الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

عمرو غلاب يكتب: الطريق إلى توطين الصناعات فى مصر

الرئيس نيوز

"الصناعة قاطرة التنمية" عبارة لا يختلف عليها أحد، ولكن تشغيل هذه القاطرة بحق لتجر وراءها باقى عربات القطار يتطلب الكثير والكثير، وهو ما استبشرته خيرا بإعلان الحكومة تفاصيل البرنامج الوطنى للإصلاح الهيكلى للاقتصاد، والذى اعتمد على هيكلة 3 قطاعات رئيسية تصدرها الصناعات التحويلية.

لسنوات طويلة تتحدث الحكومات المتعاقبة عن الاهتمام بالصناعة، ولكن الأمر لا يعدو مجرد الحديث، واستمرت الصناعة تعانى الكثير من المشاكل والمعوقات التى تحد من قدرتها على الإنتاج مرتفع الجودة منخفض التكلفة الذى يسمح لها بالمنافسة المحلية والخارجية، ويحد من قدرتنا على جذب الاستثمارات الأجنبية التى تبحث عن موطن لها يخلو من التعقيدات، ولكن بوجود خطة حقيقية لإعادة الهيكلة تضع نصب أعينها إعادة هيكلة كل ما يتعلق بالصناعة التحويلية والتكنولوجيا، والتركيز على توطين الصناعات عالية التكنولوجيا والصناعات كثيفة العمالة ذات القيمة المضافة للاقتصاد.

وهنا سبق إعلان الخطة خطوات حقيقية على الأرض، فتوجه الدولة نحو دعم إنشاء المدن الصناعية المتخصصة بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وآخرها مدينة صناعة الدواء بالخانكة الأكبر فى الشرق الأوسط، التى تستهدف تصنيع وإنتاج الأدوية واللقاحات بأحدث التكنولوجيا على مساحة 180 ألف متر مربع، هى نقلة نوعية جديدة لصناعة الدواء فى مصر.

فلا جدال على أن صناعة الدواء من أهم الصناعات الاستراتيجية فى أى دولة، واكتسبت أهمية متزايدة بعد أزمة تفشى فيروس كوفيد 19 عالميا، وتسارع شركات الدواء للوصول إلى لقاحات وعلاج للفيروس، وبلغت حجم الاستثمارات بهذا القطاع عالميا إلى 1.25 تريليون دولار عام 2019، وهى صناعة ضخمة جدا، ولكن فى مصر مازال هذا القطاع يخطو خطوات بطيئة لوجود الكثير من المعوقات والتى أبرزها على سبيل المثال لا الحصر، ضعف البحث العلمى والتطوير الذى يجب أن يواكب تطور حجم القطاع، كما أننا نستورد ما يزيد عن 90% من المواد الخام من الخارج، وهو أحد أهم معوقات الصناعة، والذى يتطلب خطة متكاملة لتغيير هذا الوضع وتوطين صناعة المواد الخام.

بوجود مدينة صناعية متكاملة للدواء فى مصر تتميز بأحدث التكنولوجيات العالمية، سيكون طريق توطين مراحل الصناعة المختلفة أقصر بداية من المواد الخام، تتعاظم فيها سلسلة القيمة ويحتل فيها البحث العلمى والتطوير مكانته التى يستحقها، ستنقل مصر فى مكان آخر تماما، لتكتفى ذاتيا من الدواء وتكون مركزا صناعيا تصديريا للشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما يحسن ترتيبها بين الدول المصدرة للدواء من المرتبة 69 عالميا، لتحتل مراكز متقدمة تعبر بحق عن مكانة مصر.

المدن الصناعية المتخصصة لا شك أنها ستحقق الكثير من الأهداف الخاصة بتوطين الصناعات وتعظيم سلاسل القيمة بما يجعلها طريقا جيدا لجذب استثمارات كبرى الشركات العالمية فى هذه المجالات، ووجود خطة وطنية لإعادة الهيكلة الاقتصادية ترتكز على اهتمام حقيقى بالصناعات التحويلية والصناعات التكنولوجية، بلا شك طريقا حقيقيا لتوطين صناعات كبرى وصناعات صغيرة تخدم الكيانات العملاقة، لتصبح مصر مركزا صناعيا بالقارة الأفريقية ينتج ويصنع ويصدر لكل الأشقاء بالقارة السمراء التى يجب أن تحتل مكانها الطبيعى فى القلب منها.