معجزة هندسية أسفل مقبرة مصرية قديمة

لا تزال الحضارة المصرية القديمة قادرة على إذهال العالم بضخامتها وفخامتها، ولكن يبدو أن ما يكمن في أعماقها غالبًا ما يكون أعظم من أي توقع. وأسفل سطح الصحراء الصامت، تقع معجزة هندسية حقيقية، تجسيدًا لعبقرية المصريين القدماء في البناء والتخطيط، وهذه الهياكل الجوفية ليست مجرد ممرات ودهاليز؛ بل هي شبكات معقدة من الغرف والأروقة والآبار، مصممة بدقة متناهية لتخدم الغرض المقدس من حفظ المومياوات ومقتنيات المتوفى وحمايتها للأبد.
ووفقًا لتقرير نشره موقع "إندي١٠٠" للكاتبة كاثرين شاتلوورث بعنوان "اكتشاف معجزة بمقبرة مصرية قديمة"، تم الكشف عن أحدث هذه الأعاجيب الهندسية مؤخرًا، وتجلت هذه العبقرية الهندسية في اكتشاف "نفق مذهل" أسفل معبد في مدينة تابوزيريس ماجنا الأثرية المدمرة. أُعلن عن هذا الاكتشاف من قبل وزارة السياحة والآثار المصرية، ووصفه الخبراء بأنه "معجزة هندسية" حقيقية.
يقع هذا النفق المذهل على عمق ١٣ مترًا (٤٣ قدمًا) تحت الأرض، وتم نحته بدقة عبر ١٣٠٥ أمتار (٤٢٨١ قدمًا) من الحجر الرملي. يبلغ ارتفاع النفق مترين، وقد أشرفت على اكتشافه كاثلين مارتينيز من جامعة سانتو دومينجو في جمهورية الدومينيكان وزملاؤها خلال أعمال التنقيب المستمرة في المعبد.
ويشبه تصميم هذا النفق الجديد، وفقًا لفريق البحث ووزارة السياحة والآثار، نفق إيوبالينوس البالغ طوله ١٣٠٦ أمتار - وهو قناة مائية من القرن السادس قبل الميلاد في جزيرة ساموس اليونانية، والتي يُشار إليها غالبًا على أنها أعجوبة هندسية. ويبدو أن نفق تابوزيريس ماجنا مثير للإعجاب تمامًا.
لا يزال الغرض من النفق المكتشف حديثًا غير معروف حاليًا، حيث أن أجزاء منه مغمورة بالمياه. تعتقد مارتينيز، التي تعمل في تابوزيريس ماجنا منذ عام ٢٠٠٤ بحثًا عن مقبرة كليوباترا السابعة المفقودة، أن هذا النفق يمثل دليلًا واعدًا. تأسست تابوزيريس ماجنا حوالي ٢٨٠ قبل الميلاد على يد بطليموس الثاني، ابن الجنرال الشهير للإسكندر الأكبر وأحد أسلاف كليوباترا. ويعتقد الفريق أن المعبد كان مخصصًا للإله أوزوريس وملكتها، الإلهة إيزيس - الإلهة التي ارتبطت بها كليوباترا بشدة. وقد عُثر هناك على تماثيل لإيزيس، بالإضافة إلى عملات معدنية تحمل أسماء وصور كليوباترا والإسكندر الأكبر. ستوفر الأعمال المستقبلية المزيد من المعلومات حول ما إذا كان هذا النفق الجديد يمكن أن يؤدي إلى هذه المقابر المفقودة منذ زمن طويل. وتشمل الخطوات التالية استكشاف البحر الأبيض المتوسط القريب. بين عامي ٣٢٠ و١٣٠٣ بعد الميلاد، ضربت سلسلة من الزلازل الساحل، مما تسبب في انهيار جزء من المعبد وابتلاعه بواسطة الأمواج. كشفت الحفريات السابقة عن شبكة من الأنفاق تمتد من بحيرة مريوط إلى البحر الأبيض المتوسط. لقد أسفر النفق بالفعل عن بعض الكنوز: قطعة مستطيلة من الحجر الجيري وقطع من الفخار.
في عام ٢٠٠٩، صرح وزير الآثار آنذاك، زاهي حواس، قائلًا: "إذا اكتشفنا مقبرة كليوباترا ومارك أنتوني، فسيكون أهم اكتشاف في القرن الحادي والعشرين. وإذا لم نكتشف مقبرة كليوباترا ومارك أنتوني، فقد قمنا باكتشافات كبيرة هنا، داخل المعبد وخارج المعبد."
وتظل هذه المقابر والأنفاق، بتفاصيلها المخفية ودهاليزها السرية، شاهدًا على التطور المعرفي الهائل الذي بلغه المصريون القدماء. إنها ليست مجرد آثار تاريخية، بل هي دروس حية في الهندسة المعمارية والتخطيط الإنشائي، تثير التساؤلات حتى يومنا هذا حول كيفية تحقيق هذه الإنجازات الهندسية الفذة بأدوات بدائية نسبيًا. إنها حقًا معجزة هندسية تستمر في إلهام وإعجاب الأجيال، وتكشف عن جانب آخر من عظمة الحضارة المصرية القديمة.