الجمعة 05 ديسمبر 2025 الموافق 14 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

سباق عالمي.. أنجولا وممر لوبيتو في قلب الصراع على معادن المستقبل

الرئيس نيوز

في قلب القارة الإفريقية، حيث تتقاطع الطموحات الاقتصادية مع الاستراتيجيات الجيوسياسية، تبرز أنجولا وممر لوبيتو كركيزتين محوريتين في المشهد العالمي الجديد. وبينما تشتد المنافسة الدولية على الموارد والبنية التحتية، تسعى القوى الكبرى لإعادة رسم خرائط النفوذ عبر مشاريع عابرة للحدود تستهدف الموارد الحرجة والمواقع الاستراتيجية.

كنز المعادن النادرة

تُعد أنجولا من أبرز المنتجين الأفارقة للمعادن الحرجة مثل الليثيوم والنحاس والكوبالت، وهي عناصر أساسية في الصناعات المتقدمة، لا سيما تقنيات البطاريات الكهربائية والطاقة النظيفة. 

ومع تزايد الطلب العالمي على هذه الموارد، تتبنى الحكومة الأنجولية استراتيجية جديدة تقوم على تعظيم القيمة المضافة عبر إنشاء صناعات تحويلية محلية بدلًا من الاكتفاء بتصدير الخامات.

في هذا السياق، تسعى أنجولا لبناء مصانع لمعالجة الليثيوم وإنتاج مكونات البطاريات، بدعم من شركاء دوليين، ما يعزز موقعها في سلاسل التوريد العالمية ويولّد فرص عمل جديدة ويزيد من استقلاليتها الاقتصادية.

ممر لوبيتو

يُعد ممر لوبيتو، الممتد من ميناء لوبيتو غرب أنجولا مرورًا بزامبيا وصولًا إلى الكونغو الديمقراطية، أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في إفريقيا. ويُنظر إليه كبديل استراتيجي للممرات التقليدية عبر جنوب إفريقيا، مما يمنح الدول المشاركة فيه سيادة اقتصادية أعلى ومسارات أسرع إلى الأسواق العالمية.

ويحظى المشروع بدعم مؤسسات كبرى مثل البنك الدولي، إضافة إلى استثمارات شركات خاصة على غرار "ترافيجورا"، بهدف تحديث السكك الحديدية والأنظمة اللوجستية. لكن المشروع يواجه تحديات تتعلق بالتمويل وبناء القدرات المحلية لضمان استدامته وفعاليته.

التنافس الدولي

تحوّل ممر لوبيتو إلى محور جذب جيوسياسي تتنافس عليه الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين، التي تملك بالفعل استثمارات كبيرة في قطاع التعدين الإفريقي. وبينما تسعى بكين لتعزيز صادراتها من خلال الممر الجديد، يروج الغرب لنموذج يقوم على الشفافية والاستدامة كجزء من إستراتيجية أوسع للحد من النفوذ الصيني في إفريقيا.

هذا الصراع الدولي يضع حكومات أنجولا وزامبيا والكونغو أمام تحدي إدارة العلاقات المتوازنة مع الشركاء الدوليين، بما يضمن تدفقات الاستثمار ويحفظ في الوقت نفسه المصالح الوطنية.

قناة السويس

في ضوء صعود إفريقيا الاقتصادي، تبرز مصر كلاعب استراتيجي عبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تمثل مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين ثلاث قارات. ومع مرور ما بين 12 إلى 15% من التجارة العالمية عبر القناة، تستهدف مصر جذب استثمارات تصل إلى 60 مليار دولار في مجالات الطاقة النظيفة والخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية.

شركات عالمية مثل "سيمنس" و"دي بي ورلد" أبدت اهتمامًا واسعًا بتطوير المنطقة، التي تواجه منافسة متزايدة من موانئ إقليمية كجبل علي في دبي وموانئ السعودية، فضلًا عن التحديات الجيوسياسية المحيطة.

الابتكار والاستدامة

إلى جانب دورها كمركز تجاري، تسعى مصر إلى بناء اقتصاد مستدام يقوم على الابتكار والطاقة المتجددة. ومن خلال مشروعات ضخمة مثل محطة "بنبان" للطاقة الشمسية ومزارع الرياح في خليج السويس، تعمل القاهرة على تعزيز أمنها الطاقي وتقليل بصمتها الكربونية، في إطار التزاماتها الدولية.

كذلك، يجري دعم بيئة الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا المالية والزراعة الذكية، إلا أن التوسع في هذه المجالات يظل مرهونًا بتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحسين منظومة التعليم الفني والتقني، لتلبية احتياجات السوق المتطور.