الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«هل تنجح روما في استعادة نفوذها؟».. تحولات الموقف الإيطالي في الأزمة الليبية

الرئيس نيوز

لطالما كانت ليبيا من أولويات السياسة الخارجية لإيطاليا؛ فبين عامي 2015 و2016، كانت روما واحدة من الداعمين الرئيسيين لعملية الأمم المتحدة التي أدت إلى اتفاق الصخيرات وإنشاء حكومة السراج، كما أن إيطاليا لديها مصالح تاريخية واستراتيجية مهمة في ليبيا، إذ حاولت تحقيق الاستقرار في البلاد من خلال تعزيز حكومة وحدة وطنية، وكان اتفاق الصخيرات نجاحًا كبيرًا للسياسة الخارجية الإيطالية في المنطقة، لكن مع ذلك لم تنجح روما في الاستفادة من نفوذها على حكومة السراج، وخسرت الأرض أمام لاعبين أكثر نشاطًا وحيوية على استعداد أفضل للقيام بدور قيادي في الصراع.

استعادة نفوذ روما
في الوقت الحالي تسعى إيطاليا لاستعادة نفوذها في البحر الأبيض المتوسط، وقد يوفر وقف إطلاق النار، المعلن الأسبوع الماضي، أسبابًا تساعدها على بلوغ هذا الهدف،  ورغم ترجيح المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن rusi.org أنه من غير المحتمل أن يستمر وقف إطلاق النار طويلاً، فإن تلك الفترة تعد فرصة فريدة لإيطاليا، وهي إحدى دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تضررًا من التطورات الليبية، لإعادة إطلاق نهجها الجديد تجاه الصراع واستعادة نفوذها في البلاد.


وخوفًا من أن يُنظر إليها على أنها قريبة جدًا من حكومة طرابلس التي يسيطر عليها تنظيم الإخوان أو تشعر بالقلق من الرهان على الحصان الخطأ، حاولت إيطاليا إقامة اتصالات مع المشير خليفة حفتر، الذي يتمتع بقوة متزايدة والذي تدعمه أيضًا روسيا وفرنسا والإمارات ومصر، وبينما تدعم روما رسميًا حكومة السراج، اعترفت رسميًا بحفتر باعتباره جهة فاعلة شرعية، ومع ذلك، فقد أدى هذا النهج إلى نتائج عكسية لأنه أضعف العلاقات مع حكومة السراج وفشل في إقامة روابط مهمة مع حفتر. 

اقتربت حكومة السراج، التي تبحث عن شركاء أكثر موثوقية واتفاقًا في الإيديولوجية، مثل تركيا، وكان الدعم العسكري من أنقرة لحكومة السراج بمثابة طوق نجاة، وبالتزامن مع ذلك، تم تهميش إيطاليا عن المسرح الليبي.

منظور جديد
يبدو أن إيطاليا عادت إلى نهج أكثر ديناميكية تجاه ليبيا، نتيجة تغير ميزان القوى على الأرض بشكل كبير، إذ حاولت إيطاليا إقامة اتصالات مع الجيش الوطني الليبي عندما كانت له اليد العليا في الصراع، وأرادت روما التحوط ضد السقوط المحتمل لحكومة السراج، وبالتالي اعترفت رسميًا بالفصيل المنافس. 

وفي السياق نفسه، تأتي الديناميكية الجديدة لإيطاليا كردة فعل لتأثير تركيا المتزايد في الحرب الأهلية، ففي يناير، بدأت تركيا بإرسال المرتزقة إلى البلاد، وساعدت أنقرة حكومة السراج في وقت حرج عندما كان الجيش الوطني الليبي على مشارف طرابلس، وبالتالي تتمتع تركيا الآن بنفوذ كبير على حكومة السراج، التي وقعت معها مذكرة تفاهم بشأن الحدود البحرية للبحر المتوسط، والتي يُعتقد أنها تتيح لتركيا وصولاً أكبر إلى المياه الغنية بالنفط والغاز قبالة الساحل الليبي، بينما وتريد إيطاليا إعادة بناء علاقات قوية مع حكومة السراج للحد من نفوذ أنقرة في البلاد وتجنب التهميش الدولي للحكومة المؤقتة في طرابلس.

مهاجرين ليبيا 
ويعد تدفق المهاجرين واللاجئين على البحر الأبيض المتوسط قضية حاسمة في السياسة الداخلية الإيطالية، إذ يصل آلاف الأشخاص إلى إيطاليا من الساحل الليبي كل عام، وفي يوليو الماضي، جددت الحكومة الإيطالية صفقة الهجرة مع حكومة السراج، والتي بموجبها ستواصل روما تمويل خفر السواحل الليبي للسيطرة على حركة الهجرة وتريد إيطاليا تعزيز علاقاتها مع طرابلس للحد من تدفق المهاجرين واللاجئين من ليبيا.

تريد روما، من خلال فرذ نفوذها في ليبيا من جديد،  إزالة الحصار المفروض على حقول النفط منذ يناير 2020، حيث تغطي واردات النفط من ليبيا جزءًا كبيرًا من طلب إيطاليا على الطاقة، خاصة أن "إيني" أكبر شركة إيطالية للنفط والغاز، لديها الكثير مما تخشى عليه في ليبيا، ففي عام 2019، أنتجت إيني حوالي 37 مليون برميل من النفط و 10.6 مليار متر مكعب من الغاز في ليبيا، وفي يناير الماضي، أغلق العديد من حقول النفط البرية، وهي العملية التي تسببت في اضطراب كبير في إنتاج إيني، وأعيد فتح حقول النفط في أوائل يونيو.