الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عبدالرحمن الكواكبي.. صاحب أول جريدة رسمية عربية ومؤسس منفستو الحرية

العلامة عبد الرحمن
العلامة "عبد الرحمن الكواكبي"

مرت الذكرى الـ119 على وفاة أحد رواد التنوير والإصلاح في المنطقة العربية، المفكر السوري الكبير والعلامة عبد الرحمن الكواكبي، صاحب فكرة "الجامعة الإسلامية" من خلال ما طرحه في كتابه "أم القرى"، ورائد الحرية في المنطقة العربية من خلال أطره ونظرياته المهمة في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد".


يُعد الكواكبي، صاحب أول جريدة عربية رسمية أسسها بسوريا وهو في عامه الاثنين والعشرين مع رفيقه هشام العطار، بعنوان "الشهباء" والتي هاجمت بشجاعة وموضوعية السلطات العثمانية التي كانت تابعة لها سوريا في هذا التوقيت، مما أدى إلى إغلاقها بأوامر صارمة من الأستانة عقب خمسة عشر عددًا.


نهل الكواكبي من عالم الصحافة، وقت عمله بجريدة "الفرات" الصادرة بحلب، والتي فضح فيها الولاة العثمانيين، مستنهضًا العرب والمسلمين بألا يستسلموا للتأخر الذي فرضته السلطات العثمانية على الأمة العربية.


(ضريح عبد الرحمن الكواكبي)

ويُعد الكواكبي من أبرز من نادوا بمصارعة الاستبداد في كتابه الهام، والأشهر "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" الذي قال فيه : "لو كان الاستبداد رجلاً وأراد أن يحتسب وينتسب لقال: "أنا الشر، وأبي الظلم، وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضر، وخالي الذل، وابني الفقر، وبنتي البطالة، وعشيرتي الجهالة، ووطني الخراب، أما ديني وشرفي وحياتي فالمال المال المال، والمال يصح في وصفه أن يقال: القوة مال، والوقت مال، والعقل مال، والعلم مال، والدين مال، والثبات مال، والجاه مال، والجمع مال، والترتيب مال، والاقتصاد مال، والشهرة مال، والحاصل كل ما ينتفع به في الحياة هو مال".

وأشار في موضع آخر من الكتاب عن أسباب الاستبداد قائلاً : "إن الله خلق الإنسان حرًا، قائده العقل، فكفر وأبى إلا أن يكون عبدًا قائده الجهل، ويرى أن المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه أعداء العدل وأنصار الجور، وأن تراكم الثروات المفرطة، مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد، وأن الاستبداد أصل لكل فساد، فيجد أن الشورى الدستورية هي دواؤه".

ترك الكواكبي تراثًا عريقًا، لا زال نبراسًا ومرجعًا مهمًا يُلجأ إليه، وقت اشتداد الأزمات في البلاد العربية ما بين صراعات داخلية وخارجية، وهو ما تجسد في كتب : "طبائع الاستعباد ومصارع الاستعباد"، "أم القرى"، "العظمة لله"، "صحائف قريش"، كما أن له الكثير من المخطوطات والكتب والمذكرات التي طبعت، وما زالت سيرة وكتب ومؤلفات عبدالرحمن الكواكبي مرجعًا هامًا لكل باحث.

بسبب هذه الشعلات الإصلاحية كالقنابل المدَوِيَّة، دس حزب الاتحاد والترقي العثماني السم للكواكبي في القهوة، يوم 15 يونيه من العام 1902 أدت إلى وفاته جسدًا، لكن كلماته لازالت رنانة وطائرة بأجنحتها لتظل خفاقةً إلى ما لا نهاية.