الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ما وراء «الضحكات» بين بايدن والسيسي خلال لقاء شرم الشيخ؟

الرئيس السيسي ونظيره
الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن

بعد تجربة صعبة، إلى حد التعثر، في قمة جدة بالسعودية، أراد جو بايدن طرق أبواب القاهرة، في محاولة لاستعادة موطئ قدم له في المنطقة العربية.

وتناول تقرير لمجلة نيوزويك، أعده "توم أوكونور" و"فاطمة خالد"، بالتحليل مساعي الرئيس الأمريكي الأخيرة في ضوء جولته الخارجية لحضور قمم مهمة في مصر وكمبوديا وإندونيسيا، وفي ضوء أحدث تصريحاته، وتحركاته.

ويفتتح التحليل بالقول: "بعد إخفاقه في تحقيق أي شيء من اللقاء وجهًا لوجه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وإخفاق الرئيس الأمريكي في التأثير على حسابات المملكة المؤثرة بشأن الجغرافيا السياسية للنفط خلال الصيف، بدا أن رحلة الرئيس جو بايدن التالية إلى القاهرة، والعالم العربي، تسير بسلاسة أكبر، كما سعت الولايات المتحدة، لتأكيد علاقاتها بالمنطقة وسط منافسة القوى العظمى مع الصين وروسيا".

قد تكون تفاعلات الرئيس الأمريكي على هامش اجتماع مجموعة العشرين في إندونيسيا قد هيمنت على عناوين الأخبار والصحف الأمريكية خلال الأسبوع الماضي، ولكن مباحثاته التي سبقت سفره إلى إندونيسيا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي أجريت على خلفية قمة الأمم المتحدة للمناخ COP27، كانت بمثابة مد الجسور مع أبرز جهة فاعلة رئيسية حريصة على تعزيز مكانتها الإقليمية.

على الرغم من أن مداولاتهما ظلت سرية، ووصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد لمجلة نيوزويك بأنها مباحثات ضمن "عملية تشاور مستمرة"، كشفت زيارة بايدن إلى شرم الشيخ استقبالًا حارًا للرئيس الأمريكي الزائر.

ورصدت الكاميرات ضحكه أثناء تبادل العبارات الودية مع السيسي، حيث أعاد الجانبان التأكيد على أهمية العلاقات بين القاهرة وواشنطن، بينما تواصل القاهرة تطوير علاقاتها مع بكين وموسكو، وقد ازدهرت هذه العلاقات في المحادثات الثنائية وقرار مصر هذا العام أن تصبح شريكًا في حوار منظمة شنجهاي للتعاون كما أعربت القاهرة عن رغبتها في الانضمام إلى الصيغة الموسعة لمنظمة بريكس، فهناك بعض الأهداف لمصر للانضمام إلى البريكس.

وعلق جوناثان كوهين، سفير الولايات المتحدة في مصر من نوفمبر 2019 حتى مارس 2022، في عهد الرئيسين ترامب وبايدن، في تصريحات لمجلة نيوزويك بالقول: "إن تعاون القاهرة مع القوى المتنافسة لا يأتي على حساب العلاقات طويلة الأمد مع واشنطن".

وأضاف كوهين، وهو أيضًا زميل المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، "إن علاقة مصر بالولايات المتحدة قوية واستراتيجية، والمصريون لا يعتقدون أن ذلك يمنعهم من تطوير العلاقات مع التجمعات الأخرى والأطراف الدولية الأخرى".

ولفت إلى أنه "لا ينبغي أن تكون هناك معادلة محصلتها صفرية، على الرغم من أن الآخرين ليس لديهم نفس العلاقات الاستراتيجية العميقة أو الاستثمار البالغ 80 مليار دولار لمدة 40 عامًا في أمن مصر وتنميتها مثل الولايات المتحدة"، وقد خدم هذا الاستثمار المصالح الأوسع التي تنشدها القاهرة.

ووفقًا لكوهين: “لدى المصريين طموحات في أن يكونوا مركزًا إقليميًا لكل شيء من الخدمات اللوجستية إلى الطاقة، مما يعني وجود علاقات تجارية وسياسية متنوعة والقدرة على العمل كجسر بين المناطق والتجمعات شرقًا وغربًا”.

وفي الوقت الذي تصارع فيه الإدارة الأمريكية مجموعة من التحديات في جميع أنحاء المنطقة، تعمل مصر كجسر قد يسعى بايدن إليه لكي يحقق أهداف الولايات المتحدة بشأن القضايا الملحة عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مما يعني أن العلاقة الثنائية الصحية "مفيدة بالتأكيد".

ويعتقد كوهين أن "الحصول على علاقة أقل قوة من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة نفوذًا أقل، بما في ذلك في قضايا مثل الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والأزمات في ليبيا والسودان وغزة وإيران ولبنان" ومن المعروف أن مصر قد لعبت دورًا مهمًا ومفيدًا في المنطقة، ووجود علاقة جيدة وقوية مع مصر هو بالتأكيد في مصلحة الولايات المتحدة.

وعلق تيموثي قلدس، زميل السياسة في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة، بالقول إن “هذا النهج ليس بالأمر الجديد، ويعود تاريخه إلى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان يتنقل بلباقة في سياسات الحرب الباردة للارتقاء بموقف مصر على الساحة الدولية”.

وذكر قلدس لمجلة نيوزويك: "حاولت مصر دائمًا الحفاظ على العلاقات مع الكثير من الشركاء المنافسين، وهذا جزئيًا تكتيك أو استراتيجية للتفاوض واستخراج أكبر قدر ممكن من الدعم بأقل تكلفة ممكنة".

وأضاف أن “مصر نجحت في كثير من المناسبات في انتزاع الكثير من التنازلات من داعميها دون دفع الكثير في المقابل”، كما أنها وسيلة للحفاظ على استقلال القرار الوطني.

وأكد قلدس: "إذا تحدثت إلى المسؤولين الأمريكيين، فإن أحد الأشياء التي يقلقون بشأنها عند الضغط على مصر هو أن التكلفة ستكون باهظة على واشنطن إذا تم التقارب بين القاهرة وبكين.

وقال إن هذا هو بالضبط ما تريده مصر، أي أن تكون لديها ورقة ضغط لإثارة القلق لدى شركاؤها الغربيين عندما تقتضي الحاجة، ولهذا السبب تحافظ مصر على علاقات وثيقة مع العديد من اللاعبين.  

وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن اجتماعا على هامش قمة COP27 في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر يوم 11 نوفمبر، ولكن ثمة تحديات ظهرت في معادلة العلاقات المصرية الأمريكية، ومن أبرزها ملف حقوق الإنسان، وهو من المجالات التي كانت بمثابة حافز للخلاف بين بايدن وولي العهد السعودي.

وكانت حقوق الإنسان "إحدى العقبات في طريق "جهود بايدن" في تعزيز العلاقات مع مصر، ويريد الرئيس السيسي من إدارة بايدن "الاعتراف بأن هناك بعض التقدم الذي تم إحرازه عندما يتعلق الأمر بقضايا حقوق الإنسان في مصر كما يأمل في الحصول على تصريحات أكثر ليونة من الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان في مصر".

ملفات مهمة

ويبدو أن مصر حريصة على أن تغادر واشنطن الخط المتشدد الذي يعبر عنه الإعلام اليساري والنيوليبرالي وأن تستطيع تغيير الصورة النمطية التي يحرص على نقلها ذلك الإعلام للرأي العام الأمريكي، وركزت مباحثات السيسي - بايدن على قضايا مهمة بما في ذلك الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وتهدئة التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والصراعات الأهلية في ليبيا، وسوريا، والنزاع حول بناء إثيوبيا لسد ضخم على نهر النيل، وقضايا دولية، بما في ذلك الحرب الدائرة في شرق أوروبا، ويبدو أن كل من هذه القضايا تتحدث عن جوهر الشراكة الاستراتيجية التي أقامتها الولايات المتحدة ومصر، والتي لا تزال لاعبًا مهمًا في الأحداث الإقليمية، وفي بعض الأحيان تتأثر بها أيضًا.

يشار إلى أن قرب مصر من الاضطرابات في ليبيا المجاورة، والمعارك الإسرائيلية الفلسطينية على قطاع غزة المجاور، جعلت جميع هذه الملفات من الأولويات، لذا فإن القضية الفلسطينية لها أهمية خاصة لكلا الرئيسين، ولكن الوساطة أصبحت صعبة الآن بعد الانتخابات الإسرائيلية التي جعلت الأحزاب اليمينية في المقدمة وعودة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الى السلطة، وفي الوقت الذي تضاءلت فيه قدرة واشنطن على العمل كمفاوض في النزاع المستمر منذ عقود، أثبتت القاهرة أنها حاسمة في تأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية التي تقودها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بين إسرائيل ومصر.

الملف الاقتصادي

لم يتضمن إيجاز البيت الأبيض ولا بيان الرئاسة المصرية إشارة المحادثات التي جرت بين السيسي وبايدن لجهود مصر لتأمين المزيد من المساعدات المالية لتخفيف المشاكل الاقتصادية المتزايدة، مع ذلك سيسعى السيسي، وفقًا لنيوزويك على الأرجح إلى "استمرار الدعم من الولايات المتحدة لمساعدة مصر في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي"، ويبدو أن “مصر ليست مهتمة بالحصول على الموافقة على القرض فحسب، بل تريد مصر المساعدة في تلقي المزيد من القروض من الدول الصديقة”.