الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

طارق فهمي يكتب: الدلالات في مقترح الرئيس بإنشاء قوة إفريقية مشتركة

الرئيس نيوز


قبل أن تغادر مصر موقعها في رئاسة الاتحاد الإفريقي،  وتسليم رئاسته إلى جنوب إفريقيا قدم الرئيس عبدالفتاح السيسي مقترحا لإنشاء قوة إفريقية لمكافحة الإرهاب، وتندرج  مرجعيتها تحت مثياق الاتحاد الإفريقي، وتضم الدول الإفريقية المعنية، والتي تركز على دول الساحل والصحراء من خلال نواة لدول مجموعة الخمسة.

والواقع أن الرئيس عبدالفتاح السيسي ولخبراته السياسية والاستراتيجية الكبيرة نجح في أن ينقل الكورة إلى الملعب الإفريقي عبر مقترحه المهم والذي سيدخل خلال الفترة المقبلة حيز التنفيذ إذ أن اجتماع الدول الإفريقية على مستوى رؤساء الأركان في القاهرة قد نقل رسالة مهمة بجدية الطرح وإمكانية تنفيذه دون معوقات حقيقية وفي ظل خبرات مصر الكبيرة في مواجهة الإرهاب، والتي يمكن أن توظف جيدا للعمل خاصة وأن مصر دولة عضو في مجلس السلم والأمن الدوليين من 2020 إلى 2022، وهو ما سيعطي الفرصة للدولة المصرية أن تحقق للقارة الإفريقية الكثير من الخطوات الإيجابية في مواجهة الإرهاب ومنع تمدده في ربوع القارة الواعدة.

وسبق أن قام الرئيس السيسي بالتأكيد في المحافل الدولية على أنها قارة مهمة وجاذبة للاستثمار في الفترة المقبلة وأن الدول الكبرى تسعى للوصول إلى مواردها الطبيعية، وهو ما سيدفع الدول الأوروبية لتقديم خبراتها أيضا في هذا المجال المطروح، والمستهدف من إتمام وتأسيس هذه القوة العسكرية التي تتبني مصر فكرة إنشائها، والواقع أن هذه القوة ستكون مهمة لمواجهة تمدد خريطة الإرهاب الراهن لبعض دول الساحل والصحراء، وإقامة مناطق التمركز الإرهابي في بعض المناطق الجديدة خاصة وأن التنظيمات الإرهابية الإفريقية لم تتلخص في بوكو حرام فقط بل امتدت لتنظيمات فرعية أخرى وبعضها ليس إسلاميا فقط بل وأيضا مسيحيا.

 ومن ثم فإن مواجهة الإرهاب في هذه المناطق بعمل جماعي وجهد متكامل سيكون له أثر كبير في توظيف البيئة المناسبة للاستثمار والتنمية بل وإيجاد فرص للتعاون الإنمائي المشترك بين دول القارة والقوى الكبرى التي تخطط لتطوير وجودها في القارة الواعدة، والحقيقة أن المقترح المصري سيفتح الباب الموصود أمام إمكانية الانتقال من المواجهة، وسياسات رد الفعل إلى تبني سياسات استباقية مبكرة، فأحد مهام القوة الإفريقية المقترحة التعامل مع منابع الخطر، ومواجهته قبل أن تحدث مع رسم سياسات، وسيناريوهات متعددة في التعامل خاصة وأن القارة لديها إمكانيات حقيقية وفرص كبيرة وقدرات كبيرة .

وطوال العام الذي ترأست فيه مصر مؤسسات الاتحاد الافريقي كان الهدف كيف يمكن لمصر تقديم خلاصات خبراتها في مجالات متعددة للقارة، واستمرار خدمتها، وهو ما تم بالفعل بشهادة وإشادة كافة القطاعات الأفريقية المتخصصة، ومن ثم فإن توجه مصر بإنشاء القوة الإفريقية المشتركة سيعطي لهذه لقوة الجديدة الفرصة الحقيقية للعمل والانتشار، والتواجد على الأرض بدلا من الإبقاء على الفكرة في إطارها النظري، حيث كشف الاجتماع الأول لرؤساء أركان الجيوش الافريقية أن المخطط الكامل قائم ومطروح بل وقابل للتنفيذ خلال فترة وجيزة، وهو ما يؤكد القدرات الكبيرة لمصر في محيطها الإفريقي والعربي بل وفي النطاقات الإقليمية المختلفة .

لقد سبق وأن دعا الرئيس السيسي لإنشاء قوة عربية  لمواجهة الأزمات والصراعات ولكن لم يكتب لهذه القوة الوجود الفعلي برغم ما تم بشأنه مصريا وعربيا أما اليوم ومع الحالة الإفريقية، فالأمر مختلف تماما ويمضي في سياق مصالح مشتركة وفوائد متبادلة، وستعمل لصالح كل دول القارة الإفريقية خاصة وأنه لدى مصر الكثير من الإمكانيات والقدرات، وحسابات القوة الشاملة للعمل والتواجد بل وتحقيق النجاحات المطلوبة شريطة البدء في وضع الخطط المرجوة والسياسات الواقعية التي يمكن أن تحقق تواجدا حقيقيا للعمل في أفريقيا، وتقف في مواجهة أحزمة الإرهاب القائم، المتوقع والذي يحول ووصول التنمية والاستثمارات الي القارة الكبيرة بإمكانياتها.

مصر لديها الكثير لكي تمنح القارة فرصة كبيرة لمواجهة الإرهاب والحيلولة وتمدده في القارة من خلال الجهد الجماعي ومن خلال خبرات مصرية إفريقية مشتركة وهو ما تدركه الدول الإفريقية التي تعاملت مع مقترح الرئيس السيسي على أنه مقترح واقعي وعملي وسيكون له العديد من الانعكاسات الاستراتيجية.