الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد الغيطي يكتب: ماكرون مع جارة القمر.. ابن المحظوظة

الرئيس نيوز

قد يتصور البعض أن فيروز حظيت بشرف ما بسبب لقائها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الحقيقة أن الموضوع ليس هكذا البتة مطلقا، لن ابن المحظوظة ماكرون أمه دعياله منذ طفولته نعم دعت له أن يلتقي بسيدتين كلتاهما أكبر منه سنا.

وقالت له العرافة إنه سيتزوج عجوز توصله إلى قصر الإليزيه وكانت العجوز مدرسته بريجيت ماري المولودة عام 1953 والتي كانت تعلمك اللغة الفرنسية والرقص هناك فيديو شهير لهما وهي مدرسة حسناء تعلم تلميذها ماكرون الرقص وهو طفل على مشارف المراهقة وكانت تكبره بـ35 عاما وظل يرسل لها خطابات العشق ويبثها الأشواق حتى وهي متزوجة وبعد أن أصبحت أكبر من أمه وأزيد من عمر جدته قليلا وعندما طلقت من زوجها وأبو أولادها كانت قد بلغت الثالثة والستين وماكرون في الثامنة والثلاثين وتزوجا وأنفقت عليه حتى دخل قصر الإليزيه، هي آمنت به وهو عشقها عقلا وقلبا وروحا من منطلق إيمانه بأغنية عبد الوهاب عشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني وهو نفس المعنى لأغنية شهيرة لأم كلثوم فرنسا أديث بياف (الحب الحقيقي ينبع من روحينا ويدوم لأن حب الشهوة عمره قصير).

إذن ماكرون العاشق والمثقف والفيلسوف يحب على الطريقة الشرقية وفي أكثر من حديث عن لبنان يحرص على ذكر فيروز وفي المرة الثانية التي يزور فيها لبنان حرص أن يبدأ أولى تحركاته بزيارة منزلها في منطقة الرابية الهادئة بعد أن كانت زيارته الأولى بعد التفجير لمناطق الدمار فما هي الرسالة من زيارته لمنزل جارة القمر التي لم تظهر للإعلام من سنوات وتعمدت البعد تماما عن الأضواء والفلاشات حتى انتشرت شائعات بوفاتها وكنت كل مرة اقرأ الشائعة انتفض واتواصل مع أصدقائي في بيروت الذين يتصلون بابنتها ريما الرحباني وينفون الخبر فاهدأ أن معشوقتي صوت السماء بخير تتنفس على الأرض.

الهدف من زيارة ماكرون للست فيروز هو رسالة للشعب اللبناني تقول إن الزمرة الحاكمة لا تستحق أن يبدأ بهم لأنهم سبب الكارثة والحضيض والدمار الذي وصل له لبنان وأن فيروز هي الحل، نعم فيروز السلام والحب ونبذ الحرب والكراهية، فيروز التي حاربت بصوتها والحان الرحباني كل أشكال العنف والطائفية والإقصاء والعنصرية، فيروز التي غنت للأرض والحرية والسلام والمساواة ووحدت الشعب اللبناتي الذي أرادوا تقسيم وحدته ونجحوا فتحول إلى شظايا شعب قبل التفجير الأخير بسنوات وكأنها مؤامرة حيكت بعد الحرب الأهلية وباتفاق جميع الأطراف دولة على أرض مفخخة بديناميت الطائفية وقع عليها الجميع في اتفاق الطائف وربح كل الساسة والأحزاب وجمعوا المليارات من جثث شعب ورفات وطن ودماء ضحايا أبرياء، كل هذا نقلته فيروز للعالم وصرخت وصلت وغضبت.

على مدى عقود لم يكن الغناء والفن مجرد حلبة أو سلما للشهرة بل رسالة وراية وثورة ضد الظلم والفساد والقهر وانحيازا كاملا للشعوب والأوطان والفقراء، لكل هذا أراد أن يحظى ماكرون بشرف لقاء فيروز لأنها الرمز والأيقونة للجسر الباقي بين الوطن والشعب بعد أن حطم الساسة كل الجسور وأصبحوا في موقع الشيطان أو فرانكنشتاين في نظر الرعية، فيروز كالعادة وقفت شامخة لأنها باقية بينما كل رويس يأتي ويمضي. 

في خلفية منزلها لوحة كبيرة لها تحتوى على عدة صور تعبر عنها وفي الزوايا صور للعذراء مريم التي يمكن أن تلحظ شبها كبيرا بينها وبين فيروز في الصور بل في أغنيتها الشهيرة لها تشعر وكأنه صوت البتول وسيدة نساء العالمين قد توحدت معه، كانت شامخة وهو أمام هذا الطود مجرد فرد معجب لذلك منحها وسام الجوقة الشرف الأعلى ليقول لها نحن فزنا بشرف لقائك والوسام حصد قيمة فوق قيمته لأنه بين يديك.

فيروز تعجز قواميس اللغة أن توفيها حقها لكني شعرت أن فيروز أرادت أن تقول لماكرون وكل اللاعبين في أزمة لبنان ماذا أنتم فاعلون بوطني أو تغني له أغنيتها الشهيرة جايبلي سلام، هل يستطيع ماكرون وأشرار السياسة الذين التقوه أن ياتوا بالسلام؟ أه ياست الدنيا يا بيروت.