هل يسعى اليهود لتدمير أمريكا إذا توقفت عن دعم الصهيونية؟
تصاعدت حدة النقاشات داخل أروقة مؤسسات اليمين الأمريكي عقب بث حلقة مُطوّلة على منصة بودكاست تاكر كارلسون استضاف فيها الناشط المحافظ نيك فوينتيس. وأثارت الحلقة مجددًا نقاشات حول علاقة النخب والمؤسسات المؤيدة لإسرائيل بالسياسة الأمريكية، وبحماس لافت ربط فوينتيس بشكل مباشر بين "اللوبيات المؤيدة لإسرائيل".
وكان جوهر رسالته حول فكرة أن تراجع الدعم الشعبي الأمريكي لإسرائيل قد يواجه بردود فعل من هذه المجموعات، بما يُنظر إليه على أنه ضار بالمصالح الأمريكية الداخلية. عبر منصة رامبل، أكد فوينتيس أن محاولات إقصاء كارلسون عن الساحة الإعلامية هي نتيجة لانتقاداته السابقة لإسرائيل.
ووجّه فوينتيس اتهامات صريحة إلى جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، واعتبرها السبب وراء ما وصفه بـ«انهيار أمريكا من الداخل». كما شنّ هجومًا لاذعًا على النخبة السياسية والإعلامية في البلاد، من ضمنهم قيادات الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه فكريًا، معتبرًا أن المشهد السياسي أصبح خاضعًا تمامًا لـ«رقابة فكرية» تمنع قول الحقيقة.
وأوضح فوينتيس أن ما يتعرّض له كارلسون في أعقاب مغادرته برنامجه على قناة فوكس يعكس حملة ضغوط منظّمة ضد كل من يعارض النفوذ الإسرائيلي داخل الإعلام الأمريكي، قائلًا بحدة: «اليهود يدمرون هذا البلد لأن البلاد لم تعد تريد دعم إسرائيل بعد الآن».
وفي مقابلة سابقة مع كارلسون، قال فوينتيس إنّ «هؤلاء الصهاينة اليهود» (he said “these Zionist Jews”) هم الذين يجب أن يُؤخذ منهم الحذر، كما قدّم رؤية مفصّلة لآليات التمويل داخل التيار المحافظ—متحدّثًا عن «أنابيب» تخريج شبان تحت رعاية مؤسسات كبيرة مثل Turning Point USA، وعن مستثمرين مؤثّرين مثل ميريام أدلسون وغيرها، والذين تحكّموا في مسارات السياسيين والإعلاميين بما يخدم «إسرائيل أولًا»، وجددت هذه التصريحات الحديث عن ولاءات مزدوجة أو تأثير يونيفورمي لجماعات يهودية على السياسة الأمريكية، يخشى في ظلها أن ينقلب اليهود على أمريكا إذا انحسر دعمها غير المشروط للصهيونية والدولة اليهودية.
كما يرى فوينتيس أن الأزمة الحالية تجاوزت مجرد خلاف فكري أو استراتيجي لتصبح خطة ممنهجة تستهدف تفكيك الحزب الجمهوري من الداخل. فبعد أن فقد – حسب تقريره – اللوبي الإسرائيلي السيطرة على الحزب الديمقراطي نتيجة تراجعه عن تقديم الدعم العسكري لإسرائيل، بدأ موجةً لإسكات الأصوات المعارضة في صفوف المحافظين.
ويشير إلى أن الهجمات على شخصيات مثل تاكر كارلسون وكانديس أوينز وفوينتيس نفسه تُعدّ جزءًا من هذه الاستراتيجية، الهادفة إلى إرغام قادة الحزب، وعلى رأسهم نائب الرئيس جيه دي فانس، على إعلان مواقف صارمة مؤيدة لإسرائيل، فإما أن يكونوا مع «إسرائيل أولًا»، أو يخاطرون بفقدان دعم القاعدة الشعبية.
وتأتي تصريحات فوينتيس في لحظة سياسية شديدة الاستقطاب داخل الولايات المتحدة، إذ
يشهد التيار اليميني خلافًا متسعًا بين الجناح التقليدي المؤيد لإسرائيل، والتيارات الشعبوية الجديدة التي تميل إلى الانعزال السياسي ومعارضة النفوذ الخارجي، ما يعكس مزاجًا متناميًا بين شرائح من القاعدة اليمينية التي ترى أن دعم إسرائيل لم يعد أولوية قومية أمريكية حاسمة.
وفي الأثناء، تتصاعد الانقسامات داخل تيار "ماجا" (Make America Great Again)، الذي يمثل القاعدة الشعبوية لترامب. هذه الخلافات تتفاقم تحديدًا حول المواقف المتباينة من إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن الجدل تجاوز حدود السياسة الخارجية ليصبح اختبارًا للولاء السياسي الداخلي. حيث أشارت تقارير لموقع "أكسيوس" إلى أن إسرائيل أصبحت محورًا للانقسام، بين تيار قومي يرفض "التبعية الخارجية" وجناح مؤيد لإسرائيل. هذا الانقسام يهدد وحدة التيار الشعبوي الأوسع الداعم لترامب.