مصر تؤكد رفض التصريحات الإثيوبية بشأن أزمة سد النهضة
ألقى الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، كلمة جمهورية مصر العربية في الاجتماع الثالث والثلاثين للمجلس الوزاري لوزراء المياه بدول حوض النيل في بوجمبورا، بوروندي.
جاء ذلك بحضور نيستور نتاهونتو، رئيس وزراء جمهورية بوروندي، وكاليني مباريشيمانا، وزيرة البيئة والزراعة والثروة الحيوانية في جمهورية بوروندي ورئيسة مجلس وزراء مياه حوض النيل (Nile-COM)، وممثلو مبادرة حوض النيل، والدكتورة فلورنس غريس، المديرة التنفيذية لمبادرة حوض النيل.
وأكد وزير الري سعادته بالوجود في مدينة بوجمبورا لنجدّد التزامنا الجماعي بالتعاون ولتحقيق تطلعنا المشترك: "نهر واحد - شعب واحد - رؤية واحدة".
في البداية، تقدم الوزير بخالص الشكر لحكومة وشعب بوروندي على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، كما وجه التهنئة لأختنا معالي السيدة كاليني مباريشيمانا على تولّيها رئاسة مبادرة حوض النيل، معبّرًا عن ثقته بأن المبادرة ستواصل تحقيق المزيد من النجاحات.
كما أعرب عن تقدير مصر العميق لأشقائنا في أوغندا، دولة الرئاسة السابقة، على جهودهم المخلصة خلال فترة تولّيهم مهامهم، وتوجه بالشكر بشكل خاص لوزير سام تشبتوريس ومعالي الوزيرة بياتريس أتيم أنيوار.
دور مبادرة حوض النيل
وأشار الوزير إلى أن مبادرة حوض النيل، وعلى مدار أكثر من خمسة وعشرين عامًا، أثبتت أنها المنصة الشاملة والوحيدة القادرة على توحيد كل دول الحوض بروح من الوحدة والالتزام المشترك، مؤكدًا أن دور منظمة حوض النيل الفريد يحتم الحفاظ عليها وفق مبادئها التأسيسية القائمة على الشمولية والتوافق والثقة والمنفعة المتبادلة.
وفي هذا السياق، رحبت مصر بالقرار الحكيم الذي اتخذه المجلس الوزاري لمبادرة حوض النيل في نوفمبر 2024 بأوغندا، بإطلاق العملية التشاورية لبحث شواغل الدول الأربع التي لم تنضم أو تصدّق على الاتفاقية الإطارية، كما رحبت بالانخراط والمشاركة البنّاءة للجنة الوزارية الخاصة بهذا الشأن، متطلعةً إلى استمرار العملية التشاورية لاستعادة التعاون المشترك القائم على تحقيق المكاسب المتبادلة بين دول حوض النيل.
وأكد الوزير إيمان مصر الراسخ بأن هذه المشاورات تمثل فرصة حقيقية لاستعادة الشمولية وبناء الثقة بين دول حوض النيل، بما يسمح باستئناف مصر عضويتها الكاملة في المبادرة بروح من التعاون والثقة المتبادلة.
وشجعت مصر شركاء التنمية والجهات الدولية الذين يملكون خبرة واسعة في إدارة المياه العابرة للحدود على دعم هذه العملية فنيًا وماليًا، مع الامتناع عن دعم أي إجراءات قد تسهم في تعميق الانقسامات بين دول الحوض، مشيرةً إلى أن اتباع هذا النهج الإيجابي سيمهد الطريق نحو مستقبل مشترك يعزز وحدة وتماسك دول حوض النيل.
رفض الإجراءات الأحادية
وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من دول حوض النيل اختارت مسار الحوار، أعرب الوزير عن أسفه لترويج طرف بعينه خطابًا عدائيًا وإصدار بيانات تحريضية بهدف واضح لتقويض وحدة وتعاون دول الحوض، مشددًا على أن مصر ستستمر في ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية من خلال الامتناع عن الرد على هذه التصريحات داخل هذا المحفل لتجنب جر المبادرة إلى مثل هذه الاستفزازات غير المبرّرة.
وأكد أن التحديات التي تواجه حوض النيل اليوم لا يمكن معالجتها من خلال الإجراءات الأحادية، بل عبر التعاون الحقيقي القائم على الإدارة المستدامة لمواردنا المائية المشتركة وفق مبادئ القانون الدولي، ولا سيما مبدأ "عدم الضرر".
الإنجازات المشتركة
وأشار الوزير إلى ثمار هذا التعاون من خلال برنامج إدارة مشروعات حوض النيل الجنوبي (الهضبة الاستوائية)، الذي اعتمد مبدئيًا 36 مشروعًا في إطار برنامج الاستثمار في حوض نهر النيل، بعد إتمام دراسات تحديد الأثر على دول المصب وتحقيق التوافق والامتثال للمعايير المتفق عليها.
وأكد أن مصر ليست ضد التطلعات التنموية لأي دولة من دول الحوض، بل تدعم التنمية المستدامة التي لا تتسبب في ضرر، وتتطلع إلى تكرار نموذج النجاح الخاص بحوض النيل الجنوبي في حوض النيل الشرقي (الهضبة الإثيوبية)، من خلال الحفاظ على الشفافية وإجراء الدراسات الدقيقة لتقييم الآثار وفق القانون الدولي.
وأوضح أن مصر دعمت خلال السنوات الماضية العديد من المشروعات في مختلف دول الحوض، وكان آخرها موافقتها الرسمية على مشروعين في كل من أوغندا وتنزانيا، بما يعكس نهجها البناء في تطبيق مبدأ الإخطار المسبق والتشاور وفق القانون الدولي.
كما أشار إلى حرص مصر، خلال رئاستها لمرفق المياه الإفريقي للفترة 2025-2027، على العمل مع دول الحوض على تسريع تنفيذ مشروعات إمدادات المياه والصرف الصحي السبعة المدرجة ضمن برنامج الاستثمار لدول حوض النيل، مع تعبئة وحشد التمويل اللازم بالتعاون مع مرفق المياه الإفريقي وشركاء التنمية الدوليين.
التزام مصر بمبادرة حوض النيل
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على التزام مصر الثابت بدعم وتقوية مبادرة حوض النيل، المنصة الموحّدة الفعّالة التي تجمع دول الحوض كافة، بما يمكننا من تحقيق الاستفادة المثلى من نهر النيل العظيم، مضيفًا: "معًا يمكننا أن نمضي أقوى، أما إذا تفرقنا فإننا سنصبح أضعف، فلنتحرك معًا نحو مستقبل مستدام ومزدهر لشعوب دول حوض النيل كافة".

