الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أستاذ الاقتصاد محمد راشد لـ"الرئيس نيوز": معدلات التضخم ستبدأ في الاستقرار مطلع 2020

الرئيس نيوز

ـ اتفاقية "التجارة الحرة الإفريقية" تفتح آفاقاً جديدة للصادرات المصرية وتجذب المستثمر الأجنبي

قال أستاذ الاقتصاد بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف، محمد راشد، إن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات سيكون لها تأثير سلبي على رفع مستوى التضخم والذي قد يصل لنحو 16%، وهذا الارتفاع فى الأسعار سيصل إلى كل السلع.

أكد راشد في حواره مع "الرئيس نيوز" أنه في بداية العام المقبل 2020 ستبدأ معدلات التضخم فى الاستقرار، متوقعاً اتجاه معدلات التضخم نحو الانخفاض، منتصف العام نفسه ما ينعكس إيجاباً على مستويات الاستثمار وتوليد فرص العمل.. وإلي نص الحوار:

 

ما رأيك في برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري؟

ـ بداية أحب أن أوضح أن الإصلاح عملية مستمرة في الاقتصاد المصري، وكان في أمس الحاجة إلى برنامج شامل ومتكامل للإصلاح كي ينتشله من عثرته، ولا سيما بعد تراكم الديون لشركات النفط الأجنبية، مما أحدث أزمة فى الوقود وانقطاعاً متكرراً فى الكهرباء، علاوة على تباطؤ النمو الاقتصادي والذي وصل لنحو 2% أي أقل من معدل النمو السكاني، بما يعنى انخفاض متوسط دخل الفرد، وكذلك تراجع الاحتياطيات الدولية بعد ثورة 25 يناير 2011، من 36 مليار دولار إلى 15 مليار دولار، بما يغطي بالكاد واردات ثلاثة أشهر، مما خلق أزمة تمويلية، بسبب تباطؤ القطاعات المولدة للنقد الأجنبي، والتي تأثرت بشدة بعد الثورة خاصة فيما يتعلق بقطاعي السياحة والاستثمار الأجنبي.

هل نجحت الحكومة الحالية في إدارة برنامج الإصلاح الاقتصادي؟

ـ أعتقد أن الرؤية التي وضعتها الحكومة من البداية لكيفية إدارة ملف برنامج الإصلاح الاقتصادى والمدعومة بشدة من القيادة السياسية والجرأة فى اتخاذ قرارات رفع الدعم على وجه الخصوص على الرغم أنها من المسائل الشائكة، والتي لم يستطع أحد الاقتراب منها على مدار نحو 40 سنة منذ يناير 1977، كفلت نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي ووصوله لأهدافه، لا سيما على مستوى المؤشرات المالية والنقدية كارتفاع معدل النمو الاقتصادي لأكثر من 5% فى المتوسط، خلال الثلاث سنوات الماضية، ما أهل الاقتصاد المصريليحتل المركز الثالث عالمياً بعد الصين والهند على الترتيب، وفقاً لهذا المؤشر الذي أعلنته مجلة الايكونوميست بمعدل 5.6% للعام المالي 2018/2019، علاوة على ارتفاع الاحتياطيات النقدية الدولية لأكثر من 44 مليار دولار بما يغطي واردات نحو 9 أشهر، وكذلك تحسن قيمة الجنيه بنحو 7% على مدار الأشهر الماضية، ما أسهم بدوره في عدم ارتفاع أسعار الوقود بمقداركبير، ولكي تتعزز ثمار الإصلاح الاقتصادي ينبغي تدعيم قطاعي الصناعة والصادرات الفترة المقبلة بالتحديد، لما لها من قيمة مضافة قوية وقدرة حقيقية على إحداث نقلة نوعية فى الاقتصاد المصرى وفى تنويع هياكله الإنتاجية استناداً على التطور الهائل فى البنية التحتية من طرق وموانىء ومحطات كهرباء وغيرها، فضلاً عن ما حدث من تحسينات وتعديلات فى البنية التشريعية الداعمة للاستثمار.

كيف ترى اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية؟

ـ هذه الاتفاقية ستكون بوابة خير لمصر، لأنها ستفتح آفاقاً جديدة للصادرات المصرية لتجوب جميع دول القارة، كما أنها تنعكس على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للأراضي المصرية للاستفادة من قدرة السلع والخدمات المصرية على النفاذ إلى كل الدول الإفريقية، بدون عوائق جمركية، بموجب هذه الاتفاقية التى تهدف إلى خفض الرسوم الجمركية بنسبة 90% على مدار الخمس سنوات المقبلة، كخطوة أولى يعقبها إقامة اتحاد جمركى.

بوجه عام تسهم هذه الاتفاقية فى دعم التجارة البينية وتعزيز التعاون الإقليمى بين كل دول القارة، كما أنها ستنعكس على خلق فرص العمل وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي بما ينعكس فى النهاية على تراجع مستويات الفقر داخل القارة السمراء، ما يحسب لمصر باعتبارأنها تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى والعقل المفكر الذي يخطط لتحقيق التنمية المستدامة ليس فى مصر وحدها، ولكن بشراكة بناءة مع الأشقاء الأفارقة.

ما رأيك في تعديلات قانون الاستثمار الجديدة؟

ـ هذه التعديلات الأخيرة فى قانون الاستثمار جاءت في وقتها، لأنها تنعكس بالإيجاب على تدفق موارد النقد الأجنبي فى الوقت الذى تتزامن مع انتهاء دفعات قرض "صندوق النقد الدولي"، فكان لزاماً البحث عن مصدر حقيقي وجديد لتوليد النقد الأجنبي،حيث سيكون لها دور مهمفي الاستثمار الأجنبي، سواء فى تحفيز المشروعات الاستثمارية القائمة على التوسع بسبب خفض الرسوم بما يعني دفعها إلى إعادة استثمار الفوائض المالية داخل مصر وعدم تحويلها للخارج، أو جذب شريحة جديدة من المستثمرين، بما يدعم معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التشغيل.

ما رأيك في قيام البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة؟

ـ هذا القرار في محله، وكنت أتوقعه بشدة لاحتواء الموجة التضخمية القادمة والناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والأجور، على الرغم من توقع عدد من المحللين خفض سعر الفائدة نظراً لانخفاض معدل التضخم فى شهر يونيو الماضي، على أساس شهري وسنوي، ولكن من المبكر الحديث عن خفض سعر الفائدة قبل احتواء آثار رفع أسعار الطاقة والأجور، والذي قد يمتد لنحو ثلاثة أشهر، ولذلك أتوقع أن يكون التثبيت هو الأقرب للجلسة القادمة أيضاً للجنة السياسة النقدية للبنك المركزى، ما لم يستجد جديد.

ما الآثار الاقتصادية المترتبة على الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات؟

ـ سيكون لها تأثير سلبي في رفع مستوى التضخم، والذي قد يصل لنحو 16%، وهذا الارتفاع فى الأسعار سيطال كل السلع، وبالتالي الطبقات المتوسطة والكادحة ستكون الأكثر تأثراً بمستويات التضخم، كما أنه يمكن أن يؤثر سلباً على القدرة التنافسية للصادرات، نظراً لتأثيره على ارتفاع تكاليف الإنتاج، ولا سيما فيما يتعلق بالسلع التى تشكل الطاقة نسبة معتبرة من تكلفة المنتج النهائى، وبالتالي يتطلب الأمر إجراء تعويضياً بتوجيه مزيد من الدعم لهذه المنتجات.

برأيك هل تعتقد أن يستمر ارتفاع التضخم؟ وكيف يمكن مواجهة التضخم؟

ـبداية عام 2020 ستبدأ معدلات التضخم فى الاستقرار وفي منتصف العام نفسه أتوقع اتجاه معدلات التضخم نحو الانخفاض، بما يسمح للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بنحو 3% على مدار العام، ما سوف ينعكس إيجاباً على مستويات الاستثمار وتوليد فرص العمل.

يمكن مواجهة التضخم من خلال زيادة المنافسة وتعزيز الإنتاج، من خلال إعطاء حوافز إضافية للمنتجين للدخول لأسواق السلع التي تعاني من اختناقات أو محدودية فى الإنتاج أو ممارسات احتكارية نتيجة لقلة عدد المنتجين، كما يمكن إصدار تشريع يلزم المنتجين بكتابة الأسعار على العبوات، حتى لا يحدث تخزين للسلع للاستفادة من ارتفاع أسعارها وفى نفس الوقت لكي تتمكن وزارة التموين من القيام بدورها الرقابي.

كذلك يمكن قيام وزارة التجارة ووزارة التموين بالتعاون معاً فى إنشاء موقع إلكتروني تُعرض به شهرياً جميع العروض والأسعار التى تصدرها سلسلة المتاجر الكبيرة ذات الفروع العديدة، مما يوفر منصة الكترونية واحدة يمكن للمستهلك الإطلاع عليها ليتعرف على الأرخص منها، ويمكن لجمعيات حماية المستهلك بناء على هذه المنصة تقديم بيانات للمستهلكين تساعدهم فيه على تحيدد السلع الأقل سعراً وأماكن بيعها.

أما على مستوى المستهلكين فينبغى ترشيد الاستهلاك بوجه عام ولاسيما من جانب الفئات ميسورة الحال، حتى لا يتسبب سلوكهم المسرف في زيادة الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار مما يضر بالطبقتين المتوسطة والفقيرة، كما ينبغى على جمهور المستهلكين مقاطعة السلع التى يوجد ارتفاع غير مبرر فى أسعارها على أن يتم ذلك من خلال إطار مؤسسى يتمثل فى جمعيات للدفاع عن حقوق المستهلكين.

ما رأيك في قيام الحكومة بإدراج أدوات الدين العام بالعملة المحلية لدى بنك يورو كلير؟

ـ أمر جيد وجزء أصيل من خطة الدولة للإصلاح المالى ضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي، يساعد بالتأكيد على زيادة قاعدة المكتتبين الأجانب في أدوات الدين الحكومية، مما يعطي مساحة للمناورة بالشكل الذى يتيح الاقتراض بأسعار فائدة أقل، وفى نفس الوقت يزيد الطلب على الجنيه المصري وتتحسن قيمته.