الخميس 09 مايو 2024 الموافق 01 ذو القعدة 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

رجال أردوغان في ليبيا.. صراعات ما بعد خروج السراج من الصورة

الرئيس نيوز


أكد الصحفي والمستشار العسكري التركي السابق "ميتين جوركان"، أن أي شخص يعتقد أن حكومة فايز السراج، المتمركزة في غرب ليبيا، هي كيان موحد ومتماسك سياسياً، ينبغي أن يعيد تقييم قناعاته، خصوصًا بعد أن أعلن نيته التخلي عن منصبه، في أكتوبر الجاري. 

وأشار جوركان إلى أن الخلاف الداخلي في الحكومة بلغ ذروته في 29 أغسطس الماضي، عندما قام السراج، بإيقاف وزير الداخلية فتحي باشاغا، الذي يتولى قيادة ميليشيا مصراتة متحالفة مع الحكومة، بينما كان باشاغا يزور تركيا، الداعم الأجنبي الرئيسي لحكومة السراج، إلى جانب خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة.

الصراع على السلطة في طرابلس
و يُعتقد أن لقاء المشري الذي استمر قرابة ثلاث ساعات مع واجتماع باشاغا مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أثار حفيظة رئيس وزراء الحكومة، بينما علق السراج سلطات وصلاحيات باشاغا، وحمله مسؤولية قمع عنيف لاحتجاجات الشوارع، في حين أثارت موجة من النشاط العسكري في طرابلس ومصراتة الحديث عن انقلاب محتمل ضد السراج، ورغم أن الأمور بدت وكأنها تهدأ عندما أعيد باشاغا إلى منصبه في أوائل سبتمبر؛ أظهر الصراع على السلطة مدى هشاشة حكومة.

وقالت مصادر في أنقرة لموقع المونيتور الأمريكي إن أردوغان حاول جاهداً إقناع السراج بالتخلي عن التنحي، لكن زعيم حكومة  تمسك بموقفه، قائلاً إنه متعب ويريد التركيز على عمله الخاص وعائلته.

خليفة السراج
ولم يؤد قرار السراج بالاستقالة إلا إلى تأجيج الصراع على السلطة بين الفصائل التي تسيطر على الحكومة، إذ تم طرح عدد من الأسماء كخلفاء محتملين وينظر إلى بعضهم على أنهم مرشحون أقوياء، بسبب الدعم الذي يتلقونه من الداعمين الأجانب، لكن قبل التركيز على الدعم الخارجي، يحتاج المرء إلى النظر في التوازنات السياسية الداخلية في ليبيا، إضافة لتحليل الشخصيات القوية داخل حكومة  لإجراء أي تنبؤات.

نفوذ باشاغا
باشاغا، من مواليد مصراتة، وله جذور تركية، ينحدر من أحفاد الإنكشاريين العثمانيين الذين استقروا في ليبيا، ويُعرف نسل الأتراك في ليبيا باسم "كولوغلو" أو "أبناء الخدم"، وغالبًا ما يُشار إليهم باسم كولوغليس، ويتركزون في مصراتة والمناطق المحيطة بها، ويمثلون قاعدة القوة العسكرية والسياسية الرئيسية لباشاغا.

 واستعاد باشاغا قوته في القتال في عام 2011 ومن خلال العمل مع الناتو، أثناء حصار تنظيم داعش الإرهابي لمصراتة، إذ كانت قبضته على مليشيات مصراتة تعني أنه ظل ممثلاً بارزًا للأتراك ومصالحهم. 

وتم تعيينه وزيرا للداخلية في 2018، بالدعم التركي القوي وعلاقاته الشخصية بأردوغان، بفضل فصائل مصراتة، حيث  عزز سلطته في طرابلس أثناء دفاع المدينة ضد حفتر، ونما نفوذه أكثر بعد أن وقعت حكومة  اتفاقيات تعاون بحري وعسكري مع أنقرة في نوفمبر 2019، وما أعقب ذلك من نشر ضباط عسكريين ومخابرات أتراك لمساعدة طرابلس على صد حفتر، ولا يخفى على أحد أن باشاغا، في ذروة سلطته، يتطلع إلى قيادة الحكومة.


كانت أكبر استفادة من وقف إطلاق النار، هي نزول الليبيون إلى الشوارع للمطالبة بتحسين الخدمات والاحتجاج على الفساد، فيما وقف باشاغا ضد الفساد، ولم تتدخل وزارة الداخلية في الاحتجاجات، ومع ذلك، فإن قوات النواصي المعروفة بقربها من السراج تدخلت بالفعل، مما تسبب في مقتل العديد من المتظاهرين.

أسماء مرشحة لتولي الحكومة 
ويعد أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الأعلى للدولة، مرشحًا بارزًا آخر ليحل محل السراج. مثل باشاغا، هو من مصراتة وذو أصول تركية وينتمي إلى الكولوغلو ومثل باشاغا، يتمتع معيتيق بصلات اقتصادية وثيقة مع تركيا وكذلك في المناطق الخاضعة لبرلمان طبرق الشرعي.

يذكر أن معيتيق كان أول شخصية مؤيدة لطرابلس تزور موسكو في عام 2017، ويحافظ على اتصالات وثيقة مع روسيا، وبرز باعتباره الشخصية الوحيدة في حكومة السراج التي تربطها علاقات جيدة، بكل من أنقرة وموسكو.ومع ذلك، فإن وضعه غالبًا ما أوقعه في المشاكل. 


في الآونة الأخيرة، أجرى معيتيق محادثات بوساطة روسية مع خالد نجل حفتر بشأن قضية سرت، بما في ذلك رفع الحصار النفطي الذي فرضه حفتر في المنطقة. في 18 سبتمبر، أعلنت شروط الاتفاق مع نجل حفتر، بالتزامن مع إعلان حفتر إنهاء الحصار. 

ويتم أيضًا طرح اسم "المشري"، رئيس المجلس الأعلى للدولة، شخصية أخرى تستحق التأمل، ويُعتبر متحالفًا مع جماعة الإخوان، على الرغم من أنه قال إنه ترك التنظيم في أوائل عام 2019، ومن المعروف انه المشري على علاقة جيدة بأردوغان.

 منذ التدخل التركي أواخر عام 2018 ركز على الدبلوماسية، وعقد اجتماعات مع إيطاليا والمغرب وروسيا بالإضافة إلى ممثلين عن القوات الشرقية. وأعرب خلال محادثات في المغرب بين الجانبين الليبيين في وقت سابق من الشهر الجاري، عن استعداده للقاء حفتر بحضور مسؤولين مغاربة. ووصف المحادثات بأنها "مجرد مشاورات وليس حوار" وأصر على أنه لم يتم اختيار أي مناصب في المستقبل.


يدعي البعض أن المشري يتطلع إلى دور نشط في محادثات جنيف المرتقبة في محاولة لاستعادة نفوذ الإخوان في الحكومة . إلى جانب باشاغا، يُنظر إلى المشري على أنه شخصية تعطي الأولوية للخيارات العسكرية، وبحسب مصادر في الحكومة، يريد المشري تعزيز سلطته من خلال إطالة أمد عملية الانتقال السياسي، وكانت علاقاته مع تركيا هي التي جعلته منافسًا سياسيًا. يعتقد الكثيرون داخل الحكومة  أن المشري اكتسب قوة اقتصادية بفضل علاقاته مع قطر وتركيا وسيحاول استخدام عملية جنيف ليصبح رئيسًا للوزراء.

خطوة أردوغان التالية 
إذا تولى معيتيق أو المشري رئاسة الوزراء، يعني ذلك زيادة النفوذ الروسي في محادثات جنيف واحتمال اعتراف الحكومة بعقيلة صالح، رئيسة البرلمان في طبرق، كشخصية سياسية مؤثرة. ومع ذلك، سيواجه مثل هذا السيناريو معارضة من أنصار السراج وباشاغا، داخل حكومة طرابلس والقبائل الموالية للجيش الوطني الليبي في الشرق، نتيجة لذلك، قد يندلع صراع جديد.

وإذا تولى باشاغا، المفضل لدى أنقرة، فقد يستأنف القتال ضد قوات الجيش الوطني الليبي، رغم أن ذلك سيكون بدعوة من أنقرة، ستواجه حكومة بقيادة باشاغا معارضة قوية من السلفيين وأنصار الإخوان المسلمين وأنصار السراج.