السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد فؤاد يكتب: النائب بين بذل العناية وتحقيق الغاية

الرئيس نيوز

بادئ ذي بدء، أتفهم أن مجلس النواب الحالي، ليس على قدر آمال الشارع، و يتم وصمه بسلبيات كثيرة، ولست بصدد الدفاع عنه فيما يلي، خاصة وأن المواطن هو من أتى بالبرلمان من خلال الانتخاب، ومن يرى فيه تقصير فعليه أن يصلح الأختيار المرة القادمة ويعطي صوته لمن يراه يستحق ويرى فيه قدرة على تحقيق آماله. لكن علينا أن نفهم أولا أسس التقييم.

فمن اختلاطي بالمواطنين في الشارع والحرص على متابعة موقفهم من أداء البرلمان وتقييمهم لدوره ككل أو بشكل شخصي، أجد نوعا من عدم الوعي الحقيقي بأصل دور المجلس ونوابه، فغالبية التساؤلات تكون منصبة على التحرك لحل انقطاع المياه أو تركيب كشافات الإضاءة ورصف الطرق المكسرة في الدوائر وغيره.

وما يتناقل على ألسنة المواطنين يكاد ينحصر في اتهام النائب بالتقصير في الملف الخدمي وتقاعسه عن مواجهة انتشار القمامة وانقطاع المياه وغيره، وهذا أمر مغاير تماما لدور النائب الرقابي على الحكومة وأجهزة الدولة، والتشريعي للقوانين، فالنائب ليس عضو مجلس محلي أو مسئول تنفيذي حتى يكون ذلك مسار تقييمه.

 

هذه نقرة، أما الأخرى فمنصبة على التفرقة بين الالتزام ببذل جهد في ملف معين والالتزام بتحقيق نتيجة فيه، وهنا أيضا خلط بين دور النائب ومسئولياته وما هو في الأساس صلب عمل المسئول التنفيذي.

 

إن النائب أو السياسي مسئول عن الضغط على المسئول التنفيذي ومسائلته عن التقصير إلا أنه رغم ذلك لا تزال "النتيجة" أمرا لا يخصه. فهذه قاعدة منطقية هامة جدا و هي قاعدة "بذل العناية". فالطبيب مثلا مطالب بالتشخيص السليم و وصف الدواء لكن لا يملك شفاء المريض.

 

وعلى المستوى البرلماني، فلا يجب أن يكون التقييم مبني على تحقيق نتيجة من عدمه، ولكن بشكل أساسي قائم على فكرة السعي الجاد في سبيل الحل واستنفاذ كافة الوسائل البرلمانية المتاحة للوصول إليها، لأنه أولا المجلس ليس فردا واحد وقد تختلف المواقف حول قضية معينة أو سبل حلها، وثانيا البرلمان من أساسه ليس جهة تنفيذ ولكن رقابة على الحكومة وتوجيه لها في الشق الخدمي.

 

فعلى سبيل المثال في ملف تشريعي كالأحوال الشخصية فأنا كنائب دوري تقديم مشروع والضغط في سبيل مناقشته ومطالبة اللجان المعنية بذلك أما فكرة المناقشة والإقرار من عدمه فهذه تخرج عن سيطرتي.

 

فقط يستطيع المتضرر من القانون أن ينتقدني في هذا الملف إذا لم أقدم قانون، ولم أكن حريص على عقد جلسات حوار مجتمعي حوله وأجوب المحافظات في سبيل الوصول إلى صيغة أمثل ترضي الجميع وتحل الأزمات المتأصلة، ولم أدفع في سبيل المناقشة بالمجلس وأتواصل مع اللجان المعنية ورئيس البرلمان أكثر من مرة في هذا الأمر.

 

بالطبع الأمر يختلف تماما في تقييم شخص الأحزاب، فهي تستطيع أن تكون من الضغط ما يمكنها من إنفاذ أجندتها كاملة، وهذا صلب عملها وأساس دورها، إلا أن واقعنا يشير إلى أن أكبر الأحزاب في مصر شغلها الشاغل توزيع كراتين في رمضان وبطاطين في الشتاء، وغاب عنها المشروع الاقتصادي والسياسي والتنفيذي وغيره.

 

فمثلا حزب هو بالفعل أكبر حزب في الدولة ويشاع أنه يمتلك 400 نائب في البرلمان، لا تجد له مشروع سياسي يعمل على تنفيذه، بل أنه واقعيا لم يقدم مشروع قانون موقع باسم الحزب في اي قضية مفصلية من المحليات إلى الإجراءات الجنائية أو الأحوال الشخصية أو التعليم ويقتصر على أداء دور الجمعيات الخيرية، دون أي اهتمام بتفعيل أدواته كحزب كبير قادر على التأثير في توجه البرلمان والقوانين التي يناقشها وكذلك اهتمامات الحكومة.

 

وحتى لا يتم فهم كلامي بشكل خاطئ، فلست في موضع تملص من المسئولية إطلاقا، ولكن أضع النقاط على الحروف حتى يفرق المواطن بين دور النائب في بذل المجهود، والنتيجة المتأتية عن هذا الجهد أو مسئولية التنفيذي عن الحل.