الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

خطاب الـ5 دقائق.. رسائل الملك سلمان للداخل السعودي (تحليل)

الرئيس نيوز

رغم أنه ليس الظهور الأول للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ أن تحدثت تقارير إعلامية قبيل نحو 3 أسابيع، عن حالته الصحية وتوجهه إلى التنحي عن السلطة لنجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلا أن كلمته التي لم تتخط الـ5 دقائق، حملت في طياتها رسائل عدة أبرزها، أن القادم أصعب إن لم يكن الأسوء.

كلمة العاهل السعودي، جاءت كخطاب مع الشعب لإخباره بأخر التطورات المتعلقة بفيروس كورونا، (كوفيد-19) الذي أصاب حتى الآن نحو 300 سعودي. لكن من المؤكد أن الكلمة حملت رسائل أخرى لكونها تأتي بالتزامن مع حرب النفط المستعرة بين الرياض وموسكو، والتي أدت إلى انخفاض في أسعار النفط بشكل غير مسبوق، إذ وصل سعر البرميل الواحد، نحو 25 دولارًا، ما يلقي بعواقب وخيمه على الاقتصاد السعودي القائم في أساسه على عوائد النفط.

تشاؤم وقلق
الملك سلمان حاول طمأنة الشعب بخصوص فيروس "كورونا"، بالتأكيد أن السلطات مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس. 
قال في خطاب متلفز، بثه التلفزيون السعودي الخميس: "السعوديون أظهروا قوة وثباتا في مواجهة أزمة كورونا"، إلا أنه تابع قائلًا: "إننا نمر بمرحلة صعبة مثل العالم كله، ولكننا سنبذل الغالي والرخيص للحفاظ على صحة المواطنين".
وعن حديثه عن الوحدة وقوة التماسك إزاء الأزمات، أشاد بأداء الشعب السعودي في الأزمة، وقال: "إن ما أظهرتموه من قوة وثبات في هذه المرحلة الصعبة وتعاونكم التام مع الأجهزة المعنية يعد أحد مرتكزات نجاح جهود الدولة". 

مرحلة صعبة
وقال العاهل السعودي: "إننا نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تماماً أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها. إن بلادكم المملكة العربية السعودية، مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحد من آثارها، مستعينة بالله تعالى، ثم بما لديها من إمكانات، في طليعتها عزيمتكم القوية في مواجهة الشدائد".
تابع الملك سلمان: "أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية. إن القطاعات الحكومية كافة وفي مقدمتها وزارة الصحة، تبذل كل إمكانياتها لاتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة المواطن والمقيم".
أضاف: "لقد تعودتم مني على الصراحة، ولذلك بادرتكم بالقول بأننا نمر بمرحلة صعبة، ضمن ما يمر به العالم كله. وأقول لكم أيضاً، إن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي لمواجهة هذا الانتشار السريع لهذه الجائحة".

رسائل مبطنة 
إن ظهور الملك سلمان خلال تلك الفترة، يستهدف في المقام الأول طمأنة رعاياه على حالته الصحيه بعدما كثرت الشائعات خلال الأيام الماضية عن احتِمالية تنحيه عن العرش لصالح نجله ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان. 
الرسالة الثانية التي ربما يكون الملك سلمان استهدف إرسالها عبر كلمته، هو طمأنة المستثمرين على الداخل السعودي وأن الشق السياسي فيها مستقر، وأنه لا وجود لأي منازعات على السلطة، وذلك على خلفية موجة الاعتقالات الأخيرة التي طالت أمراء سعوديين، بينهم شقيق الملك سلمان، الأمير أحمد بن عبد العزيز، ووولي العهد السابق، محمد بن نايف.

ماذا يعني بالأيام الصعبة؟
وكشفت تقارير اقتصاية متخصصة، أن الاقتصاد السعودي يعاني ركودًا كبيرًا بسبب تراجع أسعار النفط عالميًا، وأن عجز الميزانية قد يصل إلى مئة مليار دولار. وأن المشاريع الاقتصادية التي استهدف الأمير محمد بن سلمان تنفيذها ضمن استراتيجية 2030، الرامية لتنويع مصادر الدخل، تواجه تحديات كبيرة، وأن تنفيذها أصبح على المحك؛ لغياب مصادر التمويل.
ربما يقصد العاهل السعودي بأن الأيامٍ الصعبة، التي ستواجهها المملكة، بسبب فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المملكة حاليًا، ستؤثر على زيادة  عجز الميزانية، وبالتالي خفض الإنفاق العام.
ما يعني فرض ضرائب، ورفع أسعار الخدمات، وارتفاع مُعدّلات البِطالة، وانخِفاض معدّلات المعيشية وغلاء الأسعار حتى وإن كان الملك سلمان تعهد باستمرار الدولة في توفير الطعام والدواء وتوصيل الخدمات للشعب. 
لكن الشعب السعودي الذي اعتاد الرفاهية، ربما لم تسعفه الأوضاع والظروف في الاستمرار على هذا النحو، رغم وعود ولي العهد بطفرة اقتصادية، ربما تعيق الظروف تنفيذها. ما يعني أن المملكة قد تشهد ظروف تقشفية خلال الفترة المقبلة لمواجة تراجع الاقتصادي وعجز الموازنة.

حكم مبكر
وخلال وقت سابق، تحدث الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، مع "الرئيس نيوز" عن الاقتصاد السعودي وخطط الأمير محمد بن سلمان عن التنمية، وأكد أنه من الصعب في الوقت الحالي الحكم على الإصلاحات الاقتصادية التي يعمل الأمير محمد بن سلمان على تطبيقها في الوقت الحالي، بالنجاح أو الفشل.
قال النحاس: "من المبكر إطلاق أحكام على تلك التجربة، فالعالم بأسره يمر بجملة من التطورات الاقتصادية غير المسبوقة، وحين استقرار تلك الأوضاع ستكون الخطة جاهزة للحكم عليها".
ولفت النحاس إلى أن ابن سلمان يستهدف التحول من الاقتصاد القائم على عوائد بيع المواد النفطية، والتي كانت تُلتهم في نفقات الموازنة إلى الاعتماد على تنويع مصادر الدخل والتي يأتي من بينها، فرض ضرائب وتحريك أسعار المحروقات وخدمات الكهرباء والماء، إلى جانب فرض رسوم على المقيمين الأجانب، فضلًا عن مشروع نيوم السياحي.
وعن التحديات العالمية التي تواجهها خطة الأمير محمد، قال النحاس: "الفيروس المُستجد (كورونا) على سبيل المثال آخر التحديات التي تواجهها الخطة، فحتى الآن للفيروس تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي ومن المؤكد انه سيلقي بظلاله على الاقتصاد السعودي".
أما ثان التحديات التي تلقاها الخطة، يوضح الخبير الاقتصادي، أن انخفاض أسعار النفط عالميًا، له تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد السعودي القائم في أساسه عليه، فبرميل النفط وصل حاليًا لأدنى مستوياته منذ عقود، وبالتالي إذا ما استمر على هذا الوضع فإن الأمير محمد لن يجد  الأموال اللازمة لإتمام خطته، بل سيصبح أمام عجز كبير في الموازنة العامة.
ثالث التحديدات، هي هل سيقبل الغرب سحب السعودية لاستثماراته من تلك البلدان وإعادة ضخها في الداخل، وهو السؤال الذي شكك في إجابته الخبير الاقتصادي، وقال: "استبعد حدوث ذلك، وبالتالي ليس أمام الأمير محمد موارد مالية للإنفاق على خطته".
وعن تأثيرات الخطط الإصلاحية على الداخل السعودي، قال النحاس: "الشعب من المؤكد أنه سيطوله جزء من ضريبة ذلك التحول الإصلاحي وبقدر إيمانه بهذا التحول سيكون صبره عليها".