الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"لغة الاقتصاد".. متخصصون يكشفون كيف يدعم العرب مصر في ملف سد النهضة

الرئيس نيوز

أثار تقرير نشر مؤخرًا بصحيفة جلوبال نيوز الكندية تساؤلات حول قدرة جامعة الدول العربية على ممارسة الضغط على أديس أبابا لإثنائها عن اتخاذ إجراء أحادي بشان تشغيل وملء خزان سد النهضة، ودعا وزراء الخارجية العرب مؤخرا إثيوبيا إلى الامتناع عن ملء سد النهضة الإثيوبي في يوليو دون اتفاق مسبقة مع مصر والسودان.
فيما تسعى القاهرة لزيادة الضغط لمنع ملء السد بدون التوصل لاتفاق، اجتمع مجلس الأمن الدولي لمناقشة القضية يوم 29 يونيو، وحذر وزير الخارجية سامح شكري من أن السد بظروفه الراهنة يهدد حياة 150 مليون مصري وسوداني.

جاء قرار الوزراء العرب في ختام الاجتماع الطارئ للجامعة العربية الذي عقد في 23 يونيو، ودعا الاجتماع إلى "ضرورة امتناع جميع الأطراف عن اتخاذ أي إجراءات من جانب واحد، وضرورة امتناع إثيوبيا عن ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق مع دول المصب (مصر والسودان) بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.

ونص القرار على أن "الأمن المائي لمصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي"، وشدد على رفض أي عمل أو إجراء يؤثر على حقوق دول النيل.

وقالت وزارة الري في بيان 19 يونيو إنه "خلال مناقشة الجوانب القانونية، رفضت أديس أبابا إبرام اتفاق ملزم بين الدول الثلاث وفقا للقانون الدولي وأصرت على التوصل إلى إرشادات يمكنها تعديلها من جانب واحد". وفي نفس اليوم دعت القاهرة مجلس الأمن الدولي إلى التدخل لاستئناف المحادثات.

وتدخل رئيس الاتحاد الإفريقي ورئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا وعقد قمة الاتحاد الإفريقي الطارئة في 26 يونيو بمشاركة مصر وإثيوبيا والسودان. 
واتفقت الأطراف الثلاثة خلال القمة على تشكيل لجنة مؤلفة من خبراء من الدول الثلاث ومن الدول الأعضاء في مكتب جمعية الاتحاد الإفريقي وممثلين عن المراقبين الدوليين. كما اتفقا على استئناف المفاوضات بشأن GERD في غضون أسبوعين، وفقا لبيان الاتحاد الأفريقي الصادر في 28 يونيو .

من جانبه، قال حسام زكي، مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، لقناة إم بي سي مصر في 24 يونيو، إن مصر تلقت دعمًا عربيًا جيداً في أزمة سد النهضة، كما قال وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير إنهم جميعا يدعمون حقوق مصر المائية. وقال زكي إنه يأمل أن يكون هذا الدعم العربي عنصرا قويا في الجهود المبذولة في الأزمة وأن يكون مفيدا في مجلس الأمن.

وقال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"المونيتور" عبر الهاتف: "الموقف العربي ككل يدعم الموقف المصري، وجاء اجتماع جامعة الدول العربية لإصدار قرار موحد يدعم الحقوق المصرية والسودانية في أزمة سد النهضة. ومع ذلك، يجب ترجمة هذا الموقف إلى آليات حقيقية ".
وأضاف فهمي: "هناك الكثير من الإجراءات التي يمكن للدول العربية اتخاذها لدعم موقف مصر. هناك استثمارات عربية، بما في ذلك استثمارات سعودية وإماراتية، في أديس أبابا. وأحد بطاقات الضغط التي يمكن استخدامها ضد إثيوبيا هي التهديد بوقف هذه الاستثمارات أو تعليقها. ولن تطلب منهم مصر اتخاذ مثل هذا الإجراء، وتتركهم لاتخاذ هذا القرار عن طيب خاطر". 
وتابع: "قد يتم تفعيل الدور العربي أيضا من خلال المشاورات مع الجهات الدولية، وهو ما قد يعزز موقف مصر في مجلس الأمن الدولي".
في 29 يونيو، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة لمناقشة نزاع سد النيل، حيث أعرب عن دعمه لجهود الاتحاد الأفريقي لاستئناف المفاوضات الثلاثية. جاء اجتماع المجلس بناء على طلب مصر المقدم إلى رئاسة مجلس الأمن في 19 يونيو . 
في مايو أعرب السودان عن تحفظات على مشروع قرار صادر عن مجلس وزراء الخارجية العرب يعرب عن تضامنه مع مصر والسودان بشأن سد النهضة. بعد ذلك، وبعد التنسيق الكامل بين البلدين، قال وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية عمر إسماعيل خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية يوم 23 يونيو إن هناك توافقًا بين السودان ومصر حول مشروع القرار العربي بشأن سد النهضة.

وقلل وزير الموارد المائية والري السابق محمد نصر الدين علام من تأثير قرار جامعة الدول العربية على ملف سد النهضة وقال لـ"المونيتور" "قرار الجامعة العربية ليس له تأثير ملموس. لن يكون هناك تأثير حقيقي إلا عندما تمضي الدول العربية المؤثرة في دعم مصر في مجلس الأمن أو تبدأ في الضغط على إثيوبيا للعودة إلى مسار المفاوضات واستكمال الاتفاق الثلاثي. هذا هو الدور الذي من المتوقع أن تلعبه الجامعة العربية".
وأضاف علام: "يمكن للدول العربية مساعدة مصر على نطاق واسع من خلال التواصل مع أعضاء مجلس الأمن بشأن الشكوى المصرية، ودعم الجهود لتوحيد الموقفين المصري والسوداني، واستخدام الاستثمارات العربية في إثيوبيا للضغط على البلاد لعدم اتخاذ أي طرف إجراء أحادي بشأن ملء السد".
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه إثيوبيا نيتها البدء في ملء السد في "الأسبوعين المقبلين". وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي في بيان بتاريخ 27 يونيو التزام إثيوبيا بمحاولة التوصل إلى اتفاق نهائي مع مصر والسودان خلال هذه الفترة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
في 27 يونيو، ذكرت صحيفة القبس الكويتية عن مصادر مطلعة أن الجهود جارية حاليًا للتوصل إلى "موقف ضغط عربي في الأيام القادمة" بهدف التدخل في غير القضايا العربية العربية، بما في ذلك النزاع حول سد النهضة. وأوردت الصحيفة وجود "اتصالات وتنسيق على المستوى العربي لاحتواء الموقف وتهدئة جميع الأطراف المعنية بهذه القضايا... للتوصل إلى اتفاق نهائي مع الحد الأدنى من الخسائر".
وقال أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والعميد السابق لمعهد البحوث والدراسات العربية، للمونيتور عبر الهاتف، "إن موقف الجامعة العربية يعكس الثقة في عدالة القضية المصرية والسودانية، ضرورة الدعم العربي ".
إذا بقي الدعم العربي مقتصراً على قرار دبلوماسي، فلن يكون له تأثير في وقت تظهر فيه إثيوبيا عناداً متواصلاً وتتخذ مواقف صعبة. ولكن إذا تمت ترجمة هذا الموقف الدبلوماسي إلى لغة تؤثر على المصالح والاقتصاد، فسيكون له تأثير كبير بالنظر إلى بعض الاستثمارات العربية والمصالح التجارية في إثيوبيا".
وأضاف: "إن تعقيد الأزمة يتطلب جهداً عربياً لدعم مصر وإجراءات حقيقية على الأرض تفيد جميع الأطراف وليس القاهرة فقط".