ماذا يحدث على الحدود الأفغانية الباكستانية؟
تشهد الحدود بين أفغانستان وباكستان منذ أيام توترًا غير مسبوق تطور إلى مواجهات عسكرية مفتوحة، أعادت إلى الأذهان مرحلة ما قبل سيطرة حركة طالبان على كابول في عام 2021.
وكانت الاشتباكات التي اندلعت في وقت سابق واستمرت حتى صباح الأحد قد دفعت السلطات الباكستانية إلى إغلاق المعابر الحدودية الرئيسية، وفي مقدمتها طورخم وتشمان، بعد تبادل كثيف لإطلاق النار بين الجانبين، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وتدمير مواقع عسكرية على جانبي الحدود، بحسب تقارير رويترز وأسوشيتد برس والجارديان.
المتحدث باسم الحكومة الباكستانية أعلن أن بلاده "تحتفظ بحق الرد الكامل" على ما وصفه بالاعتداءات المتكررة من داخل الأراضي الأفغانية، مشيرًا إلى أن قوات الجيش ردت بقصف مدفعي استهدف مواقع تابعة لحركة طالبان داخل إقليم ننجرهار. في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع التابعة لطالبان أنها قتلت 58 جنديًا باكستانيًا خلال "عمليات ليلية نوعية"، مؤكدة أنها سيطرت مؤقتًا على عدة نقاط مراقبة تابعة لإسلام آباد قرب خط ديوراند الفاصل بين البلدين.
ورغم تضارب الأرقام حول حجم الخسائر، إلا أن المؤكد أن المعارك الأخيرة تمثل تصعيدًا خطيرًا في واحدة من أكثر الحدود توترًا في آسيا.
وتقول الجارديان إن سبب الانفجار الأخير يعود إلى حملة باكستانية جديدة لترحيل المهاجرين الأفغان غير النظاميين، وهو ما اعتبرته طالبان "إهانة إنسانية"، خاصة بعد اعتقال مئات من مواطنيها داخل الأراضي الباكستانية.
ويرى محللون أن الصدام الحالي ليس مجرد نزاع حدودي، بل يعكس تدهور الثقة بين الطرفين منذ عودة طالبان إلى الحكم. فبينما كانت إسلام آباد تأمل أن تسهم الحركة في ضبط الحدود ومنع تسلل الجماعات المتشددة، تشير التقارير إلى أن هجمات تنظيم "تحريك طالبان باكستان" ازدادت بنسبة كبيرة خلال العامين الماضيين، ما جعل باكستان تعتبر كابول مسؤولة بشكل مباشر عن غضّ الطرف عن تلك الجماعات.
إضافة إلى ذلك، فإن التحولات في السياسة الإقليمية تلعب دورًا في تأجيج الصراع، فطالبان تحاول تعزيز استقلاليتها ورفض الوصاية الباكستانية، بينما ترى إسلام آباد أن كابول تتقارب تدريجيًا مع خصومها في المنطقة مثل إيران والصين، ما يهدد بتغيير ميزان القوى التقليدي في جنوب آسيا.
وفي ظل هذا التصعيد، حذّر مراقبون من أن استمرار القتال قد يؤدي إلى أزمة إنسانية جديدة، حيث يعيش مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان في الجانب الباكستاني من الحدود، ويعتمدون على حركة التجارة اليومية التي توقفت بالكامل.
كما أن أي تصعيد طويل الأمد سيقوّض جهود الوساطة الدولية التي تحاول تثبيت الأمن في المنطقة.