< د. حسام البحيري يكتب: تحديث التصنيع لتحقيق النمو التحويلي
الرئيس نيوز
رئيس التحرير
شيماء جلال

د. حسام البحيري يكتب: تحديث التصنيع لتحقيق النمو التحويلي

الرئيس نيوز

تبني مستقبل التصنيع يتطلب منهجًا يضع التكنولوجيا الرقمية في المقام الأول. هذا يعني دمج الحلول الرقمية ليس فقط كأدوات مساعدة، بل كعناصر أساسية تشكل كل جانب من جوانب عملية التصنيع، من التصميم إلى الإنتاج وحتى خدمة ما بعد البيع. الهدف هو بناء أنظمة تصنيع أكثر ذكاءً، كفاءة، مرونة، واستدامة.

  • لماذا "الرقمية أولًا" في التصنيع؟

اعتماد نهج "الرقمية أولًا" في التصنيع هو استجابة حتمية للتحولات العالمية في السوق والتقنيات المتاحة. إنه يسمح للمصنعين بما يلي:

  • زيادة الكفاءة التشغيلية: من خلال الأتمتة والتحليلات المتقدمة، يمكن تقليل الأخطاء، تحسين استخدام الموارد، وتسريع دورات الإنتاج بشكل كبير.
  • تعزيز الابتكار: تتيح الأدوات الرقمية تطوير المنتجات بشكل أسرع وأكثر فعالية، وتجربة نماذج أعمال جديدة، وتقديم خدمات ذات قيمة مضافة.
  • تحسين المرونة والقدرة على التكيف: في مواجهة الاضطرابات (مثل تحديات سلسلة التوريد أو تغيرات السوق المفاجئة)، توفر الأنظمة الرقمية القدرة على الاستجابة والتكيف بسرعة.
  • تحقيق الاستدامة: تساعد التقنيات الرقمية في مراقبة استهلاك الطاقة والموارد، تقليل النفايات، وتحسين البصمة البيئية للمصنع.
  • اكتساب ميزة تنافسية: الشركات التي تتبنى هذا النهج تكون في وضع أفضل لتجاوز المنافسين، وجذب المواهب، وتلبية توقعات العملاء المتزايدة.

بينما يوفر النهج الرقمي أولًا فرصًا هائلة، فإنه يأتي أيضًا مع تحديات:

  • التكاليف الأولية: قد تكون الاستثمارات الأولية في التكنولوجيا والبنية التحتية كبيرة.
  • تعقيد التكامل: دمج الأنظمة القديمة مع التقنيات الجديدة يمكن أن يكون معقدًا.
  • نقص المهارات: توفر المواهب ذات المهارات الرقمية المتخصصة في التصنيع لا يزال يمثل تحديًا.
  • المقاومة للتغيير: قد يقاوم بعض الموظفين أو الإدارة التغيير في طرق العمل التقليدية.

تجاوز هذه التحديات يتطلب قيادة قوية، استراتيجية واضحة، التزامًا بالاستثمار، وتركيزًا على إدارة التغيير. الشركات التي تنجح في تبني هذا النهج ستكون هي الرائدة في تشكيل مستقبل التصنيع العالمي.

في بيئة الأعمال التنافسية اليوم، لم يعد التحول الرقمي مجرد خيار، بل أصبح ضرورة استراتيجية لتحقيق والحفاظ على ميزة تنافسية مستدامة. إن الاستفادة من التحولات الرقمية لا تتعلق فقط بتطبيق التكنولوجيا، بل بإعادة تشكيل العمليات ونماذج الأعمال وثقافة الشركة بأكملها لتقديم قيمة أكبر للعملاء والمساهمين.

ولتحقيق أقصى استفادة من التحولات الرقمية وتحقيق ميزة تنافسية، يجب على الشركات اتباع استراتيجية شاملة تتضمن ما يلي:

  • وضع رؤية واضحة: تحديد الأهداف التجارية التي يسعى التحول الرقمي لتحقيقها (على سبيل المثال: زيادة رضا العملاء، خفض التكاليف، دخول أسواق جديدة).
  • الاستثمار في التكنولوجيا المناسبة: اختيار التقنيات التي تتوافق مع الأهداف الاستراتيجية للشركة، مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، الحوسبة السحابية، تحليلات البيانات.
  • إعادة هندسة العمليات: لا يكفي مجرد رقمنة العمليات القديمة؛ يجب إعادة تصميمها لتحقيق أقصى استفادة من الإمكانات الرقمية.
  • تنمية المواهب والمهارات: تدريب وتمكين القوى العاملة الحالية وتوظيف مواهب جديدة ذات مهارات رقمية متقدمة.
  • الأمن السيبراني أولًا: مع زيادة الترابط الرقمي، يجب أن يكون الأمن السيبراني جزءًا لا يتجزأ من أي استراتيجية تحول رقمي لحماية الأصول والبيانات.
  • بناء ثقافة محركها البيانات: تشجيع اتخاذ القرارات بناءً على البيانات والرؤى المستقاة من التحليلات الرقمية.
  • الشراكات الاستراتيجية: التعاون مع شركات التكنولوجيا أو الشركاء الآخرين لتسريع عملية التحول واكتساب الخبرات اللازمة.

من خلال تبني هذه المنهجية الشاملة، يمكن للشركات تحويل التحديات الرقمية إلى فرص ذهبية، مما يؤدي إلى تحقيق ميزة تجارية قوية ومستدامة في السوق المتطورة باستمرار.

لتحقيق النمو التحويلي في قطاع التصنيع، تحتاج الشركات إلى تبني تحديثات شاملة لا تقتصر على تحسين الكفاءة التشغيلية فحسب، بل تمتد لتشمل إعادة تعريف نماذج الأعمال، المنتجات، وسلاسل القيمة بأكملها.

  • ما هو النمو التحويلي في التصنيع؟

النمو التحويلي في التصنيع يتجاوز مجرد الزيادات التدريجية في الإنتاج أو المبيعات. إنه ينطوي على إعادة تصور جوهرية لكيفية عمل الشركات المصنعة، مدفوعة بالتكنولوجيا والابتكار والاستدامة. الهدف هو تحقيق قفزات كبيرة في:

  • الكفاءة التشغيلية: تقليل التكاليف، وتحسين جودة المنتج، وزيادة الإنتاجية بشكل كبير.
  • المرونة والقدرة على التكيف: الاستجابة السريعة لمتطلبات السوق المتغيرة، واضطرابات سلسلة التوريد، والفرص الجديدة.
  • الابتكار: تطوير منتجات وخدمات جديدة، ونماذج أعمال مبتكرة.
  • الاستدامة: تقليل البصمة البيئية وتحسين الأداء الاجتماعي والحوكمة.
  • القدرة التنافسية: اكتساب ميزة تنافسية مستدامة في السوق العالمية.

تحديث التصنيع لتحقيق النمو التحويلي هو مسار استراتيجي يعتمد على دمج التكنولوجيا، والابتكار، والاستدامة في العمليات الصناعية بهدف تحقيق قفزات نوعية في الإنتاجية، والكفاءة، والقدرة التنافسية. فيما يلي عرض شامل للعناصر الرئيسية لتحقيق هذا النمو التحويلي:

أولًا: مفهوم النمو التحويلي في التصنيع

هو الانتقال من نموذج صناعي تقليدي يعتمد على الإنتاج الضخم واليدوي، إلى نموذج ذكي ورقمي ومستدام قادر على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق والتكنولوجيا.

ثانيًا: الركائز الأساسية لتحديث التصنيع

  • الرقمنة والتحول الرقمي
  • تبني تقنيات الصناعة: مثل إنترنت الأشياء (IoT)، الحوسبة السحابية، البيانات الضخمة (Big Data)، الذكاء الاصطناع  (AI).
  • استخدام التحليلات التنبؤية لاتخاذ قرارات مبنية على البيانات.
  • تطوير مصانع ذكية (Smart Factories)  بقدرة ذاتية على التكيف والتحسين.
  • الأتمتة والروبوتات الصناعية
  • إدخال الروبوتات التعاونية (Cobots) لتحسين الإنتاجية وتقليل الأخطاء البشرية.
  • استخدام أنظمة تحكم ذكية لمراقبة الجودة والإنتاج.
  • الاستدامة والاقتصاد الدائري
  • تقليل الانبعاثات الكربونية واستهلاك الموارد.
  • إعادة تدوير المخلفات الصناعية واستخدام الطاقة المتجددة.
  • تصميم منتجات قابلة لإعادة التصنيع أو التفكيك بسهولة.
  • تطوير رأس المال البشري
  • تدريب العمال والمهندسين على المهارات الرقمية والتقنية.
  • تعزيز ثقافة الابتكار والعمل الجماعي.
  • التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث.
  • الابتكار في النماذج الصناعية
  • تبني التصنيع حسب الطلب (Mass Customization).
  • استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لتسريع نماذج الإنتاج.
  • تسريع دورة تطوير المنتجات (Time to Market).

ثالثًا: آثار تحديث التصنيع على النمو

المجال

الأثر الرئيسي

الإنتاجية

مضاعفة الكفاءة وتقليل التكاليف

التنافسية

تحسين جودة المنتجات وزمن التسليم

التوظيف

خلق وظائف جديدة تتطلب مهارات متقدمة

الاقتصاد الوطني

تحفيز الصادرات وجذب الاستثمارات

البيئة

تقليل الأثر البيئي وتحقيق الاستدامة

رابعًا: نماذج ناجحة عالمية

  • ألمانيا: برنامج "الصناعة 4.0" لتطوير التصنيع الذكي.
  • الصين: استراتيجية "صُنع في الصين 2025".
  • سنغافورة: التحول إلى مركز إقليمي للروبوتات الذكية والتقنيات المتقدمة.

خامسًا: توصيات استراتيجية

  • وضع سياسات وطنية للتصنيع الذكي.
  • تحفيز الاستثمار في البحث والتطوير الصناعي.
  • دعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
  • تطوير حاضنات صناعية رقمية للمشاريع الناشئة.
  • إنشاء منصات بيانات صناعية موحدة تربط الجهات المعنية.

إن تسريع وتيرة الابتكار من خلال الذكاء الاصطناعي (AI) هو استراتيجية حاسمة للشركات التي تسعى للبقاء في طليعة المنافسة. فالذكاء الاصطناعي لا يقتصر على أتمتة المهام فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز القدرات البشرية، واكتشاف رؤى جديدة، وتسريع دورات الابتكار بشكل لم يسبق له مثيل.يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع الابتكار من خلال عدة آليات رئيسية:

  • تحليل البيانات الضخمة واكتشاف الأنماط 

تحديد الفرص: يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات (مثل بيانات السوق، سلوك العملاء، بيانات البحث والتطوير) لتحديد الاتجاهات الناشئة، الفجوات في السوق، والفرص الجديدة للابتكار التي قد يصعب على البشر اكتشافها.

تحسين الرؤى: يوفر الذكاء الاصطناعي رؤى عميقة حول أداء المنتجات، تفضيلات العملاء، وكفاءة العمليات، مما يوجه فرق الابتكار نحو المجالات الأكثر تأثيرًا.

  • تسريع البحث والتطوير (R&D) 

تصميم المنتجات المحسّن: يمكن للذكاء الاصطناعي المساعد في تصميم منتجات جديدة من خلال توليد أفكار تصميمية بناءً على معايير محددة (التصميم التوليدي)، وتحسين التصاميم الحالية لتحقيق أداء أفضل أو تكلفة أقل.

محاكاة واختبار أسرع: تتيح نماذج الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية محاكاة واختبار المنتجات والعمليات في بيئة افتراضية، مما يقلل من الحاجة إلى النماذج الأولية المادية المكلفة ويقلل من وقت دورة التطوير.

اكتشاف المواد الجديدة: يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف وتطوير مواد جديدة ذات خصائص فريدة من خلال تحليل قواعد بيانات ضخمة من التركيبات الكيميائية والفيزيائية.

  • أتمتة المهام المعقدة والمتكررة 

تحرير الموارد البشرية: من خلال أتمتة المهام المتكررة والمستهلكة للوقت في البحث والتطوير أو التصنيع، يحرر الذكاء الاصطناعي المهندسين والعلماء والمصممين للتركيز على المهام الأكثر إبداعًا واستراتيجية.

تقليل الأخطاء: تزيد الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي من الدقة وتقلل من الأخطاء، مما يسرع عملية الابتكار عن طريق تقليل الحاجة إلى إعادة العمل.

  • تعزيز التعاون البشري-الذكاء الاصطناعي 

أدوات المساعدة الذكية: يعمل الذكاء الاصطناعي كـ "مساعد" لفرق الابتكار، حيث يقدم اقتراحات، ويحلل البيانات، ويولد الأفكار، مما يعزز الإبداع البشري بدلًا من استبداله.

التعلم المشترك: يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تتعلم من تفاعلاتها مع البشر، وتتكيف مع احتياجاتهم، وتصبح أكثر فعالية في دعم عملية الابتكار بمرور الوقت.

  • التخصيص والابتكار الموجه بالعميل 

فهم أعمق للعملاء: يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات العملاء من مصادر متعددة لفهم الاحتياجات غير الملباة، وتحديد التفضيلات الفردية، وتوقع السلوك المستقبلي.

الابتكار الموجه: يمكن استخدام هذه الرؤى لتوجيه جهود الابتكار نحو تطوير منتجات وخدمات مخصصة للغاية تلبي احتياجات شرائح محددة من العملاء، مما يخلق ميزة تنافسية قوية.

  • تسريع دورة الابتكار الشاملة 

من الفكرة إلى السوق: من خلال تحسين كل مرحلة من مراحل دورة الابتكار (من توليد الأفكار إلى التصميم، الاختبار، الإنتاج، والتسويق)، يقلل الذكاء الاصطناعي بشكل كبير من الوقت المستغرق لإطلاق منتجات وخدمات جديدة في السوق.

التحسين المستمر: يتيح الذكاء الاصطناعي مراقبة أداء المنتجات في السوق وجمع الملاحظات في الوقت الفعلي، مما يسمح للشركات بالتحسين والتكرار بسرعة، والحفاظ على ميزة الابتكار.

ومن أمثلة على تسريع الابتكار بالذكاء الاصطناعي

  • تصنيع الأدوية: يستخدم الذكاء الاصطناعي لتسريع اكتشاف الأدوية من خلال التنبؤ بخصائص الجزيئات وتصميم مركبات جديدة، مما يقلل بشكل كبير من الوقت والتكلفة اللازمين لإطلاق أدوية جديدة.
  • تصميم السيارات: تستخدم شركات السيارات الذكاء الاصطناعي في التصميم التوليدي لإنشاء أجزاء خفيفة الوزن وقوية، وتحسين الديناميكا الهوائية، وتسريع عملية تطوير النماذج الجديدة.
  • الخدمات المالية: تستخدم البنوك الذكاء الاصطناعي لابتكار منتجات مالية مخصصة، واكتشاف الاحتيال، وتحسين تجربة العملاء من خلال المستشارين الماليين الافتراضيين.

إن تسريع وتيرة الابتكار من خلال الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارًا ليس فقط في التكنولوجيا، بل أيضًا في تطوير المهارات، وإعادة تشكيل العمليات، وبناء ثقافة تنظيمية تحتضن التجريب والتعاون بين الإنسان والآلة. الشركات التي تتبنى هذا النهج ستكون في وضع أفضل لقيادة أسواقها وتشكيل مستقبل صناعاتها.