما يعني أن هؤلاء الطلاب يتعرضون فعليًا لـ«فرم امتحانات» حقيقية، رغم كونهم نخبة المتفوقين في مصر.

معاناة متراكمة وشكاوى متزايدة

برغم هذا الجهد الاستثنائي، يعاني طلاب STEM منذ سنوات من مشكلات متراكمة زادت حدتها بصورة غير طبيعية، وتعددت الشكاوى التي تقدم بها الطلاب وأولياء أمورهم، ومن أبرزها:
1. ضعف خدمة الإنترنت أو انقطاعها الكامل، أو عدم تغطيتها لجميع أرجاء المدرسة، رغم اعتماد الدراسة بشكل أساسي على الإنترنت وبسرعات عالية، ما اضطر بعض أولياء الأمور إلى شراء باقات إنترنت كبيرة لأبنائهم.
2. سوء جودة الطعام، حيث تُقدم وجبات غير مطابقة للمواصفات، وأحيانًا غير ناضجة – خاصة الدواجن – أو تحتوي على حشرات، مع تحديد مواعيد صارمة لاستلام الوجبات دون مراعاة ظروف الطلاب، ومنع الطالب من استلام وجبة لزميله.
3. وجود مشكلات خطيرة في البنية التحتية ببعض المدارس، مثل مدارس STEM أكتوبر، حيث تحتاج خطوط المياه إلى إصلاح بسبب تسرب مياه المطافي واختلاطها بخطوط الصرف الصحي.
4. تهالك الأسوار ووجود كسور بها، ما يسمح بدخول الكلاب والقطط، بل ووصول الأمر في بعض الأحيان إلى دخول الثعابين.
5. انتشار القطط بشكل لافت داخل المدارس، في الغرف والحمامات والمطاعم.
6. تردي مستوى الرعاية الصحية، سواء بسبب الإهمال أو غياب الرحمة في التعامل مع الطلاب، وعدم إدارة الحالات المرضية بشكل سليم، خاصة أن الطلاب يقيمون إقامة داخلية، وإجبار طالب مريض على البقاء بدعوى العزل قد يؤدي إلى إصابة باقي الطلاب.
7. تهالك الأثاث المدرسي وعدم تجديده منذ فترة طويلة، مع وجود دولايب وأسِرّة مكسورة وضعف الإضاءة داخل الغرف.
8. وجود عجز واضح في أعداد معلمي المواد الدراسية داخل المدارس.
9. عدم السماح بنقل الطلاب أو حتى دراسة إمكانية النقل، بحيث يلتحق الطالب بمدرسة STEM في محافظته، رغم إمكانية وضع قواعد وضوابط لذلك، ما يضطر الطلاب للسفر لساعات طويلة أسبوعيًا من وإلى المدرسة، بما يضرهم نفسيًا وأسريًا.
10. وأخطر المشكلات على الإطلاق ما يتعلق بما يُسمى «النسبة المرنة»، إذ إنه رغم زيادة أعداد طلاب STEM، تتراجع فرص التحاقهم بكليات القمة مثل الطب والهندسة عامًا بعد عام، نتيجة زيادة أعداد طلاب الثانوية العامة وثبات النسبة المخصصة لهم. ويظهر ذلك بوضوح في الأرقام؛ ففي عام 2023 التحق 282 طالبًا من STEM بكلية الطب بنسبة 25%، ثم انخفض العدد إلى 142 طالبًا بنسبة 14%، كما انخفضت أعداد الملتحقين بكلية الهندسة من 297 طالبًا بنسبة 42% إلى 188 طالبًا بنسبة 29%، في الوقت الذي كان من المفترض أن تزيد فيه هذه النسبة لا أن تتراجع.

بين التسويف والتهديد

بعد كل هذه المعاناة، لم يجد الطلاب وأولياء أمورهم – في كثير من الأحيان – سوى التسويف والإهمال بدلًا من الاستماع الحقيقي لشكاواهم والسعي الجاد لحلها. بل وصل الأمر في بعض الحالات إلى تهديد الطلاب وإجبارهم على كتابة إقرارات بعدم وجود شكاوى. ورغم أن هذه المشكلات لا تتطابق بنسبة 100% في جميع مدارس STEM، فإن أي مدرسة من هذه المدارس لا تخلو من بعض هذه الأزمات.

خطوة إصلاحية وأمل مرتقب

في ظل كثرة الشكاوى التي وصلت إلى وزير التربية والتعليم، والتي تضمنت كل ما سبق، صدر قرار بإنشاء وحدة جديدة تحت اسم «مدارس المتفوقين والموهوبين»، تضم مدارس المتفوقين ومدارس STEM، وتكون تحت إشراف الأستاذ الدكتور أيمن بهاء، نائب وزير التربية والتعليم، وهو أحد خريجي مدارس المتفوقين.

ويمثل هذا الاختيار بارقة أمل حقيقية؛ فالدكتور أيمن بهاء مرّ بنفس التجربة التي يعيشها هؤلاء الطلاب، ويعرف طبيعة دراستهم وضغوطها، ما يجعله الأقدر على الشعور بمعاناتهم، والأكثر قدرة على التعامل مع مشكلاتهم. يضاف إلى ذلك شخصيته الإدارية التي لا تميل إلى الحلول الوسط، بل تعتمد على المواجهة والحلول الجذرية والحاسمة والسريعة، فضلًا عن خبراته الواسعة في مناصبه السابقة بجامعة عين شمس، وجامعة مصر الدولية، وجامعة السويدي، وغيرها من المواقع التي أثبت فيها كفاءة عالية وحقق نقلات نوعية ملموسة.

فإن كل هذه المعطيات تفتح باب أمل كبير في أن تشهد مدارس STEM إصلاحًا حقيقيًا وشاملًا، يعيدها إلى المكانة التي تليق بها، ويضمن توفير بيئة تعليمية وإنسانية تواكب قيمة هؤلاء الطلاب، بوصفهم خيرة عقول مصر ومستقبلها العلمي.