الأحد 07 ديسمبر 2025 الموافق 16 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عاجل| بدعم أمريكي أوروبي.. هل تقود مصر قوة أمنية دولية مؤقتة في غزة؟

الرئيس نيوز

في تطور لافت يعكس تغيرًا في ملامح المرحلة المقبلة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ترجح التقارير الصحفية الغربية استعداد مصر لتولي قيادة قوة أمنية دولية مؤقتة في قطاع غزة، تهدف إلى تثبيت الأمن وتهيئة الأرضية لإعادة الإعمار بعد وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية. 

هذه المبادرة، التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، تأتي في إطار خطة متعددة المراحل لإعادة الاستقرار إلى القطاع، وتُعد من أبرز مخرجات قمة شرم الشيخ للسلام التي استضافتها مصر في منتصف أكتوبر الجاري.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "فيرست بوست" اليوم الأحد الموافق  ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥، فإن القوة الأمنية التي قد تقودها مصر لن تكون بعثة حفظ سلام تقليدية تابعة للأمم المتحدة، بل ستعمل بتفويض خاص من مجلس الأمن الدولي، يمنحها صلاحيات واسعة داخل غزة، بما يشبه النموذج الذي استخدم في هايتي سابقًا.

 وتهدف هذه القوة إلى فرض الأمن، إدارة عمليات نزع السلاح، وضبط النفوذ الإقليمي في مرحلة ما بعد الحرب، في ظل دمار واسع طال البنية التحتية المدنية والعسكرية في القطاع.

وتشير صحيفة "الجارديان" البريطانية  إلى أن الدول المشاركة في هذه القوة تشمل إلى جانب مصر كلًا من تركيا، إندونيسيا، وأذربيجان، بينما لن تشارك القوات الغربية ميدانيًا، رغم إرسال بريطانيا مستشارين للمساعدة في التخطيط والتنسيق. وقد بدأت بالفعل تحضيرات لوجستية في القاهرة، حيث جهزت القوات المسلحة المصرية مساعدات إنسانية ومعدات أمنية استعدادًا لنقلها إلى غزة.

أما صحيفة "جيروزاليم بوست"، فقد أكدت أن مصر اقترحت نشر قوة فلسطينية قوامها ١٠،٠٠٠ عنصر، يتم تدريبهم في الأردن أو داخل الأراضي المصرية، على أن تبدأ المرحلة الأولى بنشر ١،٠٠٠ عنصر في مواقع محددة داخل غزة. 

هذه القوة ستكون جزءًا من المرحلة الثانية من خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تتضمن أيضًا ترتيبات سياسية واقتصادية تهدف إلى إعادة تأهيل القطاع ودمجه تدريجيًا في النظام الإقليمي.

وفي السياق ذاته، أفاد موقع "ميدل إيست آي" اللندنية أن مصر بدأت منذ أشهر تدريب عناصر من قوات الأمن الفلسطينية، بالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك استعدادًا لتولي مسؤولية إدارة الأمن في غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية. ويستند هذا التدريب إلى اتفاقيات أمنية سابقة، أبرزها مؤتمر أوسلو عام ١٩٩٣، الذي وضع الأساس لتشكيل أجهزة أمنية فلسطينية بإشراف دولي.

وتأتي هذه التحركات في ظل توافق دولي على ضرورة منع الفراغ الأمني في غزة، خاصة بعد الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من بعض المناطق، وتوقف العمليات العسكرية المباشرة. 

وقد أشار تقرير نشرته وكالة "الأناضول" إلى أن قمة شرم الشيخ للسلام، التي شارك فيها قادة من الولايات المتحدة، تركيا، قطر، ومصر، هدفت إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وغير مشروط، إضافة إلى إطلاق مسار سياسي جديد نحو حل الدولتين.

لكن رغم هذا الزخم الدبلوماسي، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه تنفيذ هذه المبادرة، أبرزها موقف حركة حماس، التي لم تعلن بعد قبولها الكامل بالخطة الأمنية، إضافة إلى تعقيدات التنسيق بين الأطراف الدولية، وتحديد طبيعة التفويض الذي ستحصل عليه القوة الأمنية. 

كما أن بعض الدول الأوروبية أبدت تحفظات على مشاركة دول غير غربية في قيادة القوة، رغم تأكيد واشنطن أن مصر هي "الأنسب سياسيًا وجغرافيًا" لتولي هذا الدور.

من جهة أخرى، فإن هذه المبادرة تعكس أيضًا رغبة مصر في استعادة دورها الإقليمي كلاعب رئيسي في ملف القضية الفلسطينية، بعد سنوات من التراجع النسبي لصالح وسطاء آخرين. 

وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة أن مصر ملتزمة بدعم الشعب الفلسطيني، وأنها ستقود جهود إعادة الإعمار، وتشكيل هيئة حكم جديدة في غزة، بالتنسيق الوثيق مع الأطراف الدولية والإقليمية.

ويرجح المراقبون أن قيادة مصر لقوة أمنية مؤقتة في غزة تمثل تحولًا استراتيجيًا في إدارة الصراع، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الترتيبات الأمنية والسياسية في القطاع. 

وبينما تبقى التفاصيل النهائية رهن التفاوض، فإن الإجماع الدولي على دور مصر يعكس ثقة متزايدة في قدرتها على لعب دور الوسيط والضامن، في وقت تتطلع فيه المنطقة إلى إنهاء دوامة العنف، وبدء مسار جديد نحو الاستقرار.