الشاباك يحذر من انهيار السلطة الفلسطينية في ظل تدهور الأوضاع في الضفة
أعربت وكالة الأمن الإسرائيلية "شاباك" عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع المتدهورة في الضفة الغربية، محذرة من أن هذه التطورات قد تؤدي إلى انهيار وشيك للسلطة الفلسطينية.
هذا التحذير جاء خلال اجتماعات مغلقة عُقدت مؤخرًا مع القيادة السياسية لسلطات الاحتلال برئاسة نتنياهو في تل أبيب، حيث أكدت الوكالة أن هناك مؤشرات جدية على أن الأزمة الاقتصادية الخانقة في الأراضي الفلسطينية قد تسبب حالة من الفوضى الشاملة، وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ويشير تقرير القناة 12 الإسرائيلية، الذي نُشر أمس الخميس الموافق 4 سبتمبر 2025، إلى أن ارتفاع معدلات البطالة وتأخر دفع رواتب الأجهزة الأمنية الفلسطينية يمثلان عوامل رئيسية في تآكل قدرة السلطة على تقديم الخدمات الأساسية.
وتزعم التقديرات الأمنية الإسرائيلية أن انهيار السلطة الفلسطينية سيشكل تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل، حيث يمكن أن يؤدي إلى فتح جبهة جديدة وغير متوقعة على حدودها الشرقية.
ولتجنب هذا السيناريو، أوصى "شاباك" الحكومة الإسرائيلية باتخاذ خطوات عاجلة، أهمها استئناف تحويل عائدات الضرائب المجمدة، التي تُعد بمثابة شريان الحياة المالي للسلطة. إلا أن هذه التوصيات تواجه معارضة قوية من وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الذي يُتهم باتباع سياسة ممنهجة لخنق الاقتصاد الفلسطيني، بهدف تسريع عملية الانهيار لتسهيل الضم التدريجي للضفة الغربية.
وتزيد هذه السياسة من حدة الأزمة، خاصة وأنها تتجاهل دعوات دولية متزايدة لاستئناف تحويل الأموال، مما يضع إسرائيل في موقف حرج أمام المجتمع الدولي ويقوض جهود تحقيق الاستقرار.
وتُبرز هذه التطورات وجود انقسام حاد داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل بين الأجهزة الأمنية من جهة، والقيادة السياسية المتطرفة من جهة أخرى. ففي حين ينظر "شاباك" إلى استقرار السلطة الفلسطينية كضرورة أمنية للحفاظ على الهدوء في المنطقة، يرى جناح اليمين المتطرف بزعامة سموتريتش وبن غفير في ضعف السلطة فرصة لتحقيق أجندات سياسية أوسع نطاقًا، تهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية بشكل دائم.
هذا الصراع الداخلي يعكس تناقضًا كبيرًا في الأولويات، حيث يضع الأمنيون المخاطر قصيرة المدى في الاعتبار، بينما يسعى السياسيون لتحقيق أهداف أيديولوجية بعيدة المدى، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار المنطقة.
وتُشير التقارير إلى أن سياسة سموتريتش لا تقتصر على تجميد الأموال، بل تتضمن خطوات أخرى تهدف إلى خنق الاقتصاد الفلسطيني، مما يفاقم الأزمة المعيشية ويُغذّي حالة الإحباط لدى السكان.
وتتزايد المخاوف من أن هذا التدهور الاقتصادي قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي شامل، يفتح الباب أمام مجموعات مسلحة لملء الفراغ الذي ستتركه السلطة الفلسطينية المنهارة، مما يعيد المنطقة إلى مربع العنف الواسع النطاق الذي يصعب السيطرة عليه.
وفي هذا السياق، يعتبر "شاباك" أن استمرار سياسة التجويع الاقتصادي هو لعب بالنار، وأن تجاهل التحذيرات الأمنية سيؤدي حتمًا إلى نتائج كارثية قد لا تقتصر تداعياتها على الفلسطينيين وحدهم، بل تمتد لتشمل الإسرائيليين أيضًا.
وتُشكل هذه التحذيرات الأمنية دعوة صريحة للقيادة الإسرائيلية لإعادة النظر في سياساتها تجاه الضفة الغربية، وإعطاء الأولوية للحلول التي تعزز الاستقرار بدلًا من تلك التي تُغذّي التطرف.