الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"لا تخف .. لا تخف" .. آخر كلمات صدام حسين على المشنقة

صدام حسين
صدام حسين


13 سنة مرت على وفاة صدام حسين، أشهر رئيس عراقي، والحاكم العربي الذي كان الشغل الشاغل للعرب والعالم طوال سنوات، منذ التسعينيات وحتى مطلع الألفية الثالثة.

في مثل هذا اليوم، 30 ديسمبر، عام 2006، تم إعدام صدام، في صباح أول أيام عيد الأضحى، الأمر الذي أثار عاصفة من الغضب في داخل العالم الإسلامي، احتجاجاً على رمزية توقيت الإعدام.

في كتاب "صدام حسين.. رحلة النهاية أم الخلود"، للكاتب محمود عبده، والصادر عن دار "الكاتب العربي"، يسرد كواليس مقطع الفيديو الشهير الذي سجل مشهد إعدام صدام حسين، على لسان مصور الفيديو علي المسعدي.

كان "المسعدي" هو المصور الرسمي لرئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي، لذلك كلفته الحكومة بتصوير مشهد إعدام صدام، وفي "فجر أول يوم من أيام عيد الأضحى كان يعرف أن أمامه يوماً من طراز خالص".

صوّر "المسعدي" الحدث الذي هز العالم العربي بكاميرا "سوني" كان يعمل بها، ووفقاً للمؤلف فإن براعته كانت تكمن في أنه يضع نفسه دائماً في أفضل موقع يصور منه الحدث، ويدرك تماماً من أين تؤخذ اللقطة.

يكمل: "يوم إعدام صدام حسين، كان علي المسعدي يحمل الكاميرا السوني في يده اليمنى، في الوقت الذي وضع فيه يده اليسرى في جيب سترته الخضراء التي لم تساعد على تدفئته كثيراً".

كانت الأجواء شتوية باردة: "إلى حد أن الحراس الشخصيين الذي صاحبوا كل الشخصيات المهمة التي تابعت إعدام صدام، كانوا يسلون أنفسهم باللعب ببخار الهواء المتصاعد من أفواههم ويركضون وهم واقفون في أماكنهم قليلاً".

يروي الكتاب: "ألقى علي المسعدي نظرة بجانب عينيه على هؤلاء الحرس وهو يدخل إلى الغرفة التي سيتم فيها إعدام صدام.. كان يعرف أن معظمهم من الشيعة وأن عددا منهم لا بد أن يصاحبه إلى منزله بعد انتهاء جلسة تصوير الإعدام كما طلبت منه الحكومة العراقية، لحمايته من ناحية، وللتأكد من أنه لن يصنع نسخة أخرى من شريط إعدام صدام من ناحية أخرى".

في اللحظة التي دخل فيها صدام حسين إلى الغرفة لم يشعر المسعدي إلا بانفعال بسيط: "فقد كانت غريزته المهنية وفضوله هو الذي يحركه ويحكمه ويدفعه إلى التعامل مع إعدام صدام على أنه مجرد حدث خاص بالحكومة العراقية وليس كما وصفه فيما بعد، حدثاً يقلب التاريخ".

وينقل المؤلف عن "المسعدي" في حوار له مع مجلة "النيوزويك" الأمريكية، إن صدام ظل يردد لنفسه قبل تنفيذ الحكم وتشغيل الكاميرا "لا تخف.. لا تخف".

عن لحظة تنفيذ الحكم وسقوط جسد صدام يقول "المسعدي": "لقد سقطت جثة صدام في الفتحة، ودارت الجثة حول نفسها نصف دورة، قبل أن تتأرجح بعنف وبقوة عدة مرات.. لم تكن هناك آثار دماء على موضع حبل المشنقة حول عنق صدام، ولم يتساقط اللعاب من فم الجثة المفتوح كما هو المعتاد.. لقد مات صدام فوراً.. ومات حتماً!".

ومن كواليس المشهد، أن المصور لم يكن من المسموح له وهو يلتقط المشهد أن يتراجع خطوة عن موقعه بعد انتهاء الإعدام، لأن "كل كبار رجال العراق الذين حضروا الإعدام وقفوا وراء عدسة كاميرته، كأنهم يشرفون على إخراج فيلم إعدام صدام، ولم يكن من المسموح له أن يتراجع أكثر ليظهر باقي تفاصيل الغرفة التي أعدم فيها صدام".

بعد انتهاء تصوير المشهد تسلم كبير الموظفين في حكومة نوري المالكي الفيلم من علي المسعدي، وطلب منه ألا يروي شيئا مما جاء فيه لأي شخص.

يقول المؤلف: "خرج المسعدي من قاعة حكم الإعدام مهزوزاً.. زائغ البصر إلى حد ما.. وازداد ارتباكاً عندما تدافع الحرس نحو قاعة الإعدام، ليلتقطوا عشرات الصور لجثة صدام التي وضعت في ملاءة بيضاء، وتُرك وجهها ورأسها مكشوفين".

الشيء الأخير، أنه فور تسليم الفيلم، أمسك أحد القضاة الذين حضروا الإعدام بيد المسعدي، وأخذه معه في سيارة مصفحة من طراز "تويوتا" لاند كروزر، كانت ضمن أسطول سيارات فاخرة ينتظر كبار رجال الدولة في العراق، لينقلهم إلى منازلهم بعد الإعدام، كجزء من تأمينهم.