الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

في ذكرى "الجنرال المرعب".. الجمسي يحكي لحظة رفع العلم المصري فوق "العريش"

الرئيس نيوز

- شارك في الاحتفال الشعبي باستعادة المدينة.. وفي المساء رٌقي لرتبة المشير

- السادات أصدر قانونا لتكريمه مع قادة الحرب.. وقال له "وصيتي أن تبقى في الجيش مدى الحياة"

فى مثل هذا اليوم عام 2003، رحل المشير محمد عبد الغني الجمسي، أحد قادة القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973، الذي كان رئيس هيئة العمليات إبان المعركة.

بعد الحرب، تولى "الجمسي" الذي يُلقب بـ"الجنرال المرعب"، وزارة الحربية خلفا للمشير أحمد إسماعيل، ثم خرج من الوزارة في 5 أكتوبر 1978.

لكن ذلك لم يمنع من أن يكون شاهدا على لحظة استعادة أجزاء أراضي سيناء وفق المفاوضات التي دخلها الرئيس أنور السادات مع إسرائيل، ومنها استعادة العريش، التي تجري على أرضها هذه الأيام جولة من جولات الحرب مع الإرهاب.

 في مذكراته عن حرب أكتوبر، يحكي "الجمسي" الذي كان متقاعدا آنذاك عن حضوره الاحتفال باستعادة العريش ورفع العلم المصري عليها في 26 مايو 1979.

يقول: "عندما وصلتني الدعوة لحضور هذا الاحتفال الشعبي هناك، وجدت نفسي مندفعا للاشتراك في الاحتفال باستعادة جزء من أرضنا استشهد لنا فيها الآلاف من رجال القوات المسلحة، ولها – ولكل حبة رمل من سيناء – ذكريات كثيرة وعميقة في نفسي كما هي كثيرة وعميقة لدى كل الرجال الذين بذلوا العرق والدم والروح سنوات طويلة دفاعا عن مصر من هذا الاتجاه الاستراتيجي الخطير".

كان القائد العسكري لديه ملاحظات على السلام مع إسرائيل، لكنه لم يمنع نفسه من الفرحة الحقيقية بلحظة مثل تلك: "كنت أشعر بأن مصر بدأت تجني ثمار النصر في حرب أكتوبر، واستبعدت من تفكيري محتويات ومشتملات اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بما فيها من سلبيات".

وعن رفع العلم يقول: "حضرت الاحتفال، وكان لي شرف تقبيل العلم المصري – ضمن مراسم الاحتفال – الذي ارتفع عاليا في سماء سيناء. وعدت بعد ذلك مباشرة للقاهرة لأستعيد ذكريات كثيرة عن سنوات طويلة مضت".

في تلك الأثناء كما يقول، كان السؤال الذي يلح عليه هو: "هل حرب أكتوبر هي آخر الحروب؟"، قبل أن يجيب: "وكانت الحقيقة المؤكدة أمامي أن حرب أكتوبر ليست آخر الحروب".

يوم الاحتفال باستعادة العريش حمل خبرا آخر للجمسي الذين كان على رتبة فريق أول حتى تلك اللحظة، يحكي: "في حوالي الساعة الثامن و النصف من مساء يوم الاحتفال، طلبني تليفونيا المرحوم الأستاذ علي حمدي الجمال رئيس تحرير جريدة الأهرام لتهنئتي باستعادة العريش كثمرة من ثمرات حرب أكتوبر وتهمئتي بترقيتي لرتبة المشير، ولم أكن أعلم بهذه الترقية، وبعد قليل أخطرتني رئاسة الجمهورية بالخبر".

كان "الجمسي" حتى تلك الأثناء معينا رسميا في منصب مستشار رئيس الجمهورية، لكنه كان تقدم باستقالته للرئيس السادات الذي لم يقبلها إلا في العام 1980.

ويحكي أحد قادة حرب أكتوبر قصة وصية "السادات" بأن يظل "الجمسي" بالقوات المسلحة "مدى الحياة"، قائلا إنه عام 197 "استدعاني الرئيس الراحل لمقابلته في استراحة القناطر الخيرية. شرح لي بإسهاب الحالة الداخلية في مصر ونظام الحكم فيها منذ ثورة 23 يوليو 1952، وانتهى من هذا السرد الطويل الذي استغرق حوالي ساعة إلى أن قال إنه قرر تعيين نائب رئيس الجمهورية من "جيل أكتوبر".

ويضيف: "أخذ يشرح لي رأيه بالنسبة للفريق بحري فؤاد ذكري، ثم الفريق محمد علي فهمي، ثم أنا ثم الفريق طيار محمد حسني مبارك بهذا الترتيب. وعندما ذكر اسمي، أشاد بما قمت به من عمل منذ أن كنت رئيسا لهيئة العمليات ورئيسا للأركان ثم وزيرا للحربية، وقال لي "أنت جريشكو مصر. ولا بد أن تبقى في القوات المسلحة  مدى الحياة. وستكون هذه وصيتي".

لكن "السادات" كان قد حدد اختياره: "أنهى حديثه باختياره السيد\ محمد حسني مبارك لهذا المنصب. وصدرت صحيفة أخبار اليوم يوم 3\ 5\ 1975 برأي السادات في هذا الموضوع تحت عنوان كبير (خمسة كانوا مرشحين لمنصب نائب رئيس الجمهورية. حكم مصر أصبح مدنيا وسيظل مدنيا. السادات أوصى بألا يترك الجمسي القوات المسلحة أبداً".

ويكشف "الجمسي" في مذكراته أن "السادات" قرر تكريم قادة القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر والاستفادة من خبرات الأحياء منهم، فأصدر قرارا بقانون يقضي "بأن يستمر الضباط الذين كانوا يشغلون وظيفة رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية في حرب السادس من أكتوبر 1973 في الخدمة بالقوات المسلحة مدى الحياة".

وكان ذلك ينطبق على قادة القوات الجوية والدفاع الجوي والبحرية ورئيس هيئة العمليات إبان المعركة، بهدف "تقدير وتكريم قادة هذه الحرب الظافرة، ووضع خبراتهم النادرة في خدمة القوات المسلحة والدولة مدى حياتهم".

وعرض القانون على مجلس الشعب ووافق عليه وصدر وكان من المفترض العمل به من 26 مايو 1979، لكن "السادات" حقق لـ"الجمسي" رغبته وقبل استقاله من منصب المستشار العسكري لرئيس الجمهورية سنة 1980، إذ كان يفضل العمل الميداني على المناصب ذات الاعتبار السياسي.