شرق أوسط على حافة الانفجار: تهديدات إسرائيلية بتصعيد متسلسل متعدد الجبهات
مع اقتراب نهاية عام 2025، تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة حادة من التوتر الاستراتيجي. تتداخل مصالح دولية وإقليمية في شبكة معقدة تشمل إسرائيل وإيران ولبنان والعراق واليمن، إلى جانب فصائل مسلحة غير حكومية مثل حزب الله وحماس والحوثيين وفصائل الحشد الشعبي العراقي. رغم وجود بعض الهدن المؤقتة، فهي لا توفر حلولًا دائمة للنزاعات، والأطراف المتصارعة تبقى أهدافها متعارضة بشكل واضح.
ووفقا للمجلس الأطلسي، يزداد خطر اندلاع صراع متعدد الجبهات في الأشهر المقبلة بسبب ثلاثة عوامل رئيسية: أولًا، جهود إيران لإعادة بناء قدراتها العسكرية وقدرات الردع عبر وكلائها. ثانيًا، رفض كل من حزب الله وحماس نزع السلاح. ثالثًا، التصعيد في مسرح واحد قد ينتقل بسرعة إلى مناطق أخرى، من غزة ولبنان إلى العراق والبحر الأحمر، مما يزيد احتمال تصعيد إقليمي واسع.
توضح إسرائيل موقفها تجاه الحدود الشمالية بشكل صريح، مطالبة لبنان بالامتثال الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، وتحدد مهلة حتى نهاية العام لتقييم التزام حزب الله المسلح جنوب نهر الليطاني.
وتصر إسرائيل على أنها قد تلجأ إلى العمل العسكري إذا لم تحرز لبنان تقدمًا ملموسًا. كما تسعى إسرائيل إلى نزع سلاح حماس ومنع إيران من امتلاك أي تهديد صاروخي أو نووي، معتبرة أن استمرار هذه التهديدات يشكل خطرًا وجوديًا.
وتزيد خطورة الوضع الراهن من احتمال انتقال التصعيد بين مناطق النزاع. أي تصعيد في غزة قد يضغط على الحدود الشمالية مع لبنان، ويزيد احتمالات مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع إيران. يراقب صانعو القرار الأمريكيون النزاعات العالمية، لكنهم لا يمكنهم تجاهل خطر تجدد الأزمة في الشرق الأوسط.
إيران ووكلاؤها: بناء ردع متعدد الطبقات
تعتمد إيران على نموذج ردع معقد يقوم على وكلائها الإقليميين والأسلحة بعيدة المدى والغموض بدلًا من المواجهة المباشرة. تهدف إيران إلى فرض تكاليف متراكمة على خصومها وحماية نفسها من أي رد مباشر. تحتفظ إيران بأكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط وتواصل تطوير قدراتها الإنتاجية وبنيتها التحتية، بينما تعمل مجموعات مسلحة موالية لها في لبنان وغزة والعراق وسوريا واليمن.
يرى الإسرائيليون في هذا النموذج تهديدًا وجوديًا، إذ أظهرت هجمات حماس في أكتوبر 2023 قدرة هذه المجموعات على إحداث صدمة استراتيجية دون إشعال حرب إقليمية. تمنع إسرائيل إعادة تشكيل بيئة ردع تشكل شروطًا لهجمات مستقبلية، وتزيد مراقبتها على التسليح الإيراني ووكلائه.
حزب الله ولبنان: الدولة غير قادرة على فرض السيطرة
ويعد حزب الله أقوى الوكلاء العسكريين لإيران، ويمتلك آلاف الصواريخ الدقيقة التي تضرب داخل إسرائيل. رغم أن قرار مجلس الأمن رقم 1701 يفرض نزع سلاح الجماعات غير الحكومية جنوب لبنان، يرفض حزب الله الالتزام، معتبرًا أسلحته ضرورة للمقاومة. تعترف الحكومة اللبنانية والجيش بعدم القدرة على فرض نزع السلاح بالقوة، خشية اندلاع صراع داخلي. تعتبر إسرائيل أن استمرار حزب الله على الحدود يهدد الاستقرار طويل المدى، وقد نفذت ضربات محدودة ضد أهدافه، بينما تستمر إيران في تزويده بالتمويل والأسلحة، ما يزيد التوترات ويهدد المنطقة بنقطة حرجة.
غزة ومرحلة ما بعد الصراع: غياب آلية نزع السلاح
تظل حماس قوة مسلحة في غزة رغم العمليات الإسرائيلية والوساطة الدولية. ترفض الحركة نزع السلاح كشرط لأي هدنة أو اتفاق لاحق. يقترح الأمريكيون مرحلة ثانية من الهدنة، للانتقال من القتال النشط إلى ترتيب أمني وحكومي مستدام، لكن لا يلتزم أي طرف دولي أو عربي بتنفيذ نزع السلاح. ترفض الدول العربية المواجهة المباشرة للحركة، مما يجعل المرحلة الثانية بلا آلية تنفيذ فعالة ويزيد شكوك إسرائيل حول قدرة الاتفاق على منع هجمات مستقبلية.
التصعيد المتسلسل: تهديد شامل للمنطقة
وتزيد العمليات العسكرية في غزة من الضغط على الحدود الشمالية مع لبنان، وتزيد احتمالات مواجهة إيران. تؤدي أي ضربات إيرانية أو إسرائيلية إلى دفع الحوثيين لاستئناف الهجمات الصاروخية على حركة السفن في البحر الأحمر. يزداد نشاط إيران في العراق بالتزامن مع أي تصعيد في مناطق أخرى. هذه الأنماط ليست نظرية، بل تعكس تجارب السنوات العشر الماضية، مضغوطة الآن بالجداول الزمنية الصارمة وجهود إعادة التسليح وتآكل الردع.
السياسة الأمريكية: ضمان استقرار حقيقي
كما تركز السياسة الأمريكية على حماية إسرائيل بشكل فعّال وإرسال رسالة واضحة للأطراف الإقليمية بأن أي تصعيد لن يحقق مكاسب استراتيجية. تعزز الولايات المتحدة الردع الإقليمي، تحمي التجارة البحرية، وتفرض تكاليف مباشرة على أي طرف يختار التصعيد عبر وكلائه. توضع ترتيبات أمنية قابلة للتنفيذ، وتُنشأ آليات إدارة الأزمات للحفاظ على مساحة القرار أثناء الأزمات ومنع الأخطاء الحسابية.
ورغم عدم اندلاع حرب مفتوحة، تقلص تداخل النزاعات، ونماذج الردع القائمة على الوكلاء، والجداول الزمنية لنزع السلاح هامش الخطأ بشكل كبير.