الخميس 14 نوفمبر 2024 الموافق 12 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| أحمد راغب: الحوار الوطني يمر بمراحل "صعود وهبوط".. ولا نستهدف إظهار أخطاء الحكومة

الرئيس نيوز
  • علينا تشجيع الحوار الوطني رغم الإحباط أحيانا
  • لا زلنا في "ملحق" المرحلة الأولى بسبب "الحبس الاحتياطي" 
  • تصميم رأس الدولة على تبني توصيات الحوار يعطينا تفاؤل
  • المقتنع بجدوى الحوار لديه ثقة في تحقيق النتائج والمشككون يرونه "مكلمة"
  • فخور بما قدمناه من توصيات في ملفات كثيرة ولا يوجد ما أخجل منه للمشاركة في الحوار
  • لم نستهدف إظهار أخطاء الحكومة وسعينا للوصول للحد الأدنى من التوافق
  • دورنا تقديم التوصيات وآليات التنفيذ في يد الحكومة تنفيذيًّا والبرلمان تشريعيًّا
  • راعينا تنوع الآراء والجلسات لم تعتمد على تصويت الأغلبية على عكس جلسات البرلمان
  • الأصوات المعارضة داخل البرلمان ليست ممثلة بالشكل الكافي وليس لها تأثير
  • البرلمان يعاني من أزمة ثقة مع المواطنين ودور النواب يتلخص في الخدمات ويغيب عنه التشريع والرقابة
  • أتمنى تغيير تركيبة البرلمان المقبل واختلاف أجندته لأننا في مفترق طرق وإما نسير للأمام أو نتراجع للخلف
  • أميل لفكرة إقامة الانتخابات البرلمانية بنظام يجمع بين القائمة المغلقة والنسبية
  • هناك فجوة كبير بين المواطنين والأحزاب السياسية وهذا نتاج سنوات طويلة من الممارسة الخاطئة
  • الظاهر من الأوراق في أزمة حزب الدستور يؤكد أن لجنة شؤون الأحزاب دورها “مُعطِّل”
  • لا يكفي دور المجلس القومي لحقوق الإنسان ويجب توفير مساحة للمجتمع المدني بالتوازي
  • دور نقابة الصحفيين في أزمة قانون الإجراءات الجنائية محترم وفاعل
  • بيان اللجنة التشريعية بالبرلمان غير موفق وبيان المستشار الجبالي كان له أثر البلسم لتلافي الأمر
  • مشروع القانون الصادر عن اللجنة التشريعية بالبرلمان لا يمت بصلة لتوصيات الحوار الوطني
  • حالات القبض الجديدة واستمرار حبس الكثيرين تضعنا في موقف حرج مع استمرار الحوار
  • هناك قضايا يجب إنهاؤها فورًا ولا يصح أن يحصل مواطن على عفو رئاسي ويظل على قوائم الإرهاب
  • فكرة الدمج والتأهيل التي طبقتها التنسيقية جيدة ويجب توسيعها

في حوار مفتوح وشامل مع المحامي الحقوقي أحمد راغب، المقرر المساعد بالمحور السياسي داخل الحوار الوطني، تحدث راغب لـ"الرئيس نيوز" عن مجريات الأمور وآليات العمل داخل أروقة الحوار، كما تطرق لأزمة قانون الإجراءات الجنائية ومواد الحبس الاحتياطي، بالإضافة إلى غياب دور البرلمان، وكيفية التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، وتفاصيل أخرى كثيرة.

وإلى نص الحوار..

ردود الفعل على الحوار الوطني ونتائجه

بداية.. بعد مرور عام على انطلاق الحوار الوطني.. هل لديك نفس الحماس للفكرة

الحماس هو شعور عاطفي أكثر منه شعور واقعي، وهناك أنواع مختلفة من الحماس، ولكن هناك مصطلحات أخرى يمكن أن تكون مناسبة لوصف الحالة، منها على سبيل المثال (تشجيع) الحوار الوطني، ولازال هناك حالة تفاؤل موجوده بالحوار الوطني، وما يمكن أن أقوله بشكل واقعي بعيدا عن العواطف، أن الحوار الوطني يمر بمراحل صعود وهبوط (حبة فوق وحبة تحت) لأن هناك بعض الأمور التي تؤثر أحيانا على الحوار وجلساته وموضوعاته، وسأعطي لك مثالا على ذلك الوصف، فمثلا في مسألة الحبس الاحتياطي، أحدث ارتباكا في المشهد، فالرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر بيانا على لسان متحدث الرئاسة مؤكدا تبنيه التوصيات التي صدرت عن لجنة حقوق الإنسان بالحوار الوطني، كان بيانه قاطعا وقويا وتحدث عن تصميم رأس الدولة على إنهاء تلك الأزمة وفق ما صدر من توصيات، وهذا الإجراء ترتب عليه حاله شديدة جدا من التفاؤل وكان له مردود إيجابي على الناس، بعدها فوجئنا ببعض الأمور التي تصيب بالإحباط  مره أخرى، عندما صدر مشروع قانون الإجراءات الجنائية فجأة، وليس للحوار الوطني أي علاقة به، وقد تجاهل توصيات الحوار وهذا أعطى انطباعا عكسيا، ولذلك أقول لك إن الحوار يمر بمراحل صعود وهبوط.

مع بداية المرحلة الثانية من الحوار الوطني.. ما الفرق بينها وبين المرحلة الأولى؟

أرى أننا إلى الآن لا زلنا في المرحلة الأولى، وكانت هناك توصيات صدرت ونشرت وأرسلت للرئيس بها عشرات التوصيات على كافة المحاور التي يناقشها الحوار الوطني، ولذلك أرى أن هناك ملحقا للمرحلة الأولى تتعلق بموضوع الحبس الاحتياطي، ولا يمكن الحديث عن فرق بين المرحلة الأولى والثانية، فهما مراحل متتابعة تكمل بعضها، ولكن هناك أوجه تشابه بين المرحلتين، وتتمثل في أن الجمهور المقتنع بجدوى الحوار الوطني وأنه الوسيلة الأمثل للوصول إلى حلول في بعض الملفات، لازال لديه نفس الثقة والإيمان بالفكرة.

وماذا عن الجمهور غير المقتنع بجدوى الحوار الوطني؟

منذ البداية هناك وجهتا نظر، واحدة تقول إن الحوار مجرد مكلمة (ملهوش لازمة وتضييع وقت وبيورط المشاركين به)، ووجهة نظر أخرى تقول أي مساحة تتاح لتقديم حلول واقعية وممكنة للتقدم في بعض الملفات المسببة لألم للناس، يجب استغلالها والمشاركة فيها، وبالنسبة لأصحاب وجهة النظر الأولى، فمهما صدر من الحوار ومهما تحقق من إيجابيات فلن يقتنعوا بجدواه، وهذا شأنهم، أما وجهة النظر الثانية فتعمل جاهدة لوضع حلول للكثير من الملفات المتأزمة، ومنها على سبيل المثال الحبس الاحتياطي، خاصة وأن هذا الملف يتسبب في ترويج انطباع سيئ عن العدالة في مصر، وهذا الملف حساس جدا ولا يصح أن يأخذ أحد هذا الانطباع عن الدولة المصرية.

بالحديث عن وجهتي نظر مختلفين عن الحوار الوطني.. لماذا رفض البعض المشاركة بالحوار؟
لا يمكنني أن أتحدث بلسانهم، ولكن ما يمكن أن أؤكده أن المستهدف من المشاركة في الحوار هو الوصول لحلول واقعية وممكنة وخطوات للأمام، وليس المستهدف كما يظن البعض، تشفي في الحكومة أو إلقاء الطوب عليها ومحاولة إثبات أخطائها (الهدف من المشاركة مش إننا نقول الحكومة غلط) ولكن الهدف الوصول لتوافق بين كافة الأطراف في الكثير من الملفات المهمة للحكومة وللمعارضة وللمواطن وللدولة ككل.

البعض انتقد مشاركة جزء كبير من المعارضة في الحوار.. وقد نالتك أنت شخصيا بعض الانتقادات.. ما تعليقك؟

أقول بكل ثقة أنني فخور بما قدمته من دور في الحوار الوطني وتوصياته ومخرجاته، وأعتبر أنني أديت دوري بأقصى قدر ممكن وأقصى درجة ممكنة من الفهم للوضع السياسي القائم، ولم نفرط في حقوق الناس والتزمنا بنصوص الدستور والقانون، ولا يوجد ما يمكن أن أخجل منه بالمشاركة في الحوار، فجميعنا دافعنا عن حقوق الناس ونتمنى أن تلتزم الجهات التنفيذية بما صدر عن الحوار، ويمكن أن أؤكد أنه أصبح في الدولة أجندة لمعالجة بعض الموضوعات العاجلة، وودورنا ليس تنفيذ هذه الأجندة فهذه أمور ترجع للحكومة والبرلمان والسلطة التنفيذية، ولكن أدينا ما علينا ونفخر به ولا نخجل منه.

معنى ذلك أنك راضٍ عن نتائج الحوار حتى الآن؟

كل التوصيات التي صدرت عن لجنة حقوق الإنسان فخور بها، ومرضية جدا لطموحي كأحد المشاركين فيها، وفخور أنني شاركت للوصول لهذه التوصيات، أما تنفيذها من عدمه ليس من اختصاصي (أنا عملت شغلي) وخاصة في ملفات (الإعلام وحرية تداول المعلومات وقانون الحبس الاحتياطي وغيرها)، وما توصلنا إليه من توصيات يريح الضمير، خاصة وأننا ولأول مرة تمكننا من جمع الحكومة والبرلمان والمعارضة والحقوقيين والسياسيين وأشخاص خاضوا التجارب بنفسهم، على مائدة واحدة وطاولة حوار بها جمع متنوع من الآراء بهدف الوصول لحد أدنى مشترك بين الجميع، وصدرت التوصيات وأرسلت لرئيس الجمهورية، وأعلنا عنها رسميا، ودورنا ينتهي إلى هنا وننتظر من الحكومة والبرلمان القادم تطبيقها على أرض الواقع؛ لأنها الجهات المختصة بالتنفيذ والتطبيق والتشريع.

هل أثر وجود الموالاة داخل الحوار الوطني على مجريات الحوار وأولوياته؟

قطعا وقولي واحدا لا، واحدة من حسنات ومزايا الحوار الوطني أنه دائما كان يراعي تنوع الآراء، والأحزاب المؤيدة للحكومة صوتها وغالبيتها لا تعني أنهم أصحاب التأثير الأكبر، وهذا يظهر جديا في جلسات الحوار، وهي ليست مسألة تنافس ولا تصويت أغلبية مثل البرلمان مثلا، فجلسات الحوار كانت دائما تسعى لخلق مساحة توافق وليس تنافسا، وهذا الأمر أعطى مصداقية للحوار، ويمكن تقييم ذلك من خلال المنتج الصادر عن الحوار من توصيات، على عكس البرلمان الذي يسير وفق تصويت الأغلبية.

الفرق بين البرلمان والحوار الوطني

معنى ذلك أن آلية النقاش داخل الحوار الوطني أفضل من آلية العمل في البرلمان؟

بالطبع، خاصة وأن الأصوات المتنوعة أو المختلفة داخل البرلمان ليست ممثلة بالشكل الكافي، بعكس المؤيدين، وهذا لم يحدث في الحوار الوطني، كما أنه لا توجد آليات تصويت بالأغلبية، فنجد الحوار به توازن قوى داخل بعكس البرلمان، ولا يوجد به كتل أغلبية مثل البرلمان، وهناك آليات مختلفة داخل البرلمان، فمثلا عند مناقشة بيان الحكومة تجد الأغلبية في البرلمان هي صاحبة القرار منفردة، والمعارضة عددهم محدود وغير مؤثر، ولذلك ظهرت مصداقية الحوار الوطني على خلاف البرلمان الذي يعاني أزمة ثقة لدى الناس (الحوار الوطني المشاركة لها معنى وتأثير حتى إذا كانت من أقلية).

بالحديث عن البرلمان.. دعني أسألك عن دوره الغائب من وجهة نظرك.. خاصة في ظل تحوله لبرلمان خدمي؟

منذ زمن البرلمان دوره الخدمات ويغيب عنه الأدوار الرئيسية وهي التشريع والقوانين والرقابة، وهذا لأن مصر دولة مركزية، برغم أن الدستور تحدث عن اللامركزية في الإدارة، ولكن من سمات مصر أنها دولة يسيطر عليها المركز وجميع السلطات في يده وهو (الباور السياسي والتنفيذي)، وهذا الموضوع تغييره ليس سهلا وغير بسيط في بلد مثل مصر، ويحتاج مجهود كبير وسنوات طويلة للتطبيق، وموضوع البرلمان يحتاج الكثير من الحديث، فنواب البرلمان يقولون بدور خدمي وهو دور مهم ولكنه في الأصل دور المحليات، ونتمنى أن يكون هناك دور تشريعي ودور رقابي ووضع سياسات عامة للدولة، وحقيقة هذا غائب عن البرلمان الحالي، ولذلك نتمنى تتغير تركيبة البرلمان في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

لماذا تتمنى أن تختلف تركيبة البرلمان المقبل عن البرلمان الحالي؟

بالطبع نتمنى أن يكون البرلمان المقبل مختلف تماما عن البرلمان الحالي، ويحمل أجندة مختلفة وجديدة، لأننا فعلا في مفترق طرق وإما السير للأمام أو العودة للخلف، والفترة من 2021 وحتى الآن ظهرت الكثير من الأمور والإصلاحات والمطالبات والتوصيات التي يجب أن تتبلور وتنعكس على المجتمع، والبرلمان المقبل يجب أن يقوم بدوره الحقيقي لتفعيل ما تم العمل عليه خلال السنوات الماضية في الحوار الوطني، لينعكس هذا على المجال العام بشكل أفضل للجميع.

هذا ينقلنا للحديث عن الجدل الدائر حول قانون انتخابات البرلمان المقبل.. ووجهات النظر المختلفة حول نظام القوائم المقترح.. ما رأيك في هذا الأمر؟

مسألة القوائم سواء نسبية أو مغلقة ليست الأزمة الأهم في فكرة الانتخابات، والأهم وجود حياة سياسية حقيقية (مش مجرد منافسة على كراسي في البرلمان وخلاص لخدمة مصالح شخصية)، وقانون الانتخابات تمت مناقشته داخل الحوار الوطني، وحقيقة يجب أن أشيد بالدور الذي لعبه الدكتور علي الدين هلال أستاذنا الفاضل، فوجود هذا الرجل كان له تأثير كبير في الكثير من الملفات بالمحور السياسي، وأرى أننا بحاجة لوجود كثيرين أمثاله، وهناك اقتراحات أفكار مطروحة بوجود نسب للقوائم (بين مغلقة ونسبية وفردي) وقال المعارضون رأيهم بوضوح وكذلك المؤيدون، الأهم أن الجميع أجمع على أن الهدف هو دعم الحياة الحزبية وهو دور واجب على الدولة، وبشكل شخصي أرى أن الشكل الأمثل هو وجود جزء مغلقة وجزء نسبية، ونعتبر أن الانتخابات اختبار حقيقي للأحزاب في الشارع المصري.

قانون مباشرة الحقوق السياسية ودور الأحزاب وأزماتها

ماذا عن المطالبة بتعديلات في قانون مباشرة الحقوق السياسية؟

تم مناقشة هذا الأمر، وليس لدي انطباع سلبي أو إيجابي، فالقانون الموجود جيد والأهم تطبيقه على أرض الواقع، ولكن يجب أولا الإشارة إلى وجود مشكلة تعاني منها الأحزاب المصرية في غالبيتها، وهي وجود جاب (فجوة) كبيرة بين المواطنين وهذه الأحزاب، وذلك يرجع لأسباب لا داعٍ لذكرها الآن، فالمواطن العادي أصبح لا يؤمن بفكرة الأحزاب من الأساس، وهذا نتاج سنوات طويلة من الممارسة الخاطئة سواء من الحكومات المتعاقبة أو من الأحزاب نفسها، ولكن نتمنى إقامة حياة سياسية حزبية قوية، هذا مرتبط بالمساحة التي تحصل عليها الأحزاب لترويج برامجها، وأيضا مرتبط بإتاحة الظهور الإعلامي للأحزاب لتقديم نفسها للناس والتعبير عن نفسها.

مؤخرا واجهت بعض الأحزاب أزمات ومنها حزب "الدستور".. بحكم تضامنك.. ما تعليقك على تلك الأزمة؟

ذهبت كمتضامن مع الحزب ورئيسته جميلة إسماعيل، بعدما عرفت التفاصيل وتلقيت دعوة منهم بالتواجد في المحكمة، ولست المحامي الخاص بالحزب، ولكن بحكم تواجدي ما يمكن أن أقوله بصدق (من ظاهر الأوراق) إن هناك دورا (معطلا) من لجنة شؤون الأحزاب، فإعلان خلو منصب رئيس الحزب بعد سنتين من الانتخابات نتيجته العملية أن الحزب أو التجربة تتعطل، وهذه آلية لا تساعد على تحسين أوضاع الحياة السياسة، وأرى أننا في حاجة لآليات مختلفة في التعامل مع مثل هذه الأمور بشكل ديمقراطي وقانوني، كان من الممكن ألا تلجأ اللجنة لقرار مثل هذا وأن تحيل الأمر إلى القضاء ليفصل فيه، وليس اللجنة نفسها حتى لا تكون الخصم والحكم، والأفضل أن يكون هناك جهة محايدة تفصل في الأمر، هذا جزء من المشكلة وليس في صالح الحياة الحزبية والسياسية (هل حقا النظام يعمل على دعم ومساعدة الأحزاب ويسعى لتقوية الحياة الحزبية أم لا!)، وهنا تكمن المشكلة الأساسية، إذا تمت الإجابة عن هذا السؤال بصدق، سنجد الإعلام يفتح بابه للمعارضين ويستضيف الأحزاب المختلفة يتيح الفرصة للجميع بصورة متساوية ويحدث انفتاح في المجال العام والنقابات المهنية تمارس دورها، وهذا (سيفرخ) نخبة جديدة تتناسب مع العصر والظروف المحيطة، تكون نواه للمستقبل.

ماذا تحتاج الأحزاب للوصول للشارع؟

أولا يجب أن نؤكد على أن الأحزاب من أدوات الديمقراطية السلمية، مثلها مثل الإعلام والمجتمع المدني والنقابات المهنية، وفي حدود المشهد العام من حق أي مواطن أن يقول رأيه دون مضايقته، سواء كان كلامه صحيح أو خاطئ، طالما في إطار الرأي الذي يكفله الدستور والقانون، كما أن النقابات المهنية أيضا لديها دور مهم ومؤثر وفاعل مؤخرا، وستجد هذا التفاعل من النقابات وتأثيرها مؤخرا فيما قامت به نقابة الصحفيين بعد انتخاب خالد البلشي فمثلا ستجد النقابة (قايمة) بدور محترم في أزمة الحبس الاحتياطي، في نقابة المهندسين بعد انتخاب طارق النبراوي أيضا، كل هذا عندما يحدث بشكل أوسع مع انفتاح في المجال العام يصب في صالح الدولة ككل، ولذلك يجب أن تقوى الأحزاب والمجتمع المدني أيضا.

هل يكفي دور المجلس القومي لحقوق الإنسان ويغني عن المجتمع المدني؟

قولا واحدا دور المجلس القومي لحقوق الإنسان غير كافٍ، بغض النظر على تقييمي الشخصي لهذا الدور، ولكن العالم كله يوجد به مجالس قيمة وبجانبها مجتمع مدني بالتوازي، والمطلوب أن يكون هناك جو عام مشجع للعمل، وأرى أن قانون 149 لسنة 2019 جيد جدا وكان هناك توفيق أوضاع للكيانات التي لم تسجل من قبل، وأظن أن الاحتياج لبعض التعديلات مطروح، ولكن الأهم الممارسة على أرض الواقع وتطبيق القانون الموجود.

وماذا عن غياب استطلاعات الرأي؟

هذه مسألة شق منها يتبع المجتمع المدني والآخر يتبع البحث العلمي، وهذا مرهون برغبة النظام نفسه، لأنه من الممكن أن ينزل مجموعة لعمل استطلاعات فيقبض عليهم، ولذلك نتمنى فتح مساحة لتصبح الأمور واضحة في هذا الملف، ما نعمل عليه حاليا هو الضغط لإصدار قانون حرية تداول المعلومات، هو استحقاق دستوري وعملنا عليه لفترة طويلة وبذلنا فيه مجهودا كبيرا، ونتمنى أن يكون في أولويات البرلمان القادم؛ لأنه سيحل الكثير من المشاكل.

الجدل حول قانون الإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطي

هل لنا أن نستطلع أبرز المواد الخلافية من خلال مساهمتك التي ضمتها نقابة الصحفيين في توصياتها بشأن قانون الإجراءات الجنائية؟

المذكرة كاملة منشورة في أكثر من مصدر، تتضمن كافة التعليقات على القانون، واستغرقت وقت وبحث دقيق، ولكن الرأي المختصر أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية أمر كبير جدا ومليء بالتفاصيل، والمستشار حنفي الجبالي كان رئيسا للمحكمة الدستورية ولديه خبرات قانونية دستورية كبير، وعلينا اعتبار هذا القانون هو الدستور الثاني، وباختصار شديد الدستور الثاني كان يحتاج مناقشة أكبر وأشمل وأوسع، ويتطلب أن يعبر عن كافة الآراء القانونية الحقوقية والدستورية التي ستنعكس على كل مواطن أمام النيابة والقضاء؛ لأن هذا القانون تحديدا به خطورة لأنه يطبق على كافة المواطنين بشكل دائم وأي مواطن يذهب إلى محكمة أو نيابة يطبق عليه القانون، هناك الكثير من السلبيات في المواد المتعلقة بحق الدفاع وحقوق المتهم، ولا يوجد مانع من استمرار المراجعة وعدم التسرع.

البعض تحدث عن خروج مشرع هذا القانون من الحوار الوطني.. برغم نفي كافة أطراف الحوار.. ما تعليقك؟

المواد المختلف عليها في قانون الإجراءات الجنائية الصادر عن البرلمان يصفها البعض بـ"المفخخة"، وما أؤكده أن مشروع القانون الصادر عن البرلمان لا يمت بصلة للتوصيات التي أرسلها الحوار الوطني للرئيس، وهذه المواد قتلت بحثا، من قانونيين وحقوقيين وخبراء دساتير وقضاة وغيرهم من الخبراء والمختصين، وفي النهاية لدينا تفاؤل بما صدر عن الرئيس نفسه في هذا الشأن، والذي أكد في بيان رسمي له أن (الحبس الاحتياطي هو إجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق)، فتبني الرئيس لوجهة النظر بهذا الشكل، تدعونا للتفاؤل؛ لأنه وضع محددات للأمر وفق الدستور والقانون.

ماذا عن التراشق الذي دار بين نقابة الصحفيين واللجنة التشريعية بالبرلمان حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية؟

عندما أعلنت نقابة الصحفيين في بيانها إن القانون "معادٍ" هذا أمر عادي جدا، وبيان النقابة حمل وجهة نظر كاملة من كافة الجوانب القانونية والدستورية والمهنية أيضا، أما بيان اللجنة التشريعية لم يكن "موفقا" وباختصار للأمر، يمكن أن نصف بيان البرلمان نفسه والصادر عن المستشار حنفي الجبالي كان له مفعل البلسم على بيان اللجنة التشريعية، وحمل خطابا راقيا ومحترما وأظهر تقديرا لدور النقابة ورد على تساؤلاتها، والتفت إلى وجود مشاكل حقيقية في مشروع القانون، يجب العمل على تعديلها.

هل القبض على شخصيات ذي ثقل أو أسماء بارزة مثل يحيى حسين عبدالهادي، أو استمرار حبس آخرين مثل الناشط علاء عبدالفتاح.. له تأثير خارجي أو داخلي؟

في الحقيقة حالات القبض أو القضايا الجديدة في ظل حالة الحبس الاحتياطي واستمرار الحوار الوطني، هو أمر غير منطقي، وهذا على عكس المتطرفين والإرهابيين، والذين يعتبرون المجتمع كاملا خونة سواء موالاة أو حتى معارضة، ويستخدمون العنف والفوضى، وهذا الحالات جميعها سواء كانت لأسماء معروفة أو مواطنين غير معروفين، تصيب بالإحباط، ولا أخفيك سرا البعض يتهمنا بعد المشاركة في الحوار الوطني بأننا نشارك في تمثيلية، بسبب حالات القبض والقضايا الجديدة في ظل استمرار الحوار، وستجد من يقول إنه يتم الإفراج عن كثيرين ومنهم على سبيل المثال زميلنا محمد باقر وباتريك، ولا ننكر أن هذا جيد ويؤدي لتعزيز المصلحة الوطنية في ظل نصوص الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ولكن أمام ذلك تجد مثلا استمرار حبس علاء عبدالفتاح ورفض ضم المدة، وحبس محمد عادل (ده مش حلو ومش في مصلحتنا)، ورأيي أن الإفراج عنهم وعن غيرهم، لازم نتعامل مع الأمر قطعة واحدة وتسري العدالة على الجميع سواء شخصيات عامة أو مواطنين عاديين، خاصة ممن لم يتورطوا في عنف.

ماذا عن آليات التعامل مع هؤلاء بعد خروجهم؟

وفق آليات الدمج والتأهيل، والذي ظهر في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وما قام به شباب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، في مشروع الدمج والتأهيل تجربة مقبولة وفكرة نحتاجها كثيرا ونحتاج تواجدها ودورها بشكل أوسع، فيجب دمج هؤلاء وتأهيلهم وإتاحة الفرص لهم، وهذا أيضا كان من ضمن توصيات الحوار الوطني، فوجود آلية حقيقية نتعامل بها مع الملف أمر مهم؛ لأن الواقع فعلا مؤلم ومزعج، فمثلا ستجد محمد باقر إلى الآن على قوائم الإرهاب، برغم الإفراج عنه بعفو رئاسي بعد كافة التحريات الأمنية بجميع الأجهزة والمؤسسات، وهذا أمر غريب جدل (راجل خرج بعفو رئاسي بعد مراجعة كل المسائل القانونية والتحريات، إيه ضرورة إنه يفضل على القوائم دي، أمر معطل ومش مشجع ومش صح، ونأمل إن شاء الله أمر مثل هذا يعدي قريبا)، ومثلا ستجد ناصر أمين وهدى عبدالوهاب ممنوعين من السفر إلى الآن، في قضية منسوخة من قضية في 2011، وهناك آخرون متحفظ على أموالهم، وهذه أمور تحل بسهولة وتسريع إجراءات وتسهيل الأمور لإنهاء قضايا مهمة، وعلينا وضع مسارا واضحا وروابط واضحة (لو إرهابي فعلا حاسبه لكن مش إرهابي يبقى تتيح له المساحة ومتعطلهوش، ده مش متورط في دم).