الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ماذا يعني إحياء العلاقات المصرية التركية لمنطقة الشرق الأوسط؟

الرئيس نيوز

نشر موقع المجلس الأطلسي تحليلا أعدته الصحفية "لورا جبسون" المقيمة في القاهرة والتي تتابع عن كثب التطورات الإقليمية بالشرق الأوسط، وترجح جبسون أن يؤدي إحياء العلاقات بين مصر وتركيا بوصفهما أكبر قوتين عسكريتين في شرق البحر المتوسط إلى تغيير الديناميكيات الجيوسياسية في المنطقة ويمكن أن تحل عودة المياه إلى مجاريها عددًا من المشكلات الإقليمية الرئيسية المتعثرة.

وفي اليوم التالي لانتصار أردوغان في الانتخابات نهاية الأسبوع الماضي، اتصل الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره التركي لتقديم التهاني له وأخبر السيسي العالم لاحقًا أن "الرئيسين قررا البدء فورًا في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتبادل السفراء"، ويأتي ذلك التطور بعد عقد من العلاقات العدائية منذ عام 2013، ويبدو أن تركيا ومصر قررا أن يصبحا حليفين جديدين.،

قد يكون لهذا تداعيات على الأزمات المستمرة المشحونة بشدة مثل ليبيا والسودان والنزاع البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط وفقًا للدكتور سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية بمعهد واشنطن الذي يرى أن "أسباب التقارب بين مصر وتركيا ترجع إلى حد كبير إلى الأزمات الاقتصادية التي يواجهها كلا البلدين، فضلًا عن الرغبة المشتركة في زيادة النفوذ السياسي في المنطقة"، وكان الخلاف بين تركيا ومصر الذي دام عقدًا من الزمن مدفوعًا بثلاثة عوامل رئيسية: استمرار دعم أردوغان لتنظيم الإخوان ودعم الفصائل المتنافسة في الصراع الليبي، وتقارب مصر مع اليونان في النزاع البحري في شرق البحر المتوسط لكن في السنوات الأخيرة، أشارت القوتان الإقليميتان إلى نواياهما لحل خلافاتهما.

ويبدو أن التطبيع الحالي بين مصر وتركيا بدأ قبل عامين بجولات متعددة من المحادثات بين المسؤولين من كلا البلدين، مما مهد الطريق لاستئناف العلاقات وفتح فصل جديد في العلاقات بينهما، وفقًا للدكتور خليل العناني، زميل المركز العربي في واشنطن العاصمة، ومن المتوقع أن تُعقد قمة بين الرئيسين في المستقبل القريب، وأشار كبار المسؤولين إلى أن الحلفاء التاريخيين سيعملون معًا لمعالجة أزمتي ليبيا وشرق المتوسط كما يبدو أن كلا البلدين على استعداد لحل خلافاتهما، لا سيما فيما يتعلق بالثلاث قضايا الرئيسية.

هل سيكون هناك فجر جديد للعلاقات التركية المصرية؟

ورجح التحليل أن التقارب مدفوع بعاملين: المشاكل الداخلية الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها كلا البلدين والتي دفعتهما إلى تخفيف حدة التوتر والانفتاح على الحوار والمصالح المشتركة، وثانيًا، خفض التصعيد الإقليمي الذي خلق مناخًا إيجابيًا جديدًا لإصلاح العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة، في إشارة إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وعودة دمشق لمقعدها بجامعة الدول العربية، وحل الخلاف الدبلوماسي بين قطر وجيرانها في مجلس التعاون الخليجي، من بين التطورات الأخيرة الأخرى.

ودخلت تركيا في حالة ركود عام 2018 ولا يزال مواطنوها يكافحون للتغلب على آثار التضخم المرتفع، الذي يقدر بأكثر من 100٪ سنويًا، مع لعب الأزمة الاقتصادية دورًا مهمًا في الانتخابات الأخيرة، وصافح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء حضورهما حفل افتتاح مونديال قطر 2022 في قطر في 20 نوفمبر 2022، وبالمثل، تعالج مصر أوضاعها الاقتصادية، حيث تنفق الدولة حصة من ميزانيتها لسداد أعباء الديون المتصاعدة وتواجه تضخمًا أساسيًا يبلغ حوالي 40٪، وكنتيجة لمشاكل تركيا الاقتصادية المستمرة، اعتبارًا من عام 2019، "بدأ أردوغان في إعادة ضبط سياسته المتعلقة بتنظيم الإخوان والشرق الأوسط، لتنمية تدفقات الاستثمار من الخليج وكانت مصر آخر دولة انضمت إلى هذه المجموعة المكونة من أربع دول تسمى الرباعية الجديدة للشرق الأوسط: مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبالفعل تم إخبار أردوغان أنه سيتعين عليه أيضًا الاستجابة بشكل مرضٍ للمخاوف المصرية بشأن الإخوان، وليس فقط الإماراتيين والإسرائيليين والسعوديين.

وبالفعل اتخذت تركيا خطوات لتهدئة المخاوف المصرية وهناك بعض الإجراءات ضد تنظيم الإخوان خلال العامين الماضيين حيث أغلقت قنواتهم الفضائية وساعدت هذه الإجراءات على نزع فتيل التوتر وبناء الثقة مع القاهرة ومثل حليفها الجديد، تعتمد مصر أيضًا على التدفقات الاستثمارية من الخليج لتلبية احتياجاتها من السيولة ومصر بصدد بيع سلسلة من الأصول المملوكة للدولة إلى المستثمرين الخليجيين لجلب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تشتد الحاجة إليه.

يحتاج كلا البلدين إلى التنسيق مع دول الخليج الثرية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث لا تتمتع تركيا ولا مصر بالقوة الاقتصادية لتحمل مغبة العزلة السياسية 

ما الذي يمكن أن تحققه تركيا ومصر كحليفين؟

على المستوى الثنائي، لدى تركيا ومصر أسباب للعمل معًا بشكل مباشر وفقًا للدكتور جوزيبي دينتيس، رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز الدراسات الدولية، الذي شدد على أن "مصر هي الشريك الاقتصادي الأول لتركيا وفي الوقت نفسه تعد مصر واحدة من الأسواق الدولية الرئيسية لتركيا"، وهذا يعني أن كلا البلدين لديهما مصالح مشتركة لإعادة إطلاق الحوار وإيجاد مسارات دبلوماسية من أجل تلبية الاحتياجات الاقتصادية.

من الناحية الجيوسياسية، قد تحتاج تركيا إلى دعم مصر لحل أزمة شرق البحر المتوسط، حيث تخوض تركيا واليونان معركة على الحدود البحرية وكان آخر سبب دفع أردوغان إلى إعادة ضبط علاقاته مع مصر هي البيئة المتغيرة في شرق البحر المتوسط بعد أن اجتمع خصوم تركيا القدامى، قبرص اليونانية واليونان، مع خصوم جدد، إسرائيل ومصر، وأدرك أردوغان أن هذا المحور المكون من أربع دول يمكن أن يعيق تركيا في شرق البحر المتوسط؛ فترسيم الحدود البحرية باتفاق أثينا والقاهرة يحجب مخزونات الغاز الطبيعي عن تركيا، ويتابع المراقبون ليروا في  المستقبل القريب ما إذا كانت مصر ستنحاز إلى تركيا في نزاع شرق البحر المتوسط أم أنها ستظل محايدة.

وكانت إحدى قضايا الخلاف الرئيسية التي مزقت العلاقات بين تركيا ومصر: دعمهما للفصائل المتنافسة في ليبيا، وأسفر ذلك عن أجواء من المنافسة الاستراتيجية هناك حيث تدعم مصر الشرق وتدعم تركيا طرابلس.

ومن المهم للغاية أن يركز البلدان على حل بعض خلافاتهما في ليبيا وهذا جيد لاستقرار ليبيا، بالنظر إلى أن تركيا ومصر هما القوتان العسكريتان الرئيسيتان الموجودتان في غرب وشرق البلاد على الترتيب.

وأعلنت أنقرة الشهر الماضي عن تعاون وشيك مع القاهرة فيما يتعلق بليبيا، كما أعلنت وجود رغبة مشتركة في إجراء انتخابات في ليبيا وكسر الجمود السياسي الراهن، ويتوقع المراقبون تشكيل آلية لحل النزاعات المستمرة ويبدو أن ليبيا يمكن أن تكون الخطوة الأولى وإذا نجحا، فقد تصبح تركيا ومصر قادرتين على تكرار هذا النموذج في مناطق أخرى، على سبيل المثال، في السودان أو في شرق البحر الأبيض المتوسط.