الجمعة 03 مايو 2024 الموافق 24 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

من هم الاوليجاريشية وما علاقتهم ببوتين؟

الرئيس نيوز

تقع الأوليجارشية الروسية مجددًا في دائرة الضوء وتتكرر الكلمة كثيرًا في التقارير الصحفية القادمة من الغرب والولايات المتحدة، وأصبح المصطلح مثيرًا للجدل دوليًا  خاصة منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا واحتدام الصدام بين موسكو والغرب.

 ومع انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا، شدد الغرب العقوبات على البنوك الروسية والعديد من الأفراد، الذين غالبا ما وصفتهم وسائل الإعلام الغربية بـ"أصدقاء بوتين".

وذكر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، يعد أحد أشهر الأوليجارشية الروس في العالم، وهو المصطلح الذي يتمتع بتاريخ طويل لكنه اكتسبت في الصحافة المعاصرة معنى أكثر تحديدا، وبالمعنى التقليدي للكلمة، تعبر الأوليجارشية عن عضو أو مؤيد لنظام سياسي تحكم فيه مجموعة صغيرة من الأشخاص، أي أنه تسمية أخرى لحكم الأقلية.

ولكن الكلمة تستخدم بصورة أكثر شيوعا في وقتنا الراهن للإشارة إلى مجموعة من الروس الأثرياء الذين برزوا على ساحة النفوذ والثروة في أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، وكلمة أوليجارشية مشتقة من الكلمة اليونانية أوليجو oligoi، والتي تعني "قليل"، وarkhein التي تعني "يحكم"، وتختلف هذه النخبة وممارساتها عن الملَكية، التي تعرف في العلوم السياسية بحكم الرجل الأوحد، والمشتقة من الكلمة اليونانية أحادي mono، كما تختلف عن الديمقراطية، حكم الشعب المشتقة من كلمة ديموس.

ما الذي يميز الأوليجارشية؟
يمكن أن يكون الأوليجارشية أعضاء في طبقة اجتماعية حاكمة متفوقة أو مميزة بشكل أو بآخر عن بقية المجتمع، ويكون هذا التميز مستندًا إلى أسس عقائدية مثل دينهم أو اجتماعية مثل صلات قرابتهم أو مكانتهم ووضعهم الاقتصادي أو حتى لغتهم وتميل هذه النخب في الغالب إلى الحكم بما يخدم مصالحها الخاصة، وغالبا باستخدام وسائل مشبوهة.

من هم أوليجارشية هذا العصر؟
في الوقت الحاضر تشير الأوليجارشية في الغالب، إلى شخص فاحش الثراء يكسب أمواله من خلال هذا النوع من الأعمال المشبوهة مع الدولة وربما يكون رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، صاحب نادي تشيلسي لكرة القدم، أشهر الأوليجارشية في المملكة المتحدة، وتقدر ثروة أبراموفيتش بحوالي 14.3 مليار دولار، ويعتقد أنه جمعها من خلال بيع أصول كانت مملوكة سابقا للدولة الروسية، والتي حصل عليها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.

هناك شخص آخر يعد من أبرز الأوليجارشية وهو ألكسندر ليبيديف، المصرفي والضابط السابق في المخابرات السوفيتية، وقد كان ابنه يفجيني مالكا لصحيفة إيفنينج ستاندرد اللندنية ويحمل يفجيني الجنسية البريطانية، وقد عُيِّن عضوا في مجلس اللوردات كما أن الأوليجارشية الروسية موجودة أيضا في بلدان أخرى.

ويلقي المعهد الأوكراني للمستقبل، وهو منظمة مستقلة مقرها كييف، باللوم على التأثير الواسع للأوليجارشية على المجتمع والصناعة والسياسة الأوكرانية، في التنمية المتعثرة في البلاد وقال المعهد في تقرير إن "الأوليجارشية القديمة" في البلاد تنامت وانتعشت تحت رئاسة ليونيد كوتشما، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات وجاء في التقرير أن "الأوليجارشية حصلت على معظم أصولها وأملاكها عبر التواطؤ مع المسؤولين وعبر الخصخصة بصورة تعوزها الشفافية، ومنذ ذلك الحين، باتت السيطرة على النظام السياسي تشكل أمرا محوريا في حفاظهم على أعمالهم ومصالحهم".

كيف كسب الأوليجارشية أموالهم؟
يعتقد المدير التنفيذي للمعهد الأوكراني للمستقبل، فيكتور أندروسيف أن الأوليجارشية هم طبقة خاصة من الأشخاص، ولديهم "طريقة خاصة لممارسة الأعمال التجارية" كما أن لديهم "طريقة خاصة للعيش والتأثير"، وخلال حديث في مركز ويلسون بواشنطن في الولايات المتحدة أضاف أندروسيف: "إنهم ليسوا رجال أعمال حقيقيين، بل مجرد أثرياء، لكن الطريقة التي أصبحوا بها أثرياء مختلفة تماما عما يحدث عادة في دولة رأسمالية فاعلة" وأضاف: "لم يؤسسوا شركة، بل وضعوا أيديهم على شركات وأعمال مملوكة للدولة".

لماذا يوجد الكثير من الأوليجارشية الروسية؟
السبب الذي يجعل الكثيرين يتحدثون عن الأوليجارشية الروسية في الوقت الحاضر، هو نتيجة لما حدث في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، في يوم عيد الميلاد عام 1991، استقال ميخائيل جورباتشوف من منصب رئيس الاتحاد السوفيتي وسلم السلطة لبوريس يلتسين، الذي أصبح رئيسا لروسيا المستقلة الجديدة وبينما لم تكن هناك ملكية خاصة في ظل الشيوعية، شهدت روسيا الرأسمالية الخصخصة على نطاق واسع، لا سيما في قطاعات الصناعة والطاقة والقطاعات المالية ونتيجة لذلك أصبح الكثيرون أثرياء بشكل خيالي أثناء الخصخصة في أوائل التسعينيات.

إذا كان الشخص يتمتع بوضع جيد ومناسب، ولديه علاقات واسعة مع أشخاص متنفذين، يمكنه الحصول على شريحة مهمة وكبيرة من الصناعة الروسية، غالبا تلك المعنية بالتداول والتعامل بالمواد الخام مثل المعادن أو النفط والغاز، والتي كانت مطلوبة في جميع أنحاء العالم ثم عمد الأوليجارشية لدفع تعويضات للمسؤولين الذين حققوا تلك المعادلة، أو الخيار الآخر الذي يتمثل في منح أولئك المسؤولين وظائف إدارية عُليا.
كان الأوليجارشية يمتلكون وسائل الإعلام وحقول النفط ومصانع الصلب والشركات الهندسية، وتمكنوا في كثير من الأحيان من دفع ضرائب قليلة جدا على أرباحهم كما أنهم دعموا يلتسين ومولوا حملته الرئاسية عام 1996.

بوتين والأوليجارشية
عندما خلف بوتين يلتسين، بدأ في كبح جماح الأوليجارشية ولكن على الرغم من ذلك، تمكن أولئك الذين ظلوا متحالفين معه سياسيا من أن يصبحوا أكثر نجاحا، وقد أُجبر بعض الأوليجارشة الأصليين الذين رفضوا الانصياع لبوتين، مثل المصرفي بوريس بيريزوفسكي، على الفرار من البلاد وهناك ميخائيل جودوركوفسكي، الذي كان يُعتقد أنه أغنى رجل في روسيا، يعيش الآن في لندن وعندما سُئل عن الأوليجارشية عام 2019، قال بوتين لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية: "ليس لدينا أوليجارشية بعد الآن" ولكن الأشخاص الذين كانت لهم علاقات وثيقة للغاية مع بوتين، تمكنوا من بناء إمبراطوريات تجارية هائلة بفضل رعايته لهم، ووصفت حكومة المملكة المتحدة بوريس روتنبرج، الذي كان في نفس نادي الجودو مع بوتين عندما كانا طفلين، بأنه "رجل أعمال روسي بارز له علاقات شخصية وثيقة" مع بوتين ووفقا لمجلة فوربس، تبلغ ثروة روتنبرج 1.2 مليار دولار.

استهدفت عقوبات المملكة المتحدة كلا من بوريس روتنبرج وشقيقه أركادي، بعد أن اعترف بوتين بالمنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا على أنهما "جمهوريتان شعبيتان مستقلتان" وبالإضافة إلى بريطانيا، فرضت أوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا واليابان، عقوبات على الأوليجارشية الروسية، وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا - من المرجح أن تشدد هذه العقوبات إلى حد كبير.