السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

صحيفة أمريكية تبحث آفاق العلاقات السعودية مع واشنطن في 2023

الرئيس نيوز

نشأت السياسة الأمريكية الحالية تجاه الشرق الأوسط في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979 والحرب الأهلية في لبنان وأقنعت هذه الأحداث الزلزالية صناع السياسة أن مصالح واشنطن تخدمها على أفضل وجه، في حين أن حرب الناقلات 1987-88، ودعم طهران للبنان والسكان الشيعة في أماكن أخرى، ومؤخرًا، الحرب العالمية على الإرهاب قد أبرزت عيوب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وفقًا لصحيفة "ذي هيل" التي تتخذ من واشنطن العاصمة مقرًا لها.

أثبت نهج واشنطن في التعامل مع الشرق الأوسط أنه دائم ورتيب بشكل ملحوظ، وقلة من صانعي القرار يبدو اليوم حريصًا على العبث بما يرون أنه صيغة رابحة ولكن المفكرين وقادة الفكر يعتقدون أنه من المهم تغيير النهج، بسبب توسع الشقوق في جدران السياسة الأمريكية الخارجية ما يعني ضرورة بناء سياسة جديدة تتمكن من مواجهة التحديات الإقليمية الحالية والمستقبلية، وتستمد قوتها من شراكة قوية مع المملكة العربية السعودية.

استند نهج السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على الدعم غير المحدود لإسرائيل. مع ابتعاد إيران عن فلك الولايات المتحدة، برزت إسرائيل كحليف يعكس القيم الأمريكية وسعى من خلاله صناع السياسة في واشنطن إلى تعزيز أهداف الولايات المتحدة الإقليمية ولكن جاء التحالف بتكلفة.

في الواقع، قد تدفع المخاوف بشأن الاتجاه الإسرائيلي واشنطن إلى التفكير في "تحسين" السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ولكن لسوء الحظ، من خلال التركيز على هذه القطعة من اللغز، فإن الأمريكان يخاطرون بفقدان الصورة الكبيرة: الأرض تغيرت مرة أخرى بشكل زلزالي، فلم تعد إسرائيل جزيرة استقرار في المنطقة وحتى بصرف النظر عن الثروة النفطية التي تملأ خزائن الخليج، فقد شهد جزء كبير من الشرق الأوسط تحسنًا في مستويات المعيشة وما صاحب ذلك من توقعات متزايدة.

ويتوقع البنك الدولي أن تسجل اقتصادات المنطقة نموًا بنسبة 5.5 في المائة هذا العام، وهو أسرع معدل منذ عام 2016، ونمو بنسبة 3.5 في المائة العام المقبل. على الرغم من فشل الربيع العربي في إحداث تحول ديمقراطي، فإن معظم الشرق أوسطيين يقيمون في مجتمعات مسالمة تفتخر بانخفاض معدلات الجريمة وعلى الرغم من الوباء، فضلًا عن التحديات التعليمية والتوظيفية، عبرت غالبية كبيرة من الشباب العربي الذين شملهم الاستطلاع العام الماضي عن تفاؤلهم بشأن مستقبلهم.

الدول العربية.. شريك لا غنى عنه
ستبقى إسرائيل بالطبع ركيزة مهمة لسياسة الولايات المتحدة، لكن مسار المنطقة خلال العام المقبل وما بعده سيتطلب من واشنطن تأمين مصالحها بأكثر من محور واحد. لا يمكن معالجة تطلعات العرب والمسلمين أو تسخيرها من خلال تل أبيب. يجعل الكراهية الشديدة لإسرائيل وإيران من المستبعد للغاية أن تتمكن الدولة اليهودية من لعب دور بناء في مساعدة الولايات المتحدة على الاستفادة القصوى من الانهيار الداخلي الحتمي للجمهورية الإسلامية.

المملكة العربية السعودية، أكبر دول الخليج وبها أقدس موقعين في الإسلام، هي المرشح الواضح لمساعدة واشنطن ولطالما كانت للمملكة علاقة دفاعية قوية مع الولايات المتحدة، وسعى المسؤولون الأمريكيون والسعوديون لعقود إلى الحفاظ على المجاملات الدبلوماسية في مواجهة الخلافات الدورية والخلافات التي تهدد بتقويض العلاقات الثنائية. في الواقع، بعد إسرائيل، تقف المملكة العربية السعودية كشريك شرق أوسطي لا غنى عنه. لذا، قد يتساءل المرء، إذا كان العمل مع الرياض يمثل مثل هذا النوع من البطولات، فلماذا لم تستولي واشنطن على الكرة ولماذا تصر على رمي الكرة خارج ملعبها؟

الجواب هو القيم، يسعد المسؤولون الأمريكيون بالتشدق بالقيم، ويحرصون على التعاون مع المملكة بشكل خاص، لكنهم يكرهون القيام بذلك علنًا بسبب التصور السائد بأن المملكة العربية السعودية مختلفة تمامًا. إنها ملكية وأمريكا جمهورية. إنهم يحجبون المرأة (وإن كان أقل من ذي قبل) ويحتفل الأمريكان بحريتهن.

نضج العلاقات
تؤكد الصحيفة الأمريكية أنه قد حان الوقت للتخلي عن مثل هذا التفكير الصبياني وأشارت إلى أن الجدل حول إعادة تشكيل مصفوفة الحلفاء في خيال الأمريكيين تؤخر قدرتهم على التفكير بوضوح في أفضل السبل لتحقيق الأمن الدائم. العلاقات الدولية هي لعبة خطيرة مميتة يتم لعبها من أجل البقاء، ومن الأفضل أن يستمع الأمريكيون اليوم إلى أوتو فون بسمارك بدلًا من موسيقى الأوبرا، فالأصدقاء يجعلونهم يشعرون بالرضا، والشركاء يساعدون في إنجاز الأمور، ولكن عندما تحتاج أمريكا إلى المساعدة - وليس هناك شك في أنها تحتاج المساعدة من الشرق الأوسط - فلا يهم ما إذا كان الأمريكيون ستعجبهم كافة الأوضاع في تلك الدول التي ستقدم لهم المساعدة أو إلى أي مدى يشبهون الأمريكيين، ونصحت الصحيفة الأمريكيين بأن يكونوا ناضجين بما يكفي لإدراك أنه عندما يتعلق الأمر بتعزيز مصالحهم، فإن عدو أعدائنا هو صديقنا وعلى البيت الأبيض أن يمد يده إلى الرياض ويجب أن يستغني عن مفاهيم الكبرياء ويقول للمملكة، "تعالوا، واعملوا معنا لإيجاد طريق لمواجهة التحديات التي تنتظرنا."

وتقترح الصحيفة ثلاث خطوات للأمام:
دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن لحضور قمة استراتيجية مع الرئيس بايدن. هل سيثير هذا عاصفة إعلامية وصراخ نفاق حزبي؟ بالطبع، لكن الحصول على مساعدة السعودية في مجموعة من القضايا من سحق التطرف السني إلى هندسة هبوط سلس لخليفة النظام الإيراني - سيكون يستحق الضغط.

تشجيع الاستثمار الثنائي. على الرغم من المكاسب الحالية غير المتوقعة في أسعار النفط، تواجه المملكة تحديات اقتصادية خطيرة (بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب الذين سبق ذكرهم أعلاه) والتي يمكن أن تساعدها ابتكارات القطاع الخاص في الولايات المتحدة على التغلب عليها.
تسهيل الحوار الشعبي. قليل من الأشياء يكون أكثر تأثيرًا على القلوب والعقول من اللقاءات الشخصية التي تكشف عن القيم الإنسانة المشتركة.

وختمت الصحيفة بالقول: "إن خفض الحواجز أمام الطلاب السعوديين ومساعدة الجامعات الأمريكية على فتح فروع جامعية في المملكة سيخلق كادرًا من القادة الأمريكيين والسعوديين المستقبليين مع التقدير العميق لما يجلبه "الآخر" إلى الطاولة.

من بين الدروس التي استخلصها صانعو السياسة الأمريكيون من إيران عام 1979 ولبنان في الثمانينيات كان خطر الغطرسة على أقوى أمة شهدها العالم على الإطلاق، لكن أمريكا تعرض نفسها للخطر من خلال الخلط بين القوة والقدرة المطلقة وفي منطقة مشحونة ومعقدة مثل الشرق الأوسط، لا عيب في الاعتراف بأن أمريكا بحاجة إلى المساعدة في تأمين مصالحها.

وأشارت الصحيفة إلى أن مركزية المملكة العربية السعودية - جغرافيًا وسياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا - تجعلها في وضع فريد لتقديم المساعدة لواشنطن ويجب أن تعامل إدارة بايدن المملكة كشريك، وليس محطة وقود أو حصالة، لترسيخها بقوة في معسكرها والتأثير عليها بالقيم الأمريكية، ومع زلات البيت الأبيض التي دفعت الرياض إلى التشكيك في التزام واشنطن بالأمن السعودي، والمنطقة بشكل عام، حان الوقت الآن للتحرك لأن الفشل في القيام بذلك سيكون بمثابة دفع بالرياض إلى احتضان بكين أو موسكو، حيث لا يمكن أن يفيد ذلك أمريكا وربما يضرها كثيرًا، كما يعتقد كام بوركس زميل معهد الأمن القومي بجامعة جورج ميسون.