الأربعاء 31 ديسمبر 2025 الموافق 11 رجب 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

لإنهاء أزمة الدين العام.. "المقايضة الكبرى" تشعل الجدل بين رجال الأعمال والمصرفيين| عاجل

الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي - رئيس مجلس الوزراء

أثارت إشكالية الدين العام أزمة بين الاقتصاديين ورجال الأعمال والمصرفيين، منذ أن أطلق رئيس الوزراء المجال للتكهنات بشأن تحركات الحكومة الفترة المقبلة لخفض الدين العام إلى أقل نسبة منذ 50 عامًا، وبدأ الجميع في طرح التصورات حول الخطة المستهدفة.

وكتب رجل الأعمال حسن هيكل، منشورًا يتضمن مقترحًا باسم “المقايضة الكبرى”، وهي فكرة تقوم على بيع جميع أصول الدولة للبنك المركزي مقابل تصفير الدين العام المحلي، وإعادة توجيه إيرادات الموازنة المحررة من الفوائد نحو برامج تنموية حيوية.

وأضاف هيكل، في منشوره على منصة “إكس”: “منذ حوالي عام قلت للسيد رئيس الوزراء على الهواء، أن الدين العام المحلي غير قابل للاستمرار، ولا يمكن حله إلا بالمقايضة الكبرى. وتحدث سيادته عن حل جذري ونهائي للدين العام المحلي سيعلنه قريبًا. فهل يكون ده؟”.

وأوضح هيكل، أنه عرض هذه الفكرة على رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قبل عام، مشيرًا إلى أن الدين وصل إلى حوالي 13 تريليون جنيه، ومعظم إيرادات الموازنة تُستهلك لسداد الفوائد فقط، ما يجعل الحلول التقليدية مثل تخفيض سعر الفائدة أو بيع الأصول بشكل جزئي غير مجدية.

وأضاف أن البنك المركزي في حالة امتلاكه للسيولة، يمكنه شراء أصول الدولة وإدارتها بشكل محترف، مما يسمح بتحويل هذه الأصول إلى استثمارات تنموية مستدامة تخدم الاقتصاد الوطني. 

واستشهد هيكل بتجارب دولية سابقة، مشيرًا إلى تدخل الفيدرالي الأمريكي عام 2008 لإنقاذ شركات كبرى من الإفلاس خلال أزمة السيولة، وأن تدخل البنك المركزي في أوقات الأزمات يمثل خطوة ضرورية للحفاظ على استقرار الاقتصاد وحماية الأسواق من الانهيار.

كسر الدائرة المفرغة للفوائد المتراكمة

ولفت هيكل إلى أن الهدف من المقايضة الكبرى هو كسر الدائرة المفرغة للفوائد المتراكمة، وتحرير الموارد المالية للدولة لدعم قطاعات أساسية مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، مع التأكيد على أن الفكرة قابلة للتنفيذ تقنيًا، لكن تحتاج إلى نقاش جاد حول العوائق المحتملة.

إعلان إفلاس ضمني

المنشور أثار حفيظة رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، هشام عز العرب، الذي علق على تصريحات هيكل بأن مقترح المقايضة الكبرى ما هو إلا إعلان إفلاس ضمني، مع وجود نسبة كبيرة من الدين مملوكة لأجانب "حوالي 40% من الأذون الحكومية، ما يثير تساؤلات حول ردود أفعال السوق المحلي والدولي، وإمكانية تمويل الدولة مستقبلًا من الأسواق الدولية.

زيادة الإيرادات الحكومية وتنمية القطاع الخاص

وشدد عز العرب على أن الحل يجب أن يكون عبر زيادة الإيرادات الحكومية وتنمية القطاع الخاص، موضحًا أن أي محاولة لتحويل الدين إلى أصول قد تؤدي إلى مصادرة أموال المودعين أو التأثير على استثماراتهم، وهو ما يراه خطيرًا على الاستقرار المالي.

من جانبه، رد رجل الأعمال نجيب ساويرس على تصريحات عز العرب، مؤكدًا أن المشكلة ليست فقط في حجم الدين، بل في ضعف إيرادات الدولة أيضًا.

من جهته، حذر الدكتور مدحت نافع، عضو اللجنة الاستشارية بمجلس الوزراء، من أن تنفيذ المقايضة الكبرى قد يؤدي إلى نقل أزمة الحكومة إلى الجهاز المصرفي وخلق دائرة جديدة من التخبط في السياسات النقدية، وهو ما يتطلب دراسة دقيقة لتداعيات الخطوة قبل اعتمادها.

المقايضة الكبرى ليست ضمن دراسات الحكومة الفعلية

ورغم تصريحات ونقاشات رجال الأعمال على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن مصادر حكومية أكدت لـ"الرئيس نيوز" أن المقايضة الكبرى ليست ضمن دراسات الحكومة الفعلية، بل ما يُدرس فعليًا هو مبادلة الديون السيادية باستثمارات تنموية، بمعنى تحويل الدين المستحق لدولة أو لتحالف دول نادي باريس إلى استثمارات ضمن خطة التنمية في مصر، على غرار ما تم تطبيقه مع ألمانيا وإيطاليا، مما يحول قيمة تلك الديون من عبء خدمة وسداد أقساط إلى التزام حكومي بالإنفاق على مشروعات التنمية والتكيف المناخي.

وأوضحت المصادر أن ملف الدين يدار بحساسية شديدة، ويشمل تكوين احتياطي قوي لتغطية الالتزامات وتقليل الاعتماد على ديون جديدة، بالإضافة إلى استبدال الديون والودائع باستثمارات حقيقية تعزز النمو والتنمية المستدامة.

وتوقعت المصادر أن يشهد العام المقبل خفض ديون بقيمة لا تقل عن 2 مليار دولار سنويًا، فضلًا عن مساعي تحويل الودائع العربية إلى استثمارات والديون القديمة إلى مبادرات تنموية.