الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عندما يتحول المنزل إلى مقبرة "قتل الزوجات": عرائس قتلن على يد من أقسموا على الحماية

جرائم قتل الزوجات
جرائم قتل الزوجات

المشهد الأول: رائحة الحزن في قرية 11 العنابر

كانت الشمس تغادر سماء الحامول بكفر الشيخ، تاركة خلفها وشاحًا من القلق، لكن هذه المرة، لم يكن القلق عاديًا. عند "11 العنابر"، حيث تنتشر حقول الأرز المترامية، لم تكن رائحة الأرض هي الطاغية، بل رائحة الحزن والصدمة.

جرائم قتل الزوجات

هنا، ماتت "أماني. س"، ذات التسعة عشر ربيعًا. ماتت بيد من كان يفترض أن يكون سندها، زوجها "عبدالعزيز. أ". لم يمر على فستان زفافها الأبيض سوى 31 يومًا، شهر واحد كان يفترض به أن يكون "شهر عسل"، تحول إلى "شهر دم".

2.

شهادة الأم: مكالمة الأمس التي لا تُصدق


على حافة سرير والدها المصدوم، الجسد الذي أصابته الصدمة بالشلل المؤقت، جلست الأم، التي كانت تعمل في حقل بعيد، لتفاجأ بصراخ الجريمة. بصوت يرتجف، تروي تفاصيل "آخر وداع" لم يكتمل:

"بالأمس فقط... كانت سعيدة. تحدثنا في العصر، وقالت إنها مرتاحة معه. لم تشكُ، أبدًا لم تشكُ." تتوقف الأم، تعصر يديها، "استدنا لكي نزوجها... والآن، ذهبت هي والمال والراحة. ابنتي طعنت في صدرها... لأي سبب؟"

التحقيقات الرسمية، التي أشرف عليها اللواء محمد فوزي، مدير إدارة البحث الجنائي، كانت صريحة وبلا رحمة: مشادة بين الزوجين بعد رفض "أماني" لـ "رغبة الزوج". لحظة غضب عابرة، "سبب واهٍ" لا يستحق عصبية، تحول إلى طعنة قاتلة في الصدر.

محمد، شقيق العروس، يطلق صرخة لا تجد لها صدى إلا في صدره: "حسبنا الله ونعم الوكيل. خلاف على الذهب! أم رفض بسيط... كل هذا ليقتلها؟ لم يكتفِ بقتلها، بل لفها في ملاءة وادعى أن المفتاح ضاع... ظن أنه سيدفن الحقيقة."

لكن الطبيب، عند مستشفى الحامول المركزي، كان أول من اكتشف الخدعة، عندما تحول ادعاء التعب إلى كشف صادم عن جثة مطعونة.

3.

المشهد الثاني: اعتراف على شاشة "فيسبوك"


بفارق أيام، وعلى بعد مسافة، في قرية زنارة بالمنوفية، تحول الفضاء الافتراضي إلى مسرح جريمة.

استيقظ الأهالي على منشور بارد ومروع على "فيسبوك". صورة زوجة شابة ورضيعها ذي الستة أشهر، وتحتها اعتراف لاذع بالذنب من الجاني، "محمود. ش": "أنا دبحت ابني ومراتي."

كان محمد الخولي، ابن عمة المجني عليها "آية العناني"، أول من رأى الصورة: "شاهدنا الصورة... ولم يصدق القلب ما رأته العين. هل هذا يحدث؟ هل أصبحت الجريمة تُعرض هكذا؟"

اندفعت أسرة آية إلى المنزل، لكن قوات المباحث سبقتهم. وجدوا "محمود. ش" جالسًا على كرسي، يردد بهستيريا: "أنا اللي قتلتهم... أنا اللي قتلتهم."

4.

دفاع الأبرياء: قديسة ورضيعها ضحية "الشك"

"آية العناني"، خريجة الدراسات الإسلامية، حافظة لـ 23 جزءًا من القرآن الكريم. كانت حياتها هادئة، زوجها قادم من عمله بالسعودية قبل أيام. لم يكن هناك مؤشرات.

لكن الدافع الذي أقر به الزوج في التحقيقات كان: "الشك في سلوكها."

هنا، انتفضت الأسرة والأقارب لدحض هذا الاتهام البشع الذي يزيد من عذاب القتل. شقيق "آية" ينفجر غضبًا: "شقيقتي سمعتها كالشمس. أخلاقها يشهد بها الجميع. كيف يُقتل طفل عمره ستة أشهر؟ يجب أن يُعدم!"

الأكثر درامية، هو تدخل شقيقة الزوج نفسه على "فيسبوك" لتبرئة القتيلة، معترفة بمرض أخيها:

"نشهد الله أن المرحومة آية العناني بريئة من كل ما ذُكر عنها... هي كانت زوجة وحبيبة لأخي. ما حدث وما نشره أخي هو انتكاسة مرضية عفانا الله وإياكم..."

شهادة من بيت القاتل، تقطع الشك باليقين، وتؤكد أن الأسباب لم تكن تبريرًا، بل مجرد "وهن" أو "مرض" أو "خلاف عابر" تحول ببرود أعصاب إلى جريمة ذبح مزدوجة.

5.

النهاية المعلقة: عدالة تنتظر القصاص

في مشرحة مستشفى كفر الشيخ العام والمنوفية، ترقد جثامين الضحايا. طعنة أماني، وذبح آية ورضيعها. قصتان تتقاطعان في نقطة سوداء واحدة: القتل على يد الزوج لأسباب واهية.

تبقى أسئلة الأهالي معلقة في الهواء: متى يتوقف النزيف؟ متى يتوقف "الوهن" عن أن يكون سببًا لإنهاء حياة كاملة؟

النيابة العامة تواصل تحقيقاتها. ولكن، في شوارع الحامول وزنارة، لا يزال صدى صرخات الأمهات يهز البيوت، مطالبًا بالقصاص العاجل من الأزواج الذين حولوا عهد الحب إلى "عامود جحيم"، وحولوا بيوت الزوجية إلى مقابر.