< أبرز الشخصيات المؤثرة في السياسة الخارجية في ولاية ترامب الثانية
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

أبرز الشخصيات المؤثرة في السياسة الخارجية في ولاية ترامب الثانية

الرئيس نيوز

مع اقتراب إدارة ترامب الثانية من إتمام عامها الأول بالبيت الأبيض، سلطت مجلة فورين بوليسي الضوء على شبكة الشخصيات التي تتحكم في رسم الملامح الدقيقة للسياسات الخارجية الأمريكية.

وبخلاف ولايته الأولى التي اتسمت باضطراب كبير وتغييرات متكررة في المناصب، فإن الولاية الثانية كشفت استقرارا نسبيا في الفريق، مع بروز بعض الأسماء الجديدة التي توسع نفوذها بثبات لافت خلال الأشهر الأخيرة

وقبيل عامها الثاني، بدت إدارة دونالد ترامب أقل صخبا من ولايته الأولى، لكنها لم تكن أقل إثارة للجدل. فخلف الواجهة الرسمية للبيت الأبيض، تشكلت شبكة نفوذ معقدة من شخصيات رسمية وأخرى غير رسمية، لعبت أدوارا حاسمة في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية. وترصد المجل التحولات داخل دائرة صنع القرار، وأبرز الأسماء التي بات لها تأثير مباشر على توجهات واشنطن الخارجية خلال هذه المرحلة.

صورة معبرة عن بنية النفوذ

نشرت المجلة صورة مرافقة لتحليلها، يظهر فيها ترامب يتلقى همسا في أذنه، وتحيط به وجوه بارزة من مستشاريه وحلفائه السياسيين، وهي صورة تلخص بدقة طبيعة صناعة القرار في ولايته الثانية.

فالرئيس الأمريكي بدا مرة أخرى في مركز الدائرة، لكن القرار لم يعد فرديا خالصا كما كان في ولايته الأولى، بل تحول بالأحرى إلى نتاج توازن بين شخصيات تمتلك الخبرة المؤسسية والقدرة على التأثير السياسي والإعلامي.

ماركو روبيو: من مجلس الشيوخ إلى مطبخ القرار

برز السيناتور الجمهوري ماركو روبيو كأحد أكثر الأصوات تأثيرًا في السياسة الخارجية، خاصة في ملفات الصين وأمريكا اللاتينية. 

روبيو، الذي بنى مسيرته على خطاب متشدد تجاه بكين، لعب دورا محوريًا في دفع الإدارة إلى تبني سياسات أكثر صرامة اقتصاديًا واستراتيجيا. 

وتشير قورين بوليسي إلى أن ظهور روبيو في الصورة وهو قريب من ترامب ليس مصادفة، بل يعكس مكانته المتنامية كمستشار غير رسمي، قادر على التأثير من خارج الهياكل التنفيذية التقليدية.

روبرت أوبراين: استمرارية نهج الأمن القومي

رغم مغادرته المنصب الرسمي، حافظ روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي السابق، على حضور قوي داخل إدارة ترامب الثانية. 

وكان أوبراين من أبرز مهندسي سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، وداعمًا لتقليص الانخراط العسكري الأمريكي في النزاعات الخارجية. 

ويعكس استمرار نفوذه رغبة ترامب في الحفاظ على الخطوط العريضة التي رسمها فريقه الأمني خلال الولاية الأولى، مع تقليل حدة الارتباك الذي اتسمت به تلك المرحلة.

جاريد كوشنر: الشرق الأوسط عبر القناة العائلية

لم يغادر جاريد كوشنر المشهد، بل ظل لاعبًا أساسيًا في ملفات الشرق الأوسط. دوره في دفع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية جعله أحد أبرز مهندسي السياسة الإقليمية للإدارة.

وترجح المجلة أن استمرار تأثير كوشنر يؤكد اعتماد ترامب على الدائرة العائلية في القضايا الحساسة، خصوصا تلك التي تتطلب قنوات اتصال غير تقليدية ومرونة سياسية خارج الأعراف الدبلوماسية الأمريكية المعتادة.

مايك بومبيو: الصوت الصارم في الخلفية

ويبقى وزير الخارجية السابق مايك بومبيو حاضرًا كمرجعية فكرية وسياسية واستشارية، رغم خروجه من المنصب. وساهم بومبيو، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه إيران والصين، في ترسيخ الخطاب الجمهوري الذي يرى في بكين التهديد الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة.

ويشير التقرير إلى أن ترامب لا يزال يستأنس بآراء بومبيو، خاصة في القضايا الكبرى، ما يمنحه نفوذًا غير رسمي لا يقل أهمية عن المناصب التنفيذية.

إلبريدج كولبي: العقل الاستراتيجي الجديد

من بين الأسماء التي توسع نفوذها خلال الأشهر الأخيرة، يبرز إلبريدج كولبي، المفكر الاستراتيجي الذي دفع بقوة نحو إعادة توجيه القدرات العسكرية الأمريكية لمواجهة الصين في المحيطين الهندي والهادئ.

ويمثل كولبي جيلًا جديدًا من صناع الفكر الأمني داخل الحزب الجمهوري، ويرى أن التركيز المفرط على الشرق الأوسط أضعف الاستعداد الأمريكي للتحدي الصيني، وهو طرح لقي صدى متزايدا داخل إدارة ترامب الثانية.

كيليان كونواي: السياسة الخارجية بلغة الداخل

رغم أن دورها كان تقليديا مرتبطًا بالإعلام والخطاب السياسي، فإن كيليان كونواي لعبت دورًا لافتًا في ربط السياسة الخارجية بالخطاب الشعبوي الداخلي. 

وساهمت كونواي في تسويق قرارات ترامب الخارجية باعتبارها امتدادًا مباشرًا لشعار “أمريكا أولا”، وهو ما ساعد على تأمين قاعدة دعم شعبية لسياسات أثارت انتقادات حادة في الخارج.

ملامح السياسة الخارجية في الولاية الثانية

وخلصت المجلة إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية اتسمت بقدر أكبر من الاستقرار المؤسسي مقارنة بالفترة الأولى. تراجع معدل الإقالات والتغييرات المفاجئة، في مقابل صعود نفوذ شخصيات بعينها. إلا أن الصين وإيران ظلتا على رأس قائمة التحديات، بينما حافظ الشرق الأوسط على موقعه كساحة مركزية مع استمرار دعم إسرائيل وتهميش القضية الفلسطينية. أما العلاقة مع أوروبا، فبقيت باردة، تتخللها انتقادات متكررة لحلف الناتو وتقاسم الأعباء.

ويشير المشهد العام إلى أن ترامب يعتمد في ولايته الثانية على شبكة أكثر تماسكا من المستشارين، تجمع بين أصحاب المناصب الرسمية وشخصيات غير رسمية ذات نفوذ واسع. 

هذا النموذج منح السياسة الخارجية الأمريكية وضوحا أكبر في الأولويات، لكنه في الوقت نفسه جعلها رهينة لرؤية شخصية للرئيس، مدعومة بدائرة ضيقة من المستشارين. وبينما وفر هذا النهج قدرا من الاستقرار الداخلي، فإنه أبقى السياسة الخارجية الأمريكية في قلب الجدل الدولي، وسط تساؤلات مستمرة حول استدامتها وتكلفتها الاستراتيجية على المدى الطويل.

وتؤكد فورين بوليسي أن ترامب في ولايته الثانية اعتمد على شبكة أكثر استقرارًا من المستشارين، مع بروز أصوات جديدة توسع نفوذها مثل ماركو روبيو وإلبريدج كولبي. 

هذا المزج بين الرسمي وغير الرسمي جعل السياسة الخارجية الأمريكية أكثر وضوحا في أولوياتها (الصين، إيران، الشرق الأوسط)، لكنها بقيت مثيرة للجدل بسبب اعتمادها على رؤية شخصية للرئيس مدعومة بشبكة ضيقة من المستشارين.