رسالة ردع جديدة.. إيران تكشف عن صاروخ "قدر-380"
في خطوة عسكرية تحمل رسائل استراتيجية بالغة الدقة، كشفت إيران عن صاروخ جديد مضاد للسفن يحمل اسم "قدر-380"، مصمم لضرب القطع البحرية الثقيلة بدقة عالية ومدى بعيد.
هذا الكشف، الذي وصفه موقع ذا ناشيونال إنترست الأمريكي بأنه قادر على "خلق جحيم" للبحرية الأمريكية، يعكس تحولًا نوعيًا في أدوات الردع البحري الإيراني، ويضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من التهديدات غير التقليدية.
الصاروخ يتمتع بمدى يصل إلى 380 كيلومترًا، ويتميز بقدرة على المناورة في المرحلة النهائية من الطيران، ما يصعّب على أنظمة الدفاع الجوي اعتراضه.
وهو مزوّد برأس حربي شديد الانفجار، ويعمل بتقنية الدفع الصاروخي متعددة المراحل، مما يمنحه قدرة على تجاوز الحواجز الدفاعية المتقدمة، ويجعل حاملات الطائرات والسفن الحربية في مرمى الاستهداف المباشر.
ويتزامن هذا التطور مع تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي يُعتقد أن بعضها تم باستخدام تقنيات إيرانية.
وفي حال تم نشر "قدر-380" في مناطق قريبة من مضيق باب المندب أو السواحل اليمنية، فإن ذلك سيغيّر قواعد الاشتباك البحري، ويجعل من تأمين الملاحة الدولية مهمة محفوفة بالمخاطر.
وأضاف التحليل الذي نشره ذا ناشيونال إنترست أن إيران لم تعد تكتفي بتطوير أسلحة تقليدية، بل باتت تعتمد على منظومات متقدمة تهدف إلى إرباك الخصوم ورفع تكلفة التدخل العسكري. فـ"قدر-380" ليس مجرد إضافة تقنية، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تقوم على نشر تهديدات متعددة في نقاط حساسة من الممرات البحرية، بهدف فرض واقع جديد على القوى الغربية.
وفي واشنطن، يتزايد القلق من تداعيات هذا الصاروخ على الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. الدعوات داخل الكونغرس لإعادة تقييم الانتشار البحري في الشرق الأوسط تتصاعد، وسط تنامي النفوذ الإيراني وتزايد التهديدات التي يصعب احتواؤها بالوسائل التقليدية.
البحرية الأمريكية، التي لطالما اعتمدت على تفوقها التكنولوجي، تجد نفسها أمام خصم يستخدم أدوات ذكية وتكتيكات إرباك بحري بدلًا من المواجهة المباشرة.
ولفت التقرير إلى أن دولًا مثل السعودية والإمارات، التي تعتمد جزئيًا على الوجود الأمريكي لضمان استقرار الملاحة، باتت أمام ضرورة مراجعة استراتيجياتها الدفاعية. فأمن البحر الأحمر لم يعد ملفًا إقليميًا محدودًا، بل تحول إلى قضية دولية تتداخل فيها المصالح التجارية والعسكرية والسياسية.
وقد تتجه هذه الدول نحو تنويع تحالفاتها الأمنية، والانفتاح على قوى آسيوية مثل الهند واليابان، أو تعزيز قدراتها الذاتية لمواجهة التهديدات البحرية المتصاعدة.
ويعكس "قدر-380" تحولًا في فلسفة الردع الإيرانية، ويؤكد أن طهران تسعى إلى فرض معادلة جديدة في البحر الأحمر، حيث تتحول الممرات البحرية من خطوط عبور إلى ساحات اشتباك محتملة.
هذا الصاروخ، الذي يجمع بين المدى الطويل والدقة العالية، يضع المنطقة أمام تحديات أمنية متسارعة، ويجبر القوى الكبرى على إعادة حساباتها فيما يتعلق بالانتشار البحري والتنسيق الدفاعي والاستجابة السريعة للتهديدات المتطورة.
وفي ظل هذه المعطيات، لم يعد البحر الأحمر مجرد ممر استراتيجي، بل أصبح مسرحًا مفتوحًا لتكتيكات الردع الإيرانية، التي تراهن على إرباك الخصوم وتوسيع نطاق التأثير وفرض واقع جديد على القوى البحرية العالمية. فـ"قدر-380" ليس رقمًا في ترسانة طهران، بل نقطة تحوّل في ميزان القوى البحري في الشرق الأوسط، ورسالة واضحة بأن إيران تملك القدرة على تهديد المصالح الغربية في أي وقت، وبأدوات يصعب التنبؤ بها.