الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

التفاصيل الكاملة للاحتجاجات الشعبية العنيفة في فرنسا

الرئيس نيوز

تطورات سريعة يشهدها الشارع الفرنسي على وقع تظاهرات عنيفة اتسعت دائرتها لتعم فرنسا؛ بسبب مقتل مراهق يدعى نائل المرزوقي يبلغ من العمر 17 سنة برصاص شرطي في ضاحية نانتير غرب العاصمة باريس، الثلاثاء الماضي، مما خلف موجة احتجاجات واسعة في كل أنحاء البلاد.

ووفق وكالات أنباء، شيعت أمس السبت، جنازة نائل ذي الأصول الجزائرية، فيما قالت الداخلية الفرنسية إنها اعتقلت أكثر من 1300 شخص وأصيب 79 شرطيًا.

الاحتجاحات العنيفة خلفت 31 هجومًا ضد مراكز الشرطة و11 هجومًا ضد ثكنات قوات الدرك، فضلًا عن إضرام النيران في نحو 1350 سيارة وتعرض 234 مبنى للحرق أو التخريب وإحصاء 2560 حريقًا على الطرقات العامة، بينما لم تتمكن السلطات من إعادة الهدوء إلى البلاد بعد.

وشهد يوم السبت انتشارا للمدرعات في الشوارع إلى جانب أعمال عنف غير مسبوقة، فيما يُعد نائل الشخص الثاني هذا العام الذي يقتل بإطلاق النار من قبل الشرطة، مما يفتح بابا من التساؤلات حول عنف الشرطة.

التفاصيل الكاملة لأحداث فرنسا 

وفق إندبندنت عربية فقد بدأت القصة صباح الثلاثاء الماضي، 27 يونيو، بعد أن أقدم شرطي فرنسي على قتل قاصر لم يمتثل لنقطة تفتيش مرورية وحاول تجاوزها في ضاحية نانتير غرب باريس.

وبينما تضاربت الرواية الرسمية في بداية الواقعة، إذ تبنت الشرطة في بادئ الأمر أن الشاب قاد سيارته باتجاه شرطيين على دراجتين ناريتين لمحاولة دهسهما، إلا أن انتشار فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أظهر شرطيًا يصوب مسدسه نحو سائق السيارة قبل أن يسمع صوت إطلاق النار ثم تصطدم السيارة وتتوقف، كان سببًا في اندلاع الاحتجاجات والفوضى ليل الثلاثاء الماضي.

وبحسب الفيديو ذاته، ظهر شرطيان إلى جوار سيارة، يوجه أحدهما سلاحه نحو السائق عبر النافذة ويبدو أنه يطلق النار من مسافة قريبة جدًا، بينما يحاول المراهق الهروب بالسيارة.

وبعدما أطلق أحد الشرطيين النار من نافذة السيارة على السائق عندما حاول الانطلاق، اصطدمت السيارة لاحقًا بجدار جانبي، بعد أن تحركت مسافة قصيرة إلى الأمام. ولاحقًا حاولت خدمات الإسعاف إنعاش السائق الشاب في موقع الحادثة، لكنه توفي بعد ذلك بوقت قصير متأثرًا بعيارات نارية في صدره.

ووفق تقارير إعلامية فرنسية، فإن شخصًا في الفيديو يمكن سماعه يقول "سوف يتم إطلاق النار عليك في الرأس" ولكن من غير الواضح من قال ذلك، مشيرة إلى أنه كان هناك شخصان آخران في السيارة لدى إطلاق النار، فرّ أحدهما بينما ألقت الشرطة القبض على الآخر وهو أيضا مراهق. 
من جانبه قال مكتب الادعاء العام إن المراهق يدعى نائل المرزوقي البالغ 17 سنة كان يقود سيارة مستأجرة في وقت مبكر الثلاثاء الماضي عندما أوقفه حاجز للشرطة لمخالفته قوانين السير، وأضاف مكتب الادعاء في نانتير أن الضابط المتهم بإطلاق النار على السائق احتجز بتهمة القتل.

وأبلغ وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان البرلمان أنه يجري استجواب ضابطي الشرطة، مقرًا بأن مقطع الفيديو المنشور "صادم جدًا"، وحض الناس على "احترام حزن الأسرة وقرينة البراءة للشرطة". بدوره اعترف قائد شرطة باريس لوران نونيز في مقابلة مع تلفزيون "بي أف أم" أن تصرف الشرطي "يثير تساؤلات"، على رغم إشارته إلى أنه ربما شعر بالتهديد.

يأتي ذلك في وقت فتحت السلطات الفرنسية المختصة تحقيقين منفصلين عقب وفاة المراهق، أحدهما للتحقيق في احتمال قتل من قبل موظف عام، والآخر للتحقيق في سبب عدم إيقاف السائق سيارته والمحاولة المزعومة لقتل ضابط شرطة.

وما زاد "فاجعة الحادثة" خلو سجل المراهق القتيل من أية سوابق جنائية، إذ بحسب موقع "لا فوا دو نور" الفرنسي، فإن نائل المرزوقي، وهو شاب جزائري الأصل، كان يعمل في وظيفة توصيل وجبات "البيتزا"، ونقلت عن محامي أسرته قوله إنه "كان محبوبًا في الحي الذي يقطنه مع والدته"، مضيفًا أنه لا يحمل سجلًا إجراميًا، لكنه معروف في المحاكم الفرنسية بسبب "خلافاته مع الشرطة ورفضه الامتثال لقوانينهم مرات عدة".

كذلك ذكر موقع "ميديابارت" الفرنسي أن نائل أعطى قبلة لوالدته قبل ذهابها إلى العمل صباح يوم مقتله، مودعًا إياها بعبارة "أحبك يا أمي"، وهو الأمر الذي ذكرته والدته لاحقًا في مقطع فيديو، مضيفة أنه "بعد ساعة من خروجه وصلني خبر أنه قتل على يد الشرطة"، أما مدربه في فريق الركبي، فأكد أنه شخص ناجح اجتماعيًا وكان عازمًا على تغيير مسار حياته والخروج من الفقر، وتابع أنه لم يتاجر بالمخدرات ولم يقم بالسرقات مثل كثيرين في ضاحيته.

وغداة الحادثة، قال محامي أسرة القتيل ياسين بوزرو لتلفزيون "بي أف أم" إنه بينما يتعين على جميع الأطراف انتظار نتيجة التحقيق، فإن الفيديو المنتشر "أظهر بوضوح شرطيًا يقتل شابًا بدم بارد"، وأضاف أن الأسرة تقدمت بشكوى تتهم فيها الشرطة بـ"الكذب" من خلال الزعم في البداية أن السيارة حاولت دهس رجال الشرطة، مشددًا في الوقت ذاته على أن ذلك ليس دفاعًا مشروعًا.

وأزكت وفاة الشاب التي رصدتها إحدى الكاميرات شكاوى قديمة من المناطق الحضرية التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفى وجود عنصرية منهجية في أجهزة إنفاذ القانون المحلية.

كما أن الحادثة أعادت التذكير بسلسلة من أعمال العنف في الضواحي الباريسية عام 2005 حين أثارت وفاة مراهقَين صعقًا بالكهرباء في سين سان دوني شمال باريس خلال ملاحقة الشرطة لهما، أعمال شغب استمرت ثلاثة أسابيع ودفعت الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ.