عمرو هاشم ربيع: إلغاء الانتخابات في الدوائر يهز الثقة في نزاهتها.. والنظام الحزبي "شائخ ومدمر"| حوار
الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في حوار لـ"الرئيس نيوز":
رفض القوائم المنافسة حوّل الانتخابات إلى ما يشبه التزكية وأظهرها للعالم كأنها صورية
لولا تدخل رئيس الجمهورية لاستمرت العملية الانتخابية بأزماتها دون حل
الارتباك الانتخابي سيخفض المشاركة.. والدوافع أصبحت عائلية وقبلية لا وطنية
قرارات الإعادة ستعيد تشكيل التحالفات وضخ الأموال داخل الدوائر الملغاة
القائمة المطلقة تهدر أصوات الناخبين.. والحل الانتقال إلى "النسبية"
في ظل حالة الجدل التي فرضتها قرارات الإلغاء والتأجيل المتتابعة في العملية الانتخابية، وما رافقها من تساؤلات حول مدى جاهزية النظام الانتخابي وقدرته على استيعاب المنافسة الحقيقية، أجرى «الرئيس نيوز» حوارًا مع الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وقدم «ربيع» قراءة معمّقة لجملة الاضطرابات التي شهدها المشهد الانتخابي خلال الأسابيع الماضية، متناولًا انعكاساتها على ثقة الناخبين، ومستقبل العملية التشريعية، والتوازنات السياسية داخل الدوائر الملغاة.
كما طرح رؤية واضحة بشأن النظام الانتخابي الأنسب لمصر خلال المرحلة المقبلة، وموقفه من أداء الهيئة الوطنية للانتخابات، ودور الأحزاب في أجواء سياسية وصفها بأنها تحتاج إلى مراجعات جذرية.
وإلى نص الحوار..
كيف يؤثر تكرار قرارات الإلغاء والتأجيل على الجدول الزمني المعلن للانتخابات؟
التأثير على الجدول الزمني ليس العامل الرئيسي، مقابل التأثير الحقيقي على البرلمان القادم، فكيف سيشارك المشرعون الجدد (النواب) في التشريع والرقابة على الحكومة؟
وهل تؤثر القرارات المتتالية من إلغاء وتأجيل على ثقة الناخبين في نزاهة العملية الانتخابية؟
تكرار إلغاء الانتخابات يؤدي إلى أثر سلبي يتمثل في فقدان المواطنين الثقة في العملية الانتخابية وفي الهيئة الوطنية للانتخابات، خاصةً وأن الهيئة ارتكبت أخطاء عديدة.
ومن أبرز هذه الأخطاء اتهام المرشحين للهيئة باستبعادهم من المكان رقم (1) في بطاقة الاقتراع، رغم تقدمهم المبكر على مستوى جميع دوائر الجمهورية، لصالح آخرين وهو ما يُعتبر خرقًا للبند (5) من المادة (22) من قانون الهيئة، بكونه مشاركة في الدعاية الانتخابية، الأمر الذي يضعها – كما يرى البعض – في طائلة المادتين (25) و(26) من قانون الهيئة، بإلغاء المجلس الأعلى للقضاء ندبَ الـ10 قضاة في الهيئة.
بالإضافة إلى أن رفض القوائم المنافسة أدى إلى تحويل الانتخابات إلى ما يشبه "التزكية"، ما جعلها تبدو أمام الخارج كأنها انتخابات صورية؛ فالهيئة استخدمت حججًا لتعطيل منافسي القائمة الوطنية، مثل الكشف الطبي وأوراق التجنيد، بدل منح مهلة إضافية لاستكمال الملفات.
ومن الأخطاء الأخرى لدى الهيئة السكوت عن ترشح أشخاص في دوائر لا ينتمون إليها، مما أدى إلى تراجع تصويت الناخبين الذين لا يعرفون هؤلاء المرشحين، إضافة إلى سكوت الهيئة عن تعدد الصفات داخل القوائم، وعدم مطابقة نسبة تمثيل الشباب للحدود القانونية المعلنة.
كما أن منع إعطاء المرشحين صورة من محاضر الفرز بالمخالفة للمادة (48) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، كاد أن يثير الشكوك حول شفافية النتائج، مستشهدًا بقوله تعالى: "أولم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي".
ويرى البعض أنه لولا تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لما أمكن حل الأزمات التي واجهت العملية الانتخابية، ولكانت استمرت بشكلها السابق.
هل تتوقع أن يؤدي هذا الارتباك في العملية الانتخابية إلى انخفاض نسب المشاركة في الجولات القادمة؟
الأخطاء التي رصدتها الهيئة ستؤدي إلى تراجع مشاركة المواطنين، موضحًا أن دوافع المشاركة ستنحصر في سببين: الدافع الأول: دافع وطني، والثاني: دوافع عائلية وقبلية، وهنا سيتراجع الدافع الوطني الحقيقي لصالح المجاملات والمعارف بدلًا من الرغبة في المشاركة من أجل الوطن.
ما تحليلكم لتأثير الإعادة والقرارات على التوازنات السياسية في الدوائر المتأثرة؟
قرارات الإعادة ستعيد تشكيل التحالفات وترتيبات المطابخ الانتخابية داخل الدوائر الملغاة، كما ستدفع مرشحين لإعادة ضخ الأموال وتحفيز الناخبين مرة أخرى.

أي نظام انتخابي تفضل.. نظام القائمة المطلقة أم النسبية؟
الحل يكمن في الانتقال إلى القائمة النسبية الحزبية بدلًا من القائمة المطلقة، لأنها تحفظ نسب التمثيل كما حصلت عليها كل قائمة، بينما تهدر القائمة المطلقة أصوات الناخبين.
وضرب مثالًا بأن القائمة المطلقة قد تمنح 100% من المقاعد لقائمة حصلت على 51% فقط من الأصوات، وهو ما يهدر أصوات 49% من الناخبين، في حين توزع القائمة النسبية المقاعد حسب نسب الأصوات التي حصلت عليها القوائم المختلفة دون إهدار أي صوت.
وختاما.. هل ترى أن الأحزاب بحاجة إلى مراجعة سياساتها الانتخابية بعد التجربة الأخيرة؟
النظام الحزبي في مصر "نظام شائخ ومُدمَّر" نتيجة تدخل الدولة في شؤون الأحزاب، وعدم وجود تنظيمات حقيقية، وغياب التمثيل الجغرافي والتمويل، وتحول الأحزاب إلى أماكن سيطرة لرؤسائها وأقاربهم، إضافة إلى غياب الانتشار الشعبي. كما أن نظام القائمة المطلقة يحرم الأحزاب من التمثيل، بينما القائمة النسبية كانت ستمكنها من الظهور والتمثيل الحقيقي داخل البرلمان.