الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"تشكيك وتزوير".. السعودية والمغرب والإمارات في صدارة لقاحات كورونا

الرئيس نيوز


يستخلص التحليل المبدئي لوضع التطعيم الراهن في الدول العربية، وفقًا لشبكة سي إن إن الأمريكية، نتيجة واضحة وهي أن السعودية تتصدر تقديم جرعات لقاح كوفيد-19، التي وصلت إلى إجمالي 41.2 مليون جرعة، ويليها في المرتبة الثانية المملكة المغربية بإجمالي 38.4 مليون جرعة، ثم الإمارات في المرتبة الثالثة بـ 19.6 مليون جرعة، وتأتي مصر في المرتبة الرابعة بـ 13.8 ملايين جرعة، ثم الجزائر بإجمالي 9.9 ملايين جرعة، وفقًا لإحصائيات منصة "Our World in Data" في فبراير الجاري وذكرت المنصة أن جيبوتي تأتي في أواخر قائمة الدول العربية الأقل بعدد جرعات لقاح كورونا، حيث وصل عدد الجرعات إلى إجمالي 67 ألف جرعة.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن العالم تنفس الصعداء فور نشر انتهاء الدراسات الخاصة بلقاح "فايزر-بيونتيك" ضد كوفيد-19، لتنطلق حمى السباق للحصول على هذا اللقاح، جنبا إلى جنب مع جهود مستمرة لتطوير لقاحات أخرى في أنحاء العالم، وخلال بضعة أشهر، أُعلن عن مجموعة أخرى من اللقاحات، أبرزها لقاح "أوكسفورد-أسترازينكا" البريطاني، ولقاح "موديرنا"، ولقاح "سينوفارم" الصيني.

ومع هرولة الدول الكبرى لإبرام اتفاقات شراء اللقاحات، برزت مخاوف بشأن فرص البلدان الفقيرة في الحصول عليها. وفي ديسمبر 2020، حذرت منظمة العفو الدولية من تباين فرص التطعيم بين البلدان الفقيرة والبلدان الأكثر ثراء.

لكن ثمة سباق آخر كان على بعض الدول أن تخوضه وهو سباق التصدي للتشكيك في اللقاحات  وهو ما أشارت إليه صحيفة ذي إندبندنت البريطانية، فخلف دوافع المصالح الفردية وجد عدد من الأشخاص في كوفيد-19 فرصة للتربح والكسب عن طريق تزييف شهادات الحالة الصحية، والتلاعب بشهادة اللقاح في السعودية وكانت المملكة قد أطلقت "الجواز الصحي" كشرط للسفر، أو تطبيق "توكلنا" لمتابعة الحالة الصحية وعدد جرعات اللقاح التي تم تلقيها كشرط لدخول مقار العمل والأماكن العامة، وحتى حضور المناسبات الخاصة كالزفاف، ولكن المزورون  أوقعوا بالكثير من الضحايا من معارضي اللقاح وأوجدوا لأنفسهم فرصة كبيرة للربح.

وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إعلانات لحسابات تعلن عن توفير شهادات لقاح مزورة ويأتي الإعلان غالبًا بالصيغة التالية: "تغيير حالتك الصحية" وكذلك "فحص معتمد للسفر"، ما يؤثر سلباً على الجهود التي تقوم بها الحكومات لمواجهة الوباء.

شهادات اللقاح مقابل 399 دولار 

بعد ظهور متحور أوميكرون في جنوب أفريقيا منذ 26 نوفمبر، بدأ الجدل حول استمرار فاعلية الجرعتين في الوقاية من العدوى وضرورة إضافة جرعة تعزيزية في ظل الارتفاع غير المسبوق في عدد الإصابات، هذه السرعة في الانتشار أثارت قلق الدول، وبدأت بخطط إعطاء جرعات معززة لحماية شعوبها واقتصاداتها، وذلك بعد دراسات علمية أثبتت أن الحماية التي يمنحها اللقاح تتناقص بمرور الوقت والجرعات المعززة توفر حماية ضد الأعراض الخطيرة الناتجة من المتحور الجديد.

وساهم تردد منظمة الصحة العالمية في دعم فكرة الجرعة المعززة في رفع صوت المشككين في جدوى اللقاحات، وبدأوا في الترويج لعدم جدواها، لكن هذا لم يمنع الحكومات من تطبيقها  كشرك لدخول الأماكن العامة، لتنشط بعدها سوق المزورين وحسابات بيع التحصين في الدول الخليجية، ونقلت  ذي اندبندنت عن بعض أصحاب هذه الحسابات في السعودية، تأكيدهم سهولة العملية وإمكانية تزوير الرمز المربع "باركود" الخاص بإثبات تلقي اللقاح، وكانت عملية التزوير تتم وفق خطوات، إذ طلب منا أحد المزورين حجز موعد لتلقي الجرعة وعدم الذهاب إلى الموعد، وبعدها سيتولى مهمة تغيير الحالة في تطبيق "توكلنا" المعتمد في السعودية، لكشف الحالة الصحية بعد موعد الجرعة الذي تم التغيب عنه.

أما مزور آخر، فقد كانت لديه خطة أخرى، فهو لا يطلب حجز موعد، بل يكتفى فقط بطلب تحويل 1500 ريال (399 دولاراً) ليتولى مهمة تغيير الحالة في 24 ساعة، وكضمانة قدمها لزبائنه يعرض عدم تحويل المبلغ إلا بعد تغيير الحالة.

يثير نشاط المزورين التساؤلات حول سبب رواج الشهادات المزيفة ولماذا يلجأ البعض إلى التلاعب بالحالة بدلاً من أخذ اللقاح؟.

 الدكتور نواف الدعجاني، استشاري الأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل التخصصي، قال "تردد الكثير في أخذ الجرعة الثالثة بسبب ما يشاع عن أن للقاح تقنية جديدة قد تغير التركيبة الجينية للبشر، وأن لا جدوى منه وأنه مجرد منتجات تجارية تحاول الشركات التكسب من ورائها، إضافة إلى أن تضارب المعلومات وطرق عرض الدراسات أدت إلى التباس لدى المتلقي لها، مما أثار كثيراً من الشكوك وأدى إلى التهرب من التطعيمات.

وأضاف "عندما تقول الدراسات، إن التطعيم ناجح بنسبة 94 في المئة من الجرعة الأولى، ثم يكتشف أنها لا تتطابق مع الواقع، تهتز ثقته في المعلومة، ثم بعد أشهر عدة نقول، إننا بحاجة إلى جرعة أخرى، وهذا يولد مزيداً من التردد والشكوك".

طلب التزوير بشكل مباشر

لم يكتف رافضو اللقاح بشراء التحصين من وسائل التواصل الاجتماعي، بل تجرأوا على طلب ورقة التحصين من الممرضات في مراكز اللقاحات المعتمدة في السعودية دون تلقي اللقاح، وهذا ما ذكرته إحداهن وقالت الممرضة التي طلبت عدم ذكر اسمها، إنه في اليوم الواحد قد يمر "خمسة أشخاص يطلبون مني بعد الدخول إلى حجرة الحقن أن ألقي بالجرعة في القمامة وأعطيهم ورقة تثبت تلقيها، ولكني أرفض"، وتضيف "بعد الرفض يخرج البعض من الغرفة دون أخذ اللقاح، في حين يستسلم البعض ويأخذها".

وأضافت "لم يتجرأوا على طلب مثل هذا إلا وهم يعلمون أن هناك من يوافقهم على ذلك"، مؤكدة أن هذا التصرف أصبح ملفتاً أكثر في الجرعة الثالثة والثانية أكثر من الأولى.

وبالحديث عن عدد الجرعات وفرص تحديدها لحسم الجدل حول نهاية مرات التلقيح، أشار الدعجاني إلى أن "كثرة الجرعات زادت اليأس والشك لدى الشعوب في جدوى التطعيم، إلا أن هذا أمر طبيعي فالفيروسات التنفسية كثيرة، مثل الإنفلونزا، وكلها تحتاج لجرعات عدة معززة كل موسم وينطبق ذلك على كورونا".

عصابات في دول الخليج

مع كثرة انتشار العابثين في المجال أطلقت الحكومات الخليجية تحذيراتها للمزورين والخارجين عن القانون، وقامت بفرض عقوبات تتراوح ما بين الغرامة أو السجن، وعدت هذا الفعل من جرائم التزوير والرشوة وغسل الأموال، إلا أنها لم تعلن عن نسب المزورين واكتفت بالإعلان عن حالات القبض على المرتشين والمزورين.

إذ أعلنت هيئة مكافحة الفساد في السعودية عن مباشرتها 12 قضية متعلقة بتعديل الحالة الصحية المتعلقة بكوفيد-19 الجديد، جاء ذلك على لسان مصدر مسؤول في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد وقالت الهيئة إنها "رصدت إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي من أشخاص يقومون بتعديل الحالة الصحية ورفع البيانات بطريقة غير نظامية وذلك مقابل مبالغ مالية".

وفي الكويت، أعلن عن القبض على ثلاثة موظفين في وزارة الصحة لـ "تزويرهم شهادات تطعيم ضد كوفيد-19". وكذلك في الإمارات التي ضبطت موظفين في أحد مراكز الفحص لاستغلالهما وظيفتهما والصلاحيات الممنوحة لهما لتزوير نتائج الفحص مقابل مبالغ مادية، بحسب المتحدث الرسمي لنيابة الطوارئ والأزمات والكوارث في النيابة العامة للدولة.