بكين تزاحم واشنطن وتضع قدماً عسكرياً في جيبوتي..
ساوث تشاينا مورننج بوست: "مبادرة الحزام والطريق" لفتت الانتباه إلى خطورة موقعها على البحر الأحمر
بعد ساعات من انتهاء اجتماعات
"قمة الحزام والطريق" الصينية، كشفت "ساوث تشاينا مورننج بوست"
حقيقة الوجع الذي سببته التحركات الصينية حول العالم لدولة كبرى مثل الولايات
المتحدة الأمريكية، خصوصاً أن واشنطن كانت اللاعب الدولي الوحيد في بعض في القارة
السمراء، وبالتحديد في بلاد يعبرها طريق "مبادرة الحزام والطريق"، وعلى
رأسها جيبوتي.
تقع جيبوتي في موقع مثالي عند البوابة
الجنوبية للبحر الأحمر، ولديها موانئ جيدة، وتنظر الصين إليها كمساعد رئيسي على
حماية مصالحها المتنامية، في إطار تنفيذ استراتيجية البنية التحتية البحرية واسعة
النطاق.
جيبوتي، تلك الدولة النائية في القرن
الإفريقي، التي كشف الأسبوع الماضي عن وقوعها في قلب "مبادرة الحزام
والطريق" واستثمارات تقدر بمليارات الدولارات، أعلن عنها في قمة بنفس العنوان
وبحضور عدد من زعماء دول العالم البارزين في الصين، بما في ذلك الرئيس عبد الفتاح
السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتدفع بكين بثقلها وراء هذه المبادرة من
أجل تحقيق الأهداف التجارية والعسكرية للصين وسط شكوك غربية حول دوافعها. وأعلن
الرئيس الصيني أن المبادرة تهدف إلى تعزيز
البنية التحتية للطرق البرية والبحرية التي تربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا – وهي
أهداف تجارية إلى حد كبير من حيث طبيعتها، لكنها أثارت أيضًا تساؤلات حول حاجة الصين
لتعزيز وجودها العسكري لحماية مصالحها المتزايدة في الخارج.
تبعاً لذلك، اتخذت الصين خطوة إقامة
قاعدة عسكرية في جيبوتي منذ عام 2017، الأمر الذي
ساهم في رفع مكانة الدولة الأفريقية في حين أثيرت مخاوف بشأن تمركز القوة
العسكرية الصينية في هذا الموقع الاستراتيجي، ويهدف الجزء البحري من "مبادرة
الحزام والطريق" إلى ربط المناطق الساحلية للصين وأوروبا عبر بحر الصين
الجنوبي والمحيط الهندي.
تطل جيبوتي على خليج عدن والبحر
الأحمر، وتعد سواحلها عند البوابة الجنوبية لقناة السويس - التي تمر عبرها 10 في
المائة من صادرات النفط العالمية و20 في المائة من جميع السلع التجارية، ووفقًا
لـ"تيموثي هيث"، كبير محللي أبحاث الدفاع الدولي في شركة "راند
كوربوريشن"، في مقابلة أجرتها صحيفة "ساوث تشاينا مورننج بوست":
"تود العديد من الدول أن يكون لها
قاعدة في جيبوتي لمراقبة وحماية حركة الشحن في تلك المنطقة، فخليج عدن والبحر
الأحمر هما مساحتان بالغتا الأهمية تمر عبرهما نسبة كبيرة من إجمالي الشحن التجاري
العالمي، وتحظى جيبوتي بأهمية لدى المستثمرين نظرًا لتمتعها بمنظومة إدارية لا بأس
بها، وموقع مثالي ولديها موانئ جيدة على مستوى متقدم". ولطالما كانت جيبوتي
مرتبطة بالقوى التقليدية. فقد قامت الولايات المتحدة ببناء قاعدتها العسكرية،
"ليمونير كامب" في جيبوتي منذ ما يقرب من عقدين. والعديد من حلفاء
الولايات المتحدة، بما في ذلك إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا واليابان، لديهم
أيضًا وجود عسكري في القرن الإفريقي بهدف الحفاظ على النظام العالمي الحالي بقيادة
الولايات المتحدة.
تنمويًا، بدأت جيبوتي حصد عدد من
المزايا والفوائد المجتمعية المصاحبة لتسليط الضوء على أهميتها المتزايدة، فقد تم
إطلاق مشروع لبناء 1000 وحدة سكنية في جيبوتي العام الماضي، بدعم مالي من شركة
"تشاينا ميرشانت"، الشريك التشغيلي لمنطقة التجارة الحرة في جيبوتي،
ولكن هذا الوضع الراهن يمثل تحديًا منذ افتتاح القاعدة العسكرية الصينية، على بعد
12 كم (8 أميال) فقط من "ليمونير كامب" باعتبار الصين من غير حلفاء
الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة الصينية عن "أندرو
سكوبيل"، المحلل السياسي لدى شركة
"راند كوربوريشن"، وهو أيضاً أستاذ مساعد بكلية إدموند أ. والش للخارجية
بجامعة جورج تاون بواشنطن: "كانت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية هي
الجهات الفاعلة الخارجية الوحيدة المهيمنة في الشرق الأوسط، لكن الصين برزت كعنصر
فاعل آخر بشكل أساسي من الناحية الاقتصادية، ولكن الآن بشكل تدريجي للغاية من
الناحية العسكرية والأمنية".
وأضاف "سكوبيل":
"بالنسبة للصين، فإن القاعدة لها أهمية أكبر لأنها موطئ قدم عسكري للصين في
المنطقة – وتأتي في إطار ما أطلق عليه البعض بصمة عسكرية ناعمة"، في حين
اعتمدت الصين منذ فترة طويلة على إرسال سفن الإمداد لدعم مصالحها الخارجية، قال
مسؤول عسكري إن هذا النمط سوف يحتاج إلى تغيير.
ويرى "لي تشونبانج"، المفوض
السياسي للقاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي، في برنامج يبث عبر الدائرة
التلفزيونية المغلقة وتديره الدولة: "سوف نتحول تدريجياً من الاعتماد على
إرسال سفن الإمداد إلى إنشاء قواعد دائمة في الخارج". وفى البرنامج، الذى تم
انتاجه للاحتفال بالذكرى السبعين للبحرية الصينية، أكد "لى" أن قاعدة
جيبوتي عززت قدرة الصين على توفير تدابير أمنية احتياطية.