الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

مقرئ ومنشد ومغننِ.. الشيخ محمد الفيومي "الأزهري الفنان"

الرئيس نيوز

يعد الشيخ محمد الفيومي من أساطين دولة التلاوة والابتهالات الدينية في القرن العشرين، وكان صوته المعبر يوصل الرسالة الروحية للقلوب بمنتهى الحب والائتلاف، ما دفع السينمائيون للاستعانة به في السينما، وذلك بمشاركته في أفلام سينمائية تعد من كلاسيكيات الفن السابع المصري.

ولد الشيخ محمد الفيومي في 25 مارس 1905، بحي الجمالية بالقاهرة وسط منابع الروحانيات والأجواء السماوية الممثلة في المساجد العتيقة بقاهرة المعز، مشاركًا أستاذ المنشدين والمقرئين الشيخ علي محمود في الانتساب لتلك البقعة المطهرة المُشَّرفة بوجود الأجسام الطاهرة لآل البيت.

ولد الفيومي كفيفًا، ليؤهل من قِبل الأقدار للفوز ببصيرة كتاب الله الكريم، في منزل علم وتقوى، حيث كان والده عالمًا أزهريًا جليلاً بجانب عمله مصححًا للغة العربية بمنارة الإسلام الأزهر الشريف.
التحق الفيومي بالأزهر الشريف عام 1915، وهو في العاشرة من عمره وحفظ القرآن الكريم كاملاً مرتلاً ومجودًا على يد الشيخ الأزهري حسن الجريسي، ليحترف بثقة كاملة مهنة تلاوة القرآن بالمساجد والمآتم.

كان من عشاق الملحن دواود حسني، عبر الاستماع لطقاطيقه وأدواره وموشحاته التي حفظها عن ظهر قلب، ليجمع بين تجويد القرآن والإنشاد الديني والغناء.

استمع له داود حسني في إحدى السهرات غناءً وإنشادًا، لينصحه بالتركيز في مجال الإنشاد والإبتهال الديني لمدى مناسبتهما لصوته الجميل الفياض بالشجن والرقة المحببة للقلوب والآذان.

استجاب الشيخ الفيومي لنصيحة الأستاذ داود حسني وأقبل على الإنشاد متأثرًا ومستمعًا وناهلاً من كبار المنشدين والمبتهلين، على رأسهم أستاذه المبجل الشيخ علي محمود، الذي شُبه به من قِبل المستمعين توكيدًا لخلافته له بمسجد الحسين في نفس العام، لقراءة السورة يوم الجمعة مع رفع الآذان يوميًا، وذلك عقب وفاة أستاذه يوم 21 ديسمبر 1946.

عُرف عن الفيومي حُسن المعشر والمجلس، ما جعل منزله قبلةً للمبدعين والفنانين والأدباء الذين تعلقوا بصوته الفياض من باطن التمسك بمناجاة الله عز وجل، وهو ما دفع المخرج حسين فوزي للاستعانة به مع بطانته الكبيرة في فيلم "عزيزة" عام 1954 لنعيمة عاكف وعماد حمدي وفريد شوقي في مشهد المولد، ودفع ملك الترسو للاستعانة به أيضًا في فيلمه الشهير من إخراج نيازي مصطفى "رصيف نمرة 5" عام 1956، في مشهد احتفال بطل الفيلم بنجاح ابنه.

استعان به الموسيقار عبدالحليم نويرة عام 1972 للإشراف على تحفيظ أعضاء فرقة الموسيقى العربية لتراث الإنشاد والابتهالات لأساطين هذا الفن، كالشيخ علي محمود والشيخ يوسف المنيلاوي والشيخ زكريا أحمد والشيخ طه الفشني، للحفاظ على إرثهم الجميلمن الإندثار عبر العنعنة والتداول بين الأجيال المختلفة.

توفي الشيخ محمد الفيومي يوم 10 أبريل 1988 تاركًا تراثًا عريقًا، لازال متداولاً بين مختلف المنشدين والمقرئين، مع إذاعتها بالإذاعة في فترات مختلفة، ومن هذه الابتهالات: "إلهي"، "أضاء لنا بالكتاب المبين"، "امدح المكمل أحمد الرسول"، "يا أرشد داع إلى طريق الفلاح".