الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| طارق لطفي: ملابس دوري في «القاهرة-كابول» من أفغانستان والسعودية.. والدراما أقوى تأثيرا من الوعظ

الرئيس نيوز

- لم أتعرض لتهديد من جماعات الإسلام السياسي ولكن تعرضت للشتيمة

-  شخصية "الشيخ رمزي" خليط من التناقضات وميكس واقعي بين عدد من الإرهابيين والمتطرفين

-  صعوبة الشخصية تكمن في اختلافي مع أفكارها واقعيا والمخرج حسام علي ساعدني في استحضار روحها

-  لم أتوقع ردود الفعل على بوسترات العمل.. وشقيقتي قالت لي: "شكل بن لادن ألطف منك"

-  ربيت دقني لمدة عام ومكياج الشخصية كان يستغرق ساعتين

-  "القاهرة - كابول" أنسب عمل أعود به للجمهور وغيابي كان مفيد

-  تأجيل العمل جاء في صالحه وكنت أدون ملاحظات أعود إليها قبل استكمال التصوير

- أميل إلى الدراما الغير مباشرة وأراها أسرع وصولا وأعمق تأثيرا

-  لا يمكن مقارنتي بالأستاذ محمود عبدالعزيز وسيحاسبنا الله عما نقدمه للجمهور

- أختار البطولة الجماعية بجانب زملاء موهوبين مثل خالد وفتحي وحنان والأستاذ نبيل الحلفاوي بدلا من البطولة المطلقة


أثار غياب الفنان طارق لطفي الدرامي خلال السنوات الماضية الكثير من التساؤلات لدى الكثيرين، خاصة بعدما حققه من نجاح في أعماله خلال أعوام 2015 و2016 و2017، بمسلسلات "بعد البداية"، "شهادة ميلاد"، و"بين عالمين".. ليعود هذا العام بمفاجأة من العيار الثقيل في  مسلسل "القاهرة - كابول"، الذي يقدم خلاله شخصية جديدة تماما على الدراما المصرية، هي شخصية "الشيخ رمزي" أحد كبار الإرهابيين المتطرفين.. التي ترصد بعمق طبيعة التحولات الفكرية داخل عقول المتطرفين.

خلال حوار خاص لـ"الرئيس نيوز" حول مسلسل "القاهرة - كابول"، يكشف لطفي الكثير عن شخصية "الشيخ رمزي" التي يجسدها خلال الأحداث، نافيا ما تردد عن تعرضه لأي تهديدات من جماعات الإسلام السياسي بسبب شخصية الإرهابي المتطرف، مؤكدًا: "تعرضت فقط لبعض الشتائم عبر مواقع التواصل الاجتماعي فور نشر أفيشات المسلسل".

ويضيف في بداية حديثه أنه ينتظر ردود فعل الجمهور على العمل بنهاية السباق الدرامي الرمضاني، موضحا أنه راض عما قدمه متمنيا أن ينال إعجاب المشاهدين..كما نتطرق لفترة غيابه خلال السنوات الماضية.. وكواليس التنافس بين أبطال العمل.

 وإلى نص الحوار ..


بعد غياب 4 سنوات.. هل ترى أن "القاهرة - كابول" هو العمل الأنسب للعودة إلى الدراما ؟

بالطبع "القاهرة - كابول" هو العمل الأنسب للعودة إلى الشاشة، وحقيقة الغياب لم يكن 4 سنوات بل كان 3 سنوات فقط خاصة أن العمل تأجل بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا، وأرى أنه أنسب عمل للعودة إلى الدراما.

 وبرغم غيابي 3 سنوات عن الجمهور وافتقادي للوقوف أمام الكاميرا، إلا أن فترة الغياب كانت مفيدة جدا لأنني أعدت حساباتي في الكثير من الأمور، وقرار عودتي من خلال مسلسل "القاهرة - كابول" كان قرار مظبوط جدا.

وماذا عن  تفاصيل شخصية "الشيخ رمزي" التي تقدمها في المسلسل؟

بالطبع لا يمكن الحديث باستفاضة عن تفاصيل شخصية "الشيخ رمزي"، ولكن ما يمكن أن أقوله أن "الشيخ رمزي" عبارة عن (ميكس) بين أكثر من شخصية، الأستاذ عبدالرحيم كمال كتب الشخصية بدقة واحترافية شديدة، وتمكن من أن يجمع بين الكثير من الشخصيات ورموز الإرهاب في شخصية واحدة، ليصنع في النهاية شخصية الشيخ رمزي في مسلسل "القاهرة - كابول".

 وأعتقد أن الجمهور سيفاجأ بهذه التركيبة العجيبة للشخصية، فهو رجل يجمع بين الرومانسية والعنف، ولديه كافة التناقضات الغريبة في شخصيته، وللأسف هو شخص يصدق جدا كل ما يفعله ويؤمن به من أفكار.

شخصية بهذه الصعوبة والتناقضات.. كيف كانت مشاعرك أثناء تجسيدها دراميا وأين تكمن صعوبتها؟

الصعوبة الحقيقية كانت في المشاعر بيني وبين الشخصية نفسها، في البداية كانت يجمعنا عداء كبير جدا، لأنه كان من الضروري أن أصدق كل ما يقول ويفعله الشيخ رمزي، وبصفة شخصية أنا في الواقع رافض تماما لكل أفكاره، ولكن كان علي أن ابذل مجهودًا كبيرًا لكي أقدم الشخصية بمصداقية وأظهر مقتنعا طول الوقت بأفكار الشيخ رمزي، خاصة أنه في الأحداث ليس إرهابيا من نوعية الجهلاء، ولكنه مؤمن جدا بأفكاره (مصدق نفسه إلى مالا نهاية)، وسيظهر ذلك جليا خلال الأحداث، فهو يعمل كل شئ لصالح الفكرة التي يؤمن بها، ويستعمل كل الأساليب للوصول لأهدافه، ويسخر كل شئ لخدمة أفكاره، وهذا كان مكمن الصعوبة في شخصية الشيخ رمزي.

 فكان يجب أن تظهر كل مشاعر الشخصية صادقة وحقيقية كما هو مكتوب، وكان يجب أن أصدقه بشكل شخصي لكي أقنع الجمهور، وإحقاقًا للحق المخرج المبدع حسام علي ساعدني كثيرا في شكل الشيخ رمزي سواء خارجيا أو داخليا، وكنت أطلب منه دائما أن نبدأ التصوير بـ"الكلوزات"، وكان يوافق ويقول لي: "لما تبقى جاهز اديناإشارة"، ووقف بجانبي كثيرا من أجل أن تنجح الشخصية وتخرج بالشكل اللائق للجمهور، وهو من أكثر المخرجين المريحين أثناء العمل واتمنى العمل معه مرات أخرى.


كيف كانت استعداداتك للشخصية؟

اشتغلت على الشخصية من البداية مع الكاتب عبدالرحيم كمال ثم المخرج حسام علي، وبعدها مع الماكير والأستاذ محمد عبدالحميد، وبعدها مع ليلى مصممة الملابس، وكل الاقتراحات وضعناها حتى نصل للصورة النهائية سواء في الشكل الخارجي أو الداخلي، وقمت بعمل بروفات مكياج كثيرة جدا للوصول لملامح الشخصية خارجيا، كما قمت ببروفات مع المخرج لاستحضار روح الشخصية الداخلية.

تحدثنا عن الشكل الداخلي لشخصية "الشيخ رمزي".. ماذا عن المظهر الخارجي الذي أثار جدلا واسعا فور نشر بوسترات المسلسل؟

الشكل الخارجي أيضا لشخصية الشيخ رمزي أخذ مجهود كبير، فمثلا قمت بتربية دقني لمدة تزيد عن السنة، وكنت أذهب للتصوير قبل الموعد بساعتين من أجل تجهيز الشخصية وشكلها الخارجي ومظهرها، والماكياج كان يأخذ ساعتين على الأقل، ويمكن أن أقول أن هذا الأمر أيضا كان في غاية الصعوبة والمتعة على حد السواء.

وأعتقد أن الأستاذ محمد عبدالحميد تمكن من تقديم شكل للشخصية في قمة الروعة ولا يمكن تقديم أفضل من ذلك إطلاقا، وأزيدك أيضا أن شكل الشخصية الخارجي لا يقل صعوبة عن إحساسها الداخلي، ولكن النتيجة كانت إيجابية جدا ومردودها كان عظيمًا حتى قبل بدء عرض العمل.

 ولا يمكن أن أنكر الدور الكبير الذي قامت به ليلى "استايليست" العمل، لأنها حقا قامت بمجهود كبير في اختيار ملابس الشخصية، والتي جاءت من دولتين هما أفغانستان والسعودية، ولا أخفيك سرا أن السفير المصري في أفغانستان قدم لنا مساعدات كبيرة جدا في هذا العمل، وبصفة خاصة أتوجه له وللسفارة المصرية في أفغانستان ببالغ الشكر والتقدير.

وما الذي يجعل شخص مثل الشيخ رمزي يتحول إلى التطرف والإرهاب؟

ما جعل الشيخ رمزي يتحول للنموذج الموجود في العمل هو جار قديم له، أثر على تفكيره في مرحلة الطفولة، ولأنه يثق به ويأتمنه شرب هذه الأفكار منذ طفولته، وكنت دائما أتناقش حول هذا الأمر مع الكاتب الأستاذ عبدالرحيم كمال، فمثلا ستجد أن كلمات بعض المدرسين تؤثر في الأطفال أحيانا كثيرة وتظل معهم طوال الوقت (الأطفال بتلزق في بعض الأفكار وتستمر معاهم لحد ما يكبروا)، ولذلك كنت أتناقش دائما مع عبدالرحيم حول هذا الأمر وكيفية مواجهته (لازم نعرف إيه اللي بيحصل في مدارسنا بالتفصيل ونسأل ولادنا يوم بيوم وبالذات في الأمور المتعلقة بالدين)، لأن البعض يتأثر في طفولته بهذه الأفكار ويكبر بها، ومن الممكن أن يتحول لنموذج يشبه الشيخ رمزي.


البعض يرى أن شخصية الشيخ رمزي في مظهرها تقترب لشخصية محفوظ زلطة التى قدمها الفنان الراحل محمود عبدالعزيز في "باب الخلق"

لا يجب أن تحدث أي مقارنة مع فنان بحجم أستاذنا الراحل محمود عبدالعزيز، ولكن (احنا في شخصية الشيخ رمزي رايحين فى حتة تانية خالص)، وهناك تناول مختلف وشخصية مختلفة تماما من كافة الجوانب.

وهذا لا يمنع أنه لا يجب إطلاقا أن أقارن بعم محمود عبدالعزيز (حجمه وتاريخه وخبرته)، فهو واحد من أساتذتنا اللى محصلوش ولن يتكرر، وكان أستاذ فى الحياة وتعلمت منه الكثير، وللأسف لم أكن محظوظلأني اقتربت منه فى الفترة الأخيرة من حياته، وكانت فترة قصيرة، لكن قربت فيها منه جدا، وحقيقىمينفعش أفكر فى المقارنة معاه سواء في الشكل أو حتى الشخصية.

هل توقف التصوير بسبب أزمة كورونا أثر على العمل أو تسبب في انفصال الأبطال عن الشخصيات التي يقدموها ؟

لاأعتقد ذلك، خاصة أننا جميعا راجعنا المشاهد التي قمنا بتصويرها قبل التوقف، وللعلم فترات التوقف لم تكن طويلة، بل كانت 4 أشهر فقط وعدنا بعدها لاستكمال التصوير، وفور عودتنا راجعنا جميع المشاهد.

 وبشكل شخصي دائما أكتب ملحوظات على الورق طوال الوقت، وعندما بدأنا استكمال التصوير عدت إلى هذه الملحوظات، وأرى أن تأثير التوقف كانإيجابيا وفي صالح العمل، لأننا أنهينا التصوير قبل الموسم الدرامي الرمضاني بما يزيد عن شهرين، وهو ما يوفر مناخ جيد للمونتاج والجرافيك والتصحيح والألوان وغيرها من الأمور التي تضيف للعمل، ومن أبرزها مدة الحملة الدعائية والترويجية للمسلسل قبل عرضه.

دائما تميل لاختيار الأعمال التي تحث على التفكير وتتجنب الرسائل المباشرة .. ما السر في اتجاهك لهذه النوعية من الأعمال الدرامية؟

الرسالة تصل للمشاهد بشكل أكبر وأسرع عندما يفكر (لازم الناس عقلها يشتغل)، وفي ظني أن الرسائل المباشرة دائما أقل تأثيرا وأبطأ وصولا للجمهور، والأعمال التي تعمل العقل وتشرك المشاهد في التفكير يرتبط بها بكشل أسرع وأكبر، وتصل رسالتها بصورة أعمق، وأرى أن أحد أبرز عيوب أي موضوع درامي هو أن يكون مباشرا (المباشرة في الرسالة عيب مش ميزة)، والميزة أن تشرك المشاهد معك بعقله.

 دائما أسعى في اختياراتي لهذه النوعية من الأعمال، وكان آخرها مسلسل "بين عالمين" والذي كنا حريصين طول الوقت منذ بداية الكتابة أن نشرك معنا المشاهد في الاختيار، وأن يضع نفسه دائما مكان البطل ويختار ويقرر ويسأل نفسه: (هل أنا لو مكان الشخص ده هعمل زيه)، أما الوجبات الدرامية السهلة يشاهدها الجمهور مرة واحدة فقط وينساها، بعكس الأعمال التي تعمل العقل فمع كل مرة يشاهد بها الجمهور المسلسل يكتشف أشياء جديدة من تراكم المشاهدة، ويعيد تفكيره ويظل العمل باقيا في ذاكرة الجمهور.


في رأيك هل الدراما لديها القدرة على أن تساهم في عملية التوعية والتنوير ؟

بالطبع، دور الدراما في المجتمع خطير جدا ومؤثر فوق ما يتخيل أي شخص، وحقيقة الإدارة السياسية تشعر بأهمية الدراما ودرورها وتأثيرها بشكل كبير، وهو ما يظهر خلال السنوات الأخيرة فمثلا ستجد الحلقة 27 من مسلسل الاختيار رمضان الماضي جعلت شوارع مصر بأكملها فارغة من الناس لمتابعة الحلقة، وتأثير العمل نفسه ومردوده كان رائع جدا.

 والواقع أن تأثير الدراما في المجتمع وعلى الجمهور أكبر بكثير من التوجيه والنصيحة المباشرة، فالدراما قادرة على التوجيه والتثقيف والتوعية والتأثير في الرأي العام وتنوير المجتمع، والعكس أيضا صحيح فمن الممكن أن يكون تأثير الدراما سلبي وضد المجتمع ومضر بالأخلاق، لأن أحيانا يحدث تقليد سلبي لبعض النماذج الدرامية، ولذلك علينا أن نستخدم الدراما في الارتقاء بالمجتمع، ويجب أن يتمتع أي فنان بالقدر الكافي من الضمير والوعي لأننا سنسأل من الله عما نقدمه وننشره ونروجه من خلال أعمالنا، وسنحاسب على السلبي ونثاب على الإيجابي

بعد نجاحك في البطولة المطلقة.. ما الذي يجعلك تشارك في عمل بطولة جماعية ؟

فكرة أن يكون بجانبك في عمل واحد كل هذا الكم من النجوم وأصحاب الموهبة (أسماء تقيلة جدا في مجالنا) هذا الأمر في حد ذاته يجبرك على المشاركة ويضيف لأي فنان، وستجد أنه لا يوجد مشهد واحد أو حتى (ريأكشن) أقل من المطلوب.

وبصفة شخصية لو خيرتني بين بطولة مطلقة وبين عمل يشارك في بطولته أسماء لفنانين كبار وموهوبين بقوة خالد الصاوي وفتحي عبدالوهاب والأستاذ نبيل الحلفاوي وحنان مطاوع، فالاختيار سيكون للبطولة الجماعية والوقوف أمامهم، وستشاهد مبارزة فنية مميزة جدا وأداء راقي من جميع الزملاء الموهوبين، وشعوري بالعمل معهم كان ممتع للغاية والمنافسة بيننا تضيف للعمل وتصب في صالحنا جميعا.

وماذا عن أبرز التعليقات التي وصلتك بعد نشر بوسترات العمل وبروموهاته؟

في الحقيقة أبرز تعليق صادفني كان من شقيقتي، وكان بعد نشر الصورة المقسومة نصفين بيني وبين بن لادن، وفوجئت بها تقول لي (بن لادن شكله ألطف منك) وهذا أطرف تعليق صادفني.

 وهناك أيضا شخص أرسل لي رسالة أسعدتني جدا بعد نشر بوسترات المسلسل تعقيبا على البطولة الجماعية وظهور عتاولة التمثيل في أفيش واحد، وقال لي: (حرام عليكم انتوا يتهزروا ولا بتتكلموا بجد ده لو عديتوا قدام الكاميرا بس هتعملوا حاجة جامدة جدا)،  والحمدلله أفيشات المسلسل حققت رواج كبير ومردود إيجابي أسعدنا جميعا، ولا أخفيك سرا أن هناك شخصيات بارزة جدا هنأتني على الشخصية، وفي الحقيقة هذا المردود يقلقني جدا وربنا يستر نهاية العرض ونبقى على قدر توقعات الجمهور والصحافة والنقاد.


أخيرا .. ما تعقيبك على ظهور هذه النوعية من الدراما التي تقدمها من خلال "القاهرة - كابول" ؟

وجود أعمال درامية من هذه النوعية مهم جدا، لأن هذا الملف يكشف كيفية تحولات لأشخاص في نفس الظروف والبيئة والمدرسة والنشأة والطبقة الإجتماعية، بل أنهم درسوا في مدرسة واحدة وعاشوا في بيت واحد وشارع واحد، ليصبح أحدهم متطرفا.

وهذا الملف مهم جدا ونطرحه بجرأة في "القاهرة - كابول"ونناقشه لنواجه هذه الأفكار التي تتسبب في تحول شخص عادي جدا لمتطرف وإرهابي.