الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. شهاب دغيم يكتب: التعاون التونسي الجزائري والبعد الأمني للملف الليبي

الرئيس نيوز

في زيارة مهمة لتونس وقبل لقائه بالرئيس قيس سعيد، التقى وزير الخارجية الجزائر، نظيره التونسي عثمان الجرندي،  خلال جلسة عمل جمعت بين الطرفين صباح الاثنين الماضي، أكدت على الروابط التاريخية بين البلدين،  وما يجمع تونس والجزائر من علاقات أخوة، وتعاون استراتيجية، وعلاقات حسن حوار وتبادل خاصة، في مجال مكافحة الإرهاب على الحدود الشرقية الجزائر.

وتأتي زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى تونس  في إطار بحث سبل دفع الشراكة القائمة بين البلدين الشقيقين، في جميع المجالات، وخاصة تعزيز التنسيق والتشاور في القضايا الاقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة الملف الليبي وضرورة إيجاد حلول سياسية، سلمية لتجميع الفرقاء.

 تخلل لقاء الوزرين جلسة عمل، ضمت وفدي البلدين للتباحث، في مختلف ملفات التعاون القائم بين البلدين وخاصة التحضير للزيارة المرتقبة، للرئيس الجزائري، إلى تونس وقد كان رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، قد زار الجزائر يوم 02 فبراير 2020، في أول جولة عربية توقفت بسبب جائحة الكورونا.

 وتخلل اللقاء مع "بوقادم" مشاورات التحضير للدورة القادمة للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، في دورتها 22، والتي سنعقد بالجزائر العاصمة.

 وقد أكد الجانبان على الرغبة المشتركة للشقيقين في تحقيق نقلة نوعية في التّعاون القائم، نحو مزيد من التكامل الاقتصادي والشراكة الاستراتيجية الشّاملة، التي من شأنها أن تحقق تطلعات ومصلحة الشعبين الشقيقين، حسب تصريح الخارجية التونسية.

 و من جهته ألح وزير خارجية الجزائر في تصريح تلفزيوني، عقب لقاءه برئيس الحمهورية على حرص بلده إعطاء العلاقات بين البلدين، زخما جديدًا في المستقبل، وتطوير التعاون بينهما في مختلف المجالات، بما يتناسب مع الروابط القوية التاريخية التي تجمع البلدين.

 الملف الليبي بعد أمني واستراتيجي للبلدين،  كما كان لقاء وزير الخاريجية الجزائر يخص الشأن الإقليمي مناسبة، لتأكيد تطابق وجهات النظر بين البلدين بخصوص عدد من المسائل الإقليمية والدولية ومنها الوضع في الشقيقة ليبيا، حيث أكد الطرفان التونسي والحزائري على موقف البلدين المبدئي الداعم للحل السلمي التوافقي في إدارة هذه الأزمة، الليبية وعلى ضرورة التوصل إلى اتفاق سياسي شامل ودائم بين الليبيين أنفسهم، كما شددا على تمسك تونس والجزائر بوحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها. 

تأكد التقارب في وجهات النظر خاصة بعد تصريح قيس سعيّد في باريس حول الأزمة ليبيا،  الذي آثار ردود فعل رسمية في ليبيا، على نحو تصريح رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، خالد المشري، الذي اعتبر خطاب سعيّد "مفاجئًا" للشعب الليبي، خاصة عندما وصف شرعية حكومة السراج بأنها "مؤقتة"، ما اعتبر تغيرا كبيرا في موقف الديبلوماسية التونسية، تجاه الحكومة الشرعية في طرابلس، التي كانت تحظى بدعم الإسلاميين في تونس وعلى مدى سنوات تجاهلت الحكومات التونسية طرف الصراع الآخر في ليبيا،  أي المشير خليفة حفتر، مما أفقد كل المساعي التونسية مصداقيتها وجدواها إزاء الفرقاء في ليبيا. 

بعد زيارة باريس أخذ قيس سعيد مسافة من سلطة طرابلس، وباريس التي لها حسابات أخرى كانت تريد أن يظهر الرئيس إيمانويل ماكرون في صورة مفاوض جدي وقوي يريد أن يكسب حلفاء جدد في المنطقة، في مواجهة حلف الإخوان الذي يتزعمه أردوغان، وحقيقة فإن مواقف الرئيس سعيد غير بعيدة عن المواقف الجزائرية، إذ يريد أن يكون دائما في النقطة الوسط، على الأقل في تصريحاته وفي مقترحاته تجاه الشأن في ليبيا.

 أما الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، فقد أكد منذ شهر أن "مساعدة بلاده لجارتها الشرقية ليبيا على الخروج من دوّامة الحرب التي تعيشها، أمر يثير استياء بلدان تحرّكها أطماعها الاقتصادية، في إشارة إلى التحرّك التركي، ودعم أردوغان للميليشيات بالأسلحة والمرتزقة"، وتمسك الموقف الجزائري برفض بلاده للحلّ العسكري، وكشف عن قدرة الجزائر وتونس على إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، يسعى لتهدئة الوضع في هذا البلد ويرفض تسليح أي طرف من الصراع.

 الجزائر التي أعربت مرارا عن استعدادها لرعاية المصالحة الليبية، ولاستضافة محادثات سلام بين جميع الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة، لأجل إنهاء الصراع المسلح الدائر والذهاب إلى انتخابات في غضون عامين إلى 3 أعوام، كما صرح بذلك الرئيس الجزائري، وفيما تؤكد الجزائر أن حكومة السراج، غير دستورية في ليبيا، يعتبرها سعيد مؤقتة.

هناك اتفاق تونسي جزائري صريح على إنهاء الوضع الراهن والمرور إلى شرعية جديدة تأخذ بعين الاعتبار كل الحساسيات اللبيبة، وتسعى إلى إيجاد سلام شامل في المنطقة لأن العمق الليبي هو أمن تونس والجزائر معا، بحسب ما قاله بوقادم وزير الخارجية الحزائري.

 الرئيسان تبون وسعيد متفقان على أن رغبة الليبيين في السلام، وجميع الحلول التي تمّ تنفيذها فشلت، ويجب العمل على خريطة طريق جديدة تؤدي إلى انتخابات جديدة وشرعية ديمقراطية ودائمة، وسلام لكل الليبين وللمنطقة، في إطار تناغم المواقف الإقليمية.