تقرير يكشف تفاصيل علاقة بشار الأسد ولونا الشبل وتحذيرات قاسم سليماني من "الجاسوسية"
لونا الشبل وبشار الأسد: قصة صعود مثيرة انتهت بـ"حادث غامض" واختفاء شقيقها
كشف المعلومات التي نشرتها مجلة "المجلة" السعودية في تحقيق خاص عن قصة صعود مثيرة للجدل، انتهت بشكل مأساوي، للمستشارة الرئاسية السورية لونا الشبل وعلاقتها المعقدة بالرئيس بشار الأسد. يتقاطع هذا التحقيق مع ملفات أمنية واستخباراتية عالية الحساسية، حيث يروي تفاصيل "حادث" وفاتها في يوليو 2024، والاختفاء الغامض لشقيقها ملهم الشبل وزوجته في أبريل من العام نفسه، عقب استهداف إسرائيلي للقنصلية الإيرانية بدمشق. كما يسلط التحقيق الضوء على خلافات داخلية عميقة وتحذيرات أمنية خطيرة وجهها قادة إقليميون بخصوص نفوذها.
لونا الشبل من "طلائع البعث" إلى قنوات الأخبار الكبرى
وُلدت لونا الشبل في دمشق عام 1974 لعائلة درزية، وعاشت طفولة مضطربة مع أمها التي كانت تعمل في حزب "البعث" الحاكم. نشأت لونا كحزبية نشيطة في "طلائع البعث" خلال سنوات دراستها للغة الفرنسية في جامعة دمشق. بدأت حياتها المهنية في التلفزيون السوري كمقدمة لنشرة الأخبار، قبل أن تحقق شهرة واسعة بانتقالها إلى قناة "الجزيرة" في أغسطس 2003. خلال عملها بالجزيرة، تزوجت من الإعلامي سامي كليب عام 2008 وحصلت على الجنسية اللبنانية.
العلاقة الخاصة والصراع على النفوذ في القصر الجمهوري
تتضارب الروايات حول بداية علاقة لونا ببشار الأسد، لكن العلاقة الخاصة بدأت تتشكل بينهما في عام 2008، حيث كانت تزور دمشق سرًا للقائه. في ديسمبر 2011، ظهرت على قناة "دنيا" السورية معلنة استقالتها من "الجزيرة" ورغبتها بوضع "خبراتها" تحت تصرف النظام.
بدأت عملها في مكتب الأمن الوطني الذي ترأسه اللواء علي مملوك، ثم انتقلت إلى الرئاسة في فبراير2012 كمسؤولة عن المكتب الإعلامي الذي كانت تديره حينها بثينة شعبان. سرعان ما اندلع صراع حاد بين المرأتين للظفر برضا الأسد، ونجحت لونا في العمل ضد شعبان وإبعادها، كما عملت على إبعاد معظم المقربين من الأسد، لتتمكن من "السيطرة" على المكتب الإعلامي والاقتراب من أسماء الأسد. كما لعبت دور الوساطة في ملفات حساسة، بينها لقاءات مطولة مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل قبل مغادرته دمشق.
لكن نفوذها اصطدم برفض ماهر الأسد، قائد "الفرقة الرابعة" وشقيق بشار، لدخولها إلى مجالسه، حتى بعد زواجها من عمار ساعاتي عام 2016، وهو المعروف بقربه من ماهر.
تحذيرات سليماني واتهامات "الجاسوسية"
لم يكن ماهر الأسد وحيدًا في تحذيره. فبحسب مقربين، حذر أيضًا قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" الإيراني، مستشاري بشار الأسد من لونا. وفي نهاية عام 2019، وفي حوار دار باللغة العربية بين سليماني وعلي مملوك، مدير مكتب الأمن الوطني، عند خروج لونا من مكتب مملوك، كشف سليماني عن شكوكه.
سأل سليماني عن راتبها السابق في "الجزيرة" ليجيب بنفسه: 10 آلاف دولار. ثم سأل عن راتبها الحالي ليرد: 500 ألف ليرة سورية، مستنكرًا: "فهل يعقل أن تترك 10 آلاف دولار من أجل 500 ألف ليرة سورية؟ إنها جاسوس." على الرغم من هذا التحذير القوي، قربها الأسد وجعلها مستشارة إعلامية بمرسوم رئاسي، وقربتها أسماء وجعلتها عضو مجلس أمناء في جامعة "المنارة" الخاصة.
الثراء المشبوه والصدام مع أسماء الأسد
بدأ الثراء يظهر على لونا قبل وفاتها بعام، حيث أشارت لأصدقائها إلى شراء عقارات بقيمة 8 ملايين دولار في دبي، بالإضافة لامتلاك زوجها عمار لشركة تأجير سيارات ومحطة وقود في الساحل السوري. وفي عام 2022، أسست مطعمًا روسيًا فاخرًا في المزة باسم "ناش كراي"، بيع لاحقًا لرجل الأعمال أبو علي خضر بأضعاف ثمنه. هنا بدأت أسماء الأسد تتساءل عن مصدر هذا الثراء، بينما بدأت لونا تبث أقاويل بأن "الست أسماء" تتحكم بمفاصل الاقتصاد السوري.
كانت لونا تتجه نحو التهميش الممنهج، خاصة بعدما مرضت أسماء بالسرطان للمرة الثانية في مايو 2024. وقد تزامن ذلك مع الزلزال في فبراير 2023، حيث بدأت أسماء إقصاء لونا وطالبت بأن تصبح مستشارة "خاصة" لها وليس لبشار، في عملية "تحجيم" أودت بحياتها لاحقًا.
وفاة غامضة واختفاء الشقيق في ملف واحد
كانت أملاك لونا في الخارج مسجلة باسم نسرين محمد، زوجة شقيقها ملهم الشبل، الملحق العسكري السابق الذي عاد إلى دمشق وعُيِّن "ممثلًا عن رئاسة الجمهورية" في مركز البحوث العلمية الحساس. اشتركت لونا وملهم في كرههما المعلن لإيران و"حزب الله"، ما أثار اتهامات بأنها تعمل "جاسوسة لصالح إسرائيل"، خاصة بعد سلسلة من الاغتيالات ضد شخصيات إيرانية ولبنانية في دمشق.
تعرضت لونا لحادث سير على طريق الديماس في 2 يوليو 2024، وأدى لوفاتها في 6 يوليو. لكن صور سيارتها "بي إم دبليو" المصفحة أظهرت أضرارًا خفيفة. روى شهود عيان لـ"المجلة" أن سيارة ضربت بها، وقبل أن يترجل المرافق، هاجمها شخص مجهول وضربها في خلفية الرأس، ما أدى إلى شلل كامل ثم الوفاة. تم نقلها إلى مستشفى الشامي بحضور زوجها عمار ورجال مقربين من ماهر الأسد، وتم اعتقال المرافق عمار فور محاولته الحديث عما جرى. أعلنت الرئاسة الوفاة ببيان مقتضب، وكانت جنازتها متواضعة.
قبيل "حادث" لونا، تم اعتقال شقيقها ملهم مع زوجته نسرين في 26 أبريل 2024، وأشيع في الأوساط المقربة من إيران في دمشق أنهما "كانا يعملان لصالح إسرائيل"، وأن لهما علاقة باستهداف الوفد الإيراني الذي قُتل في 1 أبريل. لم يظهر ملهم مجددًا، والأغلب أنه قُتل في أحد الأفرع الأمنية، في ظل أقاويل بأن اختطافه كان انتقامًا من لونا لتورطها في تسجيل فيديو للصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس في عام 2012.


