الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بالمستندات| «شركات سرقة المال العام».. 1200 شركة لبيع «الفواتير المضروبة» في مصر

الرئيس نيوز

حصل "الرئيس نيوز" على مستندات رسمية تكشف عن شركات سرقة المال العام و بيع الفواتير المضروبة في مصر، والتي تتسبب في إهدار المليارات سنويا على خزانة الدولة، إذ يصل حجم التهرب الضريبي لنحو 400 مليار جنيه سنويا، بحسب تأكيدات المسئولين في مصلحة الضرائب.

وأظهرت المستندات تفاصيل أكبر حملة قامت بها مصلحة الضرائب لتنقية سجلاتها، من شركات سرقة المال العام تخصصت في بيع فواتير لشركات أخرى، لإظهار معاملات تجارية لم تتم، أوتمت بأقل من قيمتها الحقيقية بغرض التهرب الضريبي وتقليل الضرائب المسددة.


تعقب شركات سرقة المال العام


وأشارت المستندات لتعقب نحو 1261 شركة من قبل أجهزة مكافحة التهرب الضريبي في مصلحة الضرائب، حيث تتضمن القائمة عدد كبير من الشركات، مثل المركز الهندسي للتجارة وجيمكو، واكسبريس لتأجير المعدات، والمركز الهندسي للتجارة، والشركة المصرية الإيطالية، وديزرت روز، والمركز الحديث للنقل الداخلي، ويونايتد اكسبريس، وثري لاينز، واكتف توينز، وغيرها من الشركات.




كانت البداية عندما لاحظت مصلحة الضرائب، بدء توسع إنشاء شركات للحصول على السجل الضريبي والتجارى والبطاقة الضريبية ورقم تسجيل بضريبة القيمة المضافة، بينما لا تقدم إقرارات ضريبية شهرية، أو إقرارات بلا ضريبة ناتجة عن معاملات تجارية.

وظهرت عدة مشكلات بعد قيام بعض الممولين باكتشاف وجود تعاملات تجارية لا تخصه ضمن إقراراته الضريبية، حيث تقوم بعض الشركات باستغلال بعض الملفات المتوقفة لأسماء شركات فعلية، والتعامل باسمها لفترة، الأمر الذي تطلب حملة موسعة لضبط هذه التعاملات، إذ منها استغل بعض التيسيرات الممنوحة للأنظمة الاستثمارية المختلفة مثل المناطق الحرة بغرض تخفيض الأعباء الضريبية عن الشركات.


سرقة المال العام لغرض التهرب الضريبي


كشف مصدر بارز في مصلحة الضرائب لـ"الرئيس نيوز" عن أكبر مافيا للاستيلاء على المال العام بغرض التهرب الضريبي، وتقليص الوعاء الضريبي لبعض الشركات، مشيرًا لأن تلك الشركات التي تقوم باستيفاء الشكل القانوني لتأسيسها، لا تمارس نشاطها الحقيقي،  بمجرد حصولها على الأوراق الرسمية، وتمتهن مهنة بيع الفواتير المضروبة في السوق.




وأضاف أنه تم ضبط أحد المتعاملين مع مول تجاري شهير، حيث طلبت منه إدارة المول فاتورة توريدات ولم تكن معه، فقام بشرائها من إحدى الشركات المتخصصة في بيع الفواتير في السوق، وخفض العبء الضريبي عليه، لضمان خصم تلك التكلفة من الإيرادات وبالتالي تخفيض الضرائب المستحقه على شركته.


عمولة شركات بيع الفواتير


أوضحت مصادر أخرى أن العائد المادي من نشاط بيع الفواتير في مصر مرتفع للغاية، نظرا لوجود اقتصاد غير رسمي متشعب يضمن بضائع بسعر أقل، ولا توجد فواتير وهو ما يعني الحاجة لفواتير لتقديمها لمصلحة الضرائب، مؤكدة أن تلك الشركات تحصل على عمولة 3% من قيمة الفاتورة التي ترغب الشركة الأخرى في الحصول عليها؛ لتقديمها لمصلحة الضرائب وهي عمولة ضخمة جدا وتسبب الثراء السريع لأصحابها.

وقالت المصادر أن الشركات المتخصصة في بيع الفواتير سرعان ما تحقق ثروة، وتسرع بإغلاق الملف ثم إعادة فتح شركة أخرى لتمارس نفس الغرض؛ حتى يصعب كشفها من قبل مصلحة الضرائب.


التهرب الضريبي


قالت المصادر أن كافة الشركات التي تم كشفها في الحملة الموسعة لمصلحة الضرائب تم إحالتها للنيابة بتهمة التهرب الضريبي، ووقف اعتماد كافة الفواتير المعتمدة منها لصالح شركات أخرى وفتح باب التحقيق مع الشركات التي استفادت من شراء تلك الفواتير.

وعن السبب وراء عدم إلقاء القبض على أصحاب تلك الشركات منعا لاستئناف النشاط مجددا، أوضحت المصادر: "للأسف يتم فعلا توجيه تهمة التهرب لإحدى الشركات فتغلق ثم تفتح شركة أخرى في منطقة أو محافظة أخرى لمزاولة نشاطها.. وعند الاستعلام عنها للمثول أمام النيابة لا يستدل على عنوان الشركة الأولى.. والقانون لا يمنح سلطة توقيف الأفراد بتهمة التهرب الضريبي دون صدور حكم قضائي وهذا يتطلب وقتا".

وأكدت المصادر أن إحدى الشركات تم الكشف عن إصدارها فواتير للتهرب الضريبي بلغت قيمتها 3.2مليار جنيه، ما يعني أن حجم التهرب الضريبي باستخدام تلك الفواتير ضخم جدا بالنسبة للإيرادات الضريبية المحصلة.


اقرأ ايضا

التطبيع مع إسرائيل.. الخرطوم تنفي وتل أبيب تؤكد

خاص| الحد الأقصى للأجور يثير أزمة في الحكومة

ماهي الرسالة التي حملها مدير المخابرات الحربية لـ «حفتر»؟.. خبير عسكري يجيب


وفي وقت سابق أشار وزير المالية لأن الفحص المبدئي كشف عن وجود فواتير مضروبة تقدم لمصلحة الضرائب تصل إلى 18% من الفواتي، وهو ما أكده د. محسن الجيار، مدير عام الفحص بمصلحة الضرائب والمتحدث باسم المصلحة عن أن تلك الوقائع حقيقية وتمثل صداع في رأس مصلحة الضرائب.

وأضاف الجيار لـ"الرئيس نيوز" أن رجال مكافحة التهرب الضريبي تتابع عن بتعليمات مباشرة من وزير المالية تلك الإجراءات لمواجهة التهرب الضريبي ومصلحة الضرائب، التي تقوم بتنفيذ أكبر عملية لتنقية الأسواق من ممارسات تضر الحصيلة والإيرادات الضريبية، مشيرًا لأن منظومة الفواتير الإلكترونية التي يتم تطبيقها حاليا بشكل تجريبي لتكون إلزامية خلال عدة أشهر، ستقضي تماما على تلك الظاهرة.

تابع الجيار أن المنظومة المميكنة سواء الإقرارات الالكترونية أو الفواتير، عملت على تقليص عدد تلك الشركات، حيث تقوم الأنظمة الإلكترونية الحديثة التي بمطابقة بيانات الفواتير بين البائع والمشترى من واقع إقرارهما الضريبي المقدم لمصلحة الضرائب.

وأوضح أن تلك المنظومة الإلكترونية ساهمت بشكل كبير في تقليص وضبط تلك الشركات الوهمية التي تستغل الإعفاءات الضريبية، وغيرها من اشكال التهرب الناتجة عن وجود قطاع عريض من الاقتصاد غير الرسمي، مؤكدًا على أنه تم إرسال خطابات لنحو 134شركة تفيد بالإجراءات الواجب اتباعها لتطبيق منظومة الفواتير الإلكترونية.


قاعدة بيانات بالتعاملات التجارية في مصر


وكشفت مصادر مسئولة بمصلحة الضرائب عن أن وزارة المالية تخطط لبناء أول قاعدة بيانات للتعاملات التجارية في مصر من خلال أجهزة التتبع في المحال التجارية، بالإضافة لمنظومة الفواتير الإلكترونية الجديدة، مشيرة لأن المنظومة لن تكتمل دون حوافز للمواطنين ليكونوا شركاء في ذلك الجهد لضبط الإيرادات الضريبية لصالح خزانة الدولة.


وقالت المصادر أن فترة كورونا قلصت من الجدول الزمني لإطلاق عدد من المبادرات لوقف التهرب الضريبي، حيث تعتزم وزارة المالية النص على حصول المبلغ عن شركة أو ممول يتهرب ضريبيا، بناء على معلومات دقيقة وموثقة ويتبين فعليا وجود تهرب ضريبي كلي أو جزئي سيحصل المبلغ على 10% من قيمة الضرائب التي تم اكتشافها.

في السياق نفسه أوضحت مصادر بوزارة المالية في تصريحات خاصة أن دول تماثل مصر اقتصاديا تمثل الضرائب بها 18 إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي، لافتة لأنه في مصر الضرائب لا تتعدى 14% ما يعني وجود مليارات الجنيها تضيع سنويا على الخزانة العامة، يمكن ضخها في مرافق وخدمات ودعم للأسر المحتاجة وبنية تحتية وتعليم وصحة.

وأضافت المصادر أن الضرائب تشكل في الموازنة العامة الضرائب نحو 76%، ما يعني أن أي ممارسات ضارة بغرض التهرب الضريبي تؤثر على الكفاءة المالية للموازنة، موضحة أن المنظومة الالكترونية التي يتم تطبيقها حاليا في مصلحة الضرائب لاقت معارضة شديدة من قبل بعض الشركات والمحاسبين لما ستحققه من عدالة ضريبية فاعلة.

ويتوقع أن تقفز الإيرادات الضريبية لنحو 1.1 تريليون جنيه، بمجرد التطبيق الفعلى للفواتير الإلكترونية بزيادة تلامس الـ200مليار جنيه عن الحصيلة الحالية.