السبت 20 ديسمبر 2025 الموافق 29 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تفاصيل اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان.. هل تتدخل القاهرة عسكريًا؟| عاجل

الرئيس السيسي والبرهان
الرئيس السيسي والبرهان قائد الجيش السوداني

حسمت مصر بشكل لا لبس فيه موقفها من التطورات في السودان، إذ حددت ما أسمته خطوطها الحمراء التي لا يمكن تجاوزها من قبل أطراف الصراع في الدولة التي تقع على حدود مصر الجنوبية، معتبرة أن تجاوز تلك الخطوط يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري. 

ولوح بيان شديد اللهجة للرئاسة المصرية بتفعيل اتفاق الدفاع المشترك بين البلدين، لضمان عدم تجاوز تلك الخطوط الحمراء.

إمكانية تدخل مصر عسكريًا في السودان

الأمر الذي فتح باب التساؤل بشأن إمكانية تدخل مصر عسكريًا في الجار الجنوبي، في ظل التراجع الميداني للجيش السوداني خلال الأسابيع الأخيرة مقابل تقدم قوات "الدعم السريع" للسيطرة على مدن استراتيجية ومحاولتها ترسيخ حكومة موازية غير معترف بها دوليًا، وهو ما غذى مخاوف تقسيم البلاد.

وجاء الإعلان المصري بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة، ويعد البيان هو الأشد لهجة منذ بداية الحرب داخل السودان التي اندلعت في أبريل 2023، إذ أكد أن الأمن القومي المصري يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالأمن القومي السوداني، وهناك خطوط حمراء لا يمكن التهاون في شأنها، ومنها الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان. 

وشددت مصر على الرفض القاطع لإنشاء أية كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه، مؤكدة أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بها خط أحمر.

وكان البند اللافت ضمن البيان هو تأكيد مصر "حقها الكامل في اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة كافة التي يكفلها القانون الدولي واتفاق الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين، لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها".

وقالت تقارير صحفية، بينها "إندبندنت عربية"، إن البلدين يرتبطان باتفاق للدفاع المشترك وُقع خلال يوليو 1976 بين الرئيسين أنور السادات وجعفر النميري، إضافة إلى اتفاق آخر للتعاون العسكري وقعه رئيسا أركان جيشي البلدين خلال مارس 2021، يشمل مجالات التدريبات المشتركة والتأهيل وأمن الحدود ونقل وتبادل الخبرات العسكرية والأمنية.

وشهدت التطورات الميدانية خلال الفترة الأخيرة انهيارًا للخطوط الدفاعية للجيش السوداني داخل إقليم كردفان وسيطرة "الدعم السريع" على عدد من المدن الاستراتيجية مثل بابنوسة وهجليج، وهو الوضع الميداني الحرج للغاية، في ظل دعم من قوى إقليمية ودولية لقوات "الدعم السريع".

الباحث في العلوم الاستراتيجية، اللواء محمد عبد الواحد، يقول لـ"إندبندنت عربية" إن بيان الرئاسة المصرية كان غير مسبوق، مشيرًا إلى أن تلويح القاهرة باتفاق الدفاع المشترك أكد التكهنات باحتمالية تحول الدعم المقدم للخرطوم إلى دعم عسكري، إذ لن تقف مصر مكتوفة الأيدي أمام تهديدات من حدودها الجنوبية، وبالتالي كل السيناريوهات مفتوحة في شأن دفاع مصر عن أمنها القومي.

وأوضح أن النقطة الفاصلة التي تستوجب تدخل مصر عسكريًا هي سيطرة "الدعم السريع" على أماكن استراتيجية أو الاقتراب من الحدود مع مصر، حينها لن تتورع مصر عن التحرك باتجاه قوات "الدعم السريع" ومن يدعمها، مؤكدًا أن من حق القاهرة الدفاع عن نفسها وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

فيما قال مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، إن إصدار بيان مصري قوي خلال هذا التوقيت يأتي ردًا على الانتهاكات المتكررة التي تقوم بها قوات "الدعم السريع" داخل عدد من المدن منذ اجتياحها الفاشر خلال أكتوبر الماضي، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف فضلًا عن الجرحى وحالات الاغتصاب المروعة، وهي جرائم وثقتها المنظمات الدولية، على رغم إعلانها رسميًا قبولها الدخول في هدنة لم تلتزم بها منذ اليوم الأول.

وأضاف عيسى أن التلويح باتفاق الدفاع المشترك بين مصر والسودان يعد رسالة ردع مطلوبة بأن مصر تمتلك كل الأوراق على الطاولة لحفظ أمنها القومي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الدولة المصرية قوية وحدودها مؤمنة بالكامل ولا يجرؤ أحد على تهديدها.

وأوضح أن مصر ما زالت تتمسك بالحل السياسي للأزمة السودانية وترحب بكل الجهود الدولية الرامية لذلك.

ولفت إلى أن أول بنود البيان الرئاسي المصري كان تأكيد الدعم الكامل لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان، واختتم البيان بتجديد مصر حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار الرباعية الدولية بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية تقود إلى وقف إطلاق النار.

ولم تعلق قوات "الدعم السريع" على البيان المصري، فيما اختتم البرهان زيارته للقاهرة بتدوينة على منصة "إكس"، قائلًا: "شكرًا مصر... شكرًا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي".