من الظهور المحيّر إلى الولاية الثانية.. خبير نفسي يحلل التغير في شخصية السيسي
6 سنوات منذ تولي عبدالفتاح السيسي، منصب رئيس الجمهورية، ترى هل تغيرت فيها شخصيته؟، 40 عاما قضاها السيسي في الحياة العسكرية منذ أن كان طالبا في الثانوية العسكرية وحتى وصوله إلى قمة الهرم كوزير للدفاع، هذا التحول الدراماتيكي غير المحسوب في الأحداث، والذي نقله من العسكرية بكل انضباطها إلى خضم حياة مدنية بكل ضجيجها وفوضويتها، هل أثر ذلك على شخصيته؟ وكيف تكيف معه؟.
إن التغيير هو طبيعة البشر والحياة، فما بالك برجل قضى الـ10 سنوات المنصرمة في تقلبات قدرية للأحداث، وضعته أمام ما لم يخطط له ولم يخطر في مخيلته، فاستيقظ ليجد نفسه مسئولا عن أسرة قوامها 100 مليون نسمة، تضمنت مسئولية ملفات للسياسة الخارجية، ودولاب عمل حكومي، ومطالب شعبية اجتماعية وسياسية واقتصادية، وتحديات أمنية.
البحث فى شخصية السيسى وطبيعته وما طرأ عليه من تغيير، ليس شيئا عابرا ولا يمكن تصنيفه تحت بند الرفاهية الصحفية بأى حال من الأحوال، فهو ربان سفينة الوطن التي تحملنا جميعا، والعقل المفكر للدولة التى نعيش في كنفها، رأس حربة الفريق المصري دوليا إذا جاز التعبير.
بالطبع هناك جزء من فضول القارئ والمواطن العادي الذى يدفعه شغفه لمعرفة كل ما هو متاح عن ذلك القائد الذي يقود سفينتهم.
ومن المؤكد أن شخصيته وتحليلها تحت مجهر أعتى أجهزة المخابرات في العالم، فهو رئيس أكبر دولة في الشرق الأوسط، رمّانة الميزان في الوطن العربي.
قررت أن أخوض تجربة تحليل شخصية الرئيس معتمدة على ما سجلته من ملاحظات على مدار سنوات متابعتي المهنية له منذ أن كان وزيرا للدفاع وحتى توليه منصب الرئيس، فقد شهدت أولى كلماته الرئاسية فى حفل تنصيبه بقصر القبة، يونيو 2014، وحتى آخر كلماته في مؤتمر الشباب سبتمبر 2019.
لاحقته من تفتيش الحرب حتى المحافل الدولية على كرسى التمثيل الدبلوماسي المصري.
ولأنى أؤمن بالتخصص فقد استعنت بأهل الخبرة في المجال النفسي، وتحليل المضمون الخطاب الرئاسى، وحتى في ملابسه والتي تعكس انطباعات عن طبيعة شخصيته.
الظهور المحيّر
كان الظهور الأول للسيسي للرأي العام محيّرا، ظل الراجل الصامت خلف نظارته الشمسية السوداء، مثار تساؤلات عدة، وظلت التكهنات تطارده خلال عام كامل من حكم الجماعة، لا يوجد من يمتلك إجابة شافية للصدور، البعض وصمه بالتبعية للجماعة، والبعض الآخر نسج حوله خيوطا من الغموض والإثارة.
الانطباع المتفق عليه كان "هادئ، حسن الاستماع"، وهو ما نقله كل من التقاه من شخصيات سياسية أثناء توليه إدارة المخابرات الحربية في 2010.
وعندما أسقط المصريون الإخوان في 30 يونيو كانت أيضا خطابه الأول حاسما هادئا وكذلك عندما طلب التفويض من الشعب في 2013، كما حافظ على انضباطه الانفعالي في لقاءاته التلفزيونية أثناء ترشحه الأول فى 2014.
تحولات شخصية السيسى
بعد 6 سنوات من مسئوليات السلطة فقد السيسي بعضا من هدوئه، وهو ما يظهر في بعض الردود المنفعلة على الحاضرين للفعاليات، مثل رده الشهير على النائب الذي طالب بتأجيل رفع أسعار البنزين، ليرد منفعلا مطالبا بدراسة الموضوع قبل طرحه.
وفي 2016، انفعل أثناء مؤتمر برنامج رؤية مصر المستقبلية 2030، قائلا: "خلو بالكوا.. خلو بالكوا، أنا لن أسمح بذلك، محدش يفكر إن طول بالي وخلقي الحسن معناه إن البلد هتوقع، اللي هيقرب ليها هشيله من فوق وش الأرض، إنتم مين؟".
أستاذ الطب النفسي: يتمتع بديمقراطية اتخاذ القرار وديكتاتورية التنفيذ
الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي، يقول إن من الطبيعى أن تكون هناك تغيّرات قد طرأت على شخصية السيسي، فالرجل عاش حياة عسكرية أغلب سنوات عمره، والتحول للحياة المدنية يلزمه تغيير تدريجي.
مضيفا أن ضغوط الحكم ومسؤلياته تجعل هناك مساحة من الإجهاد لا شك فى ذلك، كما أن عدم تجاوب بعض العناصر مع ما يطمح إليه الرئيس تؤدي إلى الانفعال، كما أنه يعمل ما يزيد عن 12 ساعة يوميا وضغوط الروتين تزيد من الضغط العصبي عليه، وقد يظهر ذلك في بعض الردود المنفعلة، رغم أن الهدوء وضبط النفس إحدى سماته الشخصية.
وتابع: "السيسي يتمتع بديمقراطية اتخاذ القرار، وديكتاتورية التنفيذ، فطالما تم الاتفاق على صحة القرار لا بد من تنفيذه ولا سبيل لأن يعطل أي شخص عملية التنفيذ".
وعن لغة جسد الرئيس السيسي، يقول فرويز إنها تعبر عن مزيد من الثقة فى النفس.