السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تقرير: وقوع الطائرات دون طيار في أيدي التنظيمات الإرهابية تطور يثير القلق

أرشيفية
أرشيفية

غيرت الطائرات بدون طيار قواعد اللعبة في عدد لا حصر له من النزاعات حول العالم، وباتت الجماعات الإرهابية من بين مستخدميها المتحمسين، ولا تعد أفريقيا استثناءً من هذا التريند العالمي، وأشار روبين داس الخبير بالمركز الدولي لأبحاث العنف السياسي والإرهاب في سنغافورة إلى خطورة استخدام الجماعات الإرهابية الإفريقية المختلفة للطائرات بدون طيار.

واعترض داس في تقرير نشره موقع LawFare على الآراء التي تقلل من شأن ما تمثله الطائرات من خطر في أيدي الإرهابيين بدعوى أنها مخصصة في المقام الأول للمراقبة والدعاية في الوقت الحالي، واستند في اعتراضه على حقيقة أن استخدام الطائرات بدون طيار قد يتسع في السنوات القادمة ليشمل تنفيذ العمليات الهجومية.

ومنذ سقوط آخر معقل لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا في مارس 2019، تحول مركز الإرهاب الجهادي من الشرق الأوسط إلى إفريقيا وكما هو الحال مع الجماعات الإرهابية في أماكن أخرى، قامت تلك الجماعات في إفريقيا بدمج التقنيات المبتكرة في عملياتها وتستخدم هذه المجموعات بشكل متزايد الطائرات بدون طيار داخل وخارج ساحة المعركة، مما يخلق بعدًا جديدًا للتهديد في المنطقة.

ويمكن تقسيم الاستخدام الإرهابي للطائرات بدون طيار إلى فئتين:
الاستخدامات الهجومية النشطة (على سبيل المثال، لتوصيل المتفجرات إلى الهدف) والاستخدامات الدفاعية السلبية (للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وتصوير الدعاية).

وفي إفريقيا، كان استخدام الإرهابيين للطائرات بدون طيار دفاعيًا سلبيًا حتى وقتنا هذا، أما عن أنواع الطائرات بدون طيار التي تستخدمها الجماعات الإرهابية في معظم الحالات، فهي إما غير واضحة أو لم يتم الإبلاغ عنها، لكن الأدلة المستمدة من لقطات الدعاية ومصادر أخرى تشير إلى أنها تميل إلى أن تكون طائرات رباعية المروحيات من الطرازات التجارية.

الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع
في عام 2020، استخدمت حركة الشباب طائرات بدون طيار لتسجيل وتنسيق هجوم على قاعدة عسكرية أمريكية في منطقة ماندا الكينية، وأكد مسؤولو الحكومة الأمريكية أن حركة الشباب تستخدم طائرات بدون طيار في عملياتها، وأشار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى "الاستخدام الكثيف" للطائرات بدون طيار من قبل الجماعة. وفي مايو 2020، استخدمت جماعة أهل السنة والجماعة، التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في موزمبيق، طائرات بدون طيار لتحديد الأهداف في هجمات موسيمبوا دي برايا.

وفي العام التالي، استخدمت نفس الجماعة المتشددة طائرات بدون طيار مرة أخرى للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع في هجومها على بالما كما استخدمت ولاية غرب إفريقيا التابعة لتنظيم داعش الإرهابي طائرات بدون طيار للاستطلاع والمساعدة في تنفيذ هجماتها وفي يوليو 2022، في بلدة جوبيو بنيجيريا، استخدمت جماعة متشددة طائرة استطلاع بدون طيار لمسح موقع قافلة عسكرية نيجيرية قبل نصب كمين لها وبعد شهر، نفذ تنظيم داعش الإرهابي في الصحراء الكبرى أيضًا هجومًا بمساعدة طائرات بدون طيار على قوات الأمن في مالي.

وبدأت القوات العسكرية تلاحظ زيادة استخدام الطائرات بدون طيار الإرهابية. أشار تقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يوليو 2022 إلى أن الجيش الموزمبيقي قام بتحييد العديد من تشكيلات الطائرات بدون طيار التي يشتبه في أنها تجمع معلومات استخبارية عن مواقع قوات الأمن المحلية وفي فبراير 2023، أسقطت القوات الموزمبيقية طائرتين أخريين من طائرات الاستطلاع التابعة لتنظيم إرهابي متشدد كما تم رصد طائرات صغيرة بدون طيار فوق قاعدة عسكرية في منطقة شابيلي بالصومال.

الدعاية بالفيديو
بصرف النظر عن مهام الاستطلاع وجمع المعلومات، تستخدم الجماعات الإرهابية طائرات بدون طيار لتصوير مقاطع فيديو دعائية ولا يضيف استخدام الطائرات بدون طيار قيمة سينمائية إلى مقاطع الفيديو فحسب، بل يعد أيضًا رمزًا للقوة الجوية والمكانة والبراعة التكنولوجية التي يمكن أن تساعد في اجتذاب الشباب إلى صفوف الإرهابيين وتساهم في سهولة تجنيدهم وأصدرت أهل السنة والجماعة، التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في موزمبيق مقاطع فيديو دعائية في يناير وأبريل 2022 تعرض لقطات جوية تم تصويرها على الأرجح باستخدام طائرة بدون طيار تجارية رباعية المروحيات وفي نوفمبر 2022، أصدرت ولاية وسط أفريقيا التابعة لتنظيم داعش الإرهابي أيضًا مقطع فيديو دعائيًا تم تصويره باستخدام طائرات بدون طيار، كما أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة ومقرها مالي قد صنعت مقاطع فيديو مماثلة باستخدام طائرات بدون طيار.

على الرغم من أن الجماعات الإرهابية في إفريقيا لم تستخدم الطائرات بدون طيار بشكل هجومي حتى الآن، إلا أن الخبراء أشاروا إلى أنها مسألة وقت فقط قبل أن تبدأ في القيام بذلك وفي الماضي، نجح تنظيم داعش الإرهابي في تسليح الطائرات التجارية بدون طيار، لاستخدامها في الهجمات في العراق وسوريا وتم استخدام هذه الطائرات بدون طيار لإسقاط المتفجرات على قوات الأمن، وتوجيه المفجرين الانتحاريين إلى الأهداف، وتنفيذ الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وتصوير الدعاية.

وذكر معهد الدراسات الأمنية، وهو مركز أبحاث أفريقي، مؤخرًا أن تنظيمات إرهابية عديدة في القارة السمراء تختبر طائرات بدون طيار لنقل المتفجرات لاستخدامها في الهجمات، مشيرًا إلى أن التنظيمات تحاول تقليد استخدام الطائرات بدون طيار لتنظيم داعش الإرهابي في الشرق الأوسط.

ثلاثة طرق للحصول على الطائرات بدون طيار

في حالة إفريقيا، هناك ثلاثة عوامل تمكين يترتب عليها استخدام الطائرات بدون طيار وتتطلب الاهتمام الأمني؛ الأول هو انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار وتسويقها، حيث ينمو سوق الطائرات بدون طيار للهواة بسرعة في إفريقيا، مع توقع نمو المبيعات العالمية من 14 مليار دولار في عام 2018 إلى 43 مليار دولار في عام 2024 وقد جعلتها التكلفة المنخفضة وسهولة توافر الطائرات بدون طيار للهواة أداة مفضلة للجماعات الإرهابية في إفريقيا.

ولاحظ خبراء أمن الطائرات بدون طيار كيري شافيز وأوري سويد أن الاستقلالية المتقدمة وإلكترونيات الطيران في أنظمة الطائرات بدون طيار، مثل تحسين تجنب العوائق وقدرات الإقلاع والهبوط العمودي، تجعل عمليات الطائرات بدون طيار المدنية أسهل وفي حين أن الجماعات الإرهابية قد تكون غير قادرة على التغلب على الحواجز المالية والتقنية التي تحول دون الحصول على طائرات بدون طيار عسكرية، إلا أنها قد تكون قادرة على الوصول إلى نماذج مدنية متطورة بشكل متزايد يمكن أن يخدم مصالحهم. 

وأفاد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العام الماضي أن العديد من الدول الأفريقية الأعضاء صادرت كتيبات تحتوي على تعليمات لاستخدام الطائرات بدون طيار في الهجمات المستهدفة كما أن التوافر المتزايد للتعديلات التجارية الجاهزة أو المصنعة بسهولة يزيد من خطر المجموعات التي تحاول تكييف الطائرات بدون طيار لشن هجمات محدودة.

والعامل التمكيني الثاني هو تهريب التكنولوجيا والأسلحة من مناطق الصراع الأخرى وقد جعلت الحدود سهلة الاختراق والنزاع الداخلي في المنطقة من الصعب على السلطات مراقبة تهريب الأسلحة وذكر تقييم موقف لوزارة الخزانة الأمريكية في أكتوبر الماضي أن شبكة تهريب أسلحة غير مشروعة كانت تزود الأسلحة - بما في ذلك مكونات العبوات الناسفة والذخيرة والأسلحة الصغيرة - من اليمن إلى الصومال، بما في ذلك حركة الشباب والجماعة المحلية التابعة لتنظيم داعش الإرهابي ويُزعم أن هذه الأسلحة إيرانية الصنع ومخصصة للمتمردين الحوثيين في اليمن في حين أن هذا ليس طريق تهريب جديد ولم يكن هناك دليل على نقل طائرات بدون طيار عبر هذه الشبكة حتى الآن، فإن احتمال قيام شبكات مماثلة بنقل تكنولوجيا الطائرات بدون طيار من اليمن إلى إفريقيا أمر ممكن بالنظر إلى انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الموجودة بالفعل في اليمن ويستخدمها الحوثيون ومنذ 2018، نفذ الحوثيون العديد من الهجمات بطائرات بدون طيار استهدفت منشآت استراتيجية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

العامل الثالث والأخير هو مصادرة المعدات أو الاستيلاء عليها من القوات الحكومية وتقوم بذلك الجماعات التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في أفريقيا بانتظام فقد اعتادت نصب الكمائن لفراد المؤسسات العسكرية والاستيلاء على مخابئ الأسلحة العسكرية ويمكن الحصول على الطائرات بدون طيار وغيرها من المعدات المتخصصة بهذه الطريقة.

حدث هذا في عدة حالات على الأقل، فقد استولى تنظيم داعش موزمبيق على طائرة استطلاع بدون طيار من الجيش الموزمبيقي في يناير 2023، وفي سبتمبر 2020 ذكرت جماعة أهل السنة والجماعة على وسائل التواصل الاجتماعي أنها استولت على "فانتوم" (من المحتمل أن تكون طائرة بدون طيار تجارية من طراز DJI Phantom) أثناء هجوم على القوات النيجيرية حتى أن حركة الشباب استولت على طائرة أمريكية بدون طيار من طراز ScanEagle، ونشرت صورًا لها في سبتمبر 2022، لكن من غير المرجح أن يكونوا قادرين على إعادة توظيفها لاستخدامهم الخاص. 

الآثار المترتبة على استخدام الجماعات الإرهابية للطائرات بدون طيار
تواجه الجماعات الإرهابية في إفريقيا عقبات لا تذكر في الوصول إلى تكنولوجيا الطائرات بدون طيار التجارية، لكنها حتى الآن كانت بطيئة في تسليح نفسها بهذه القدرات، كما فعلت الجماعات في أماكن أخرى ويبرز سببان محتملان لهذا البطء: الأول هو نقص القدرات التقنية فلا تزال الجماعات الإرهابية الأفريقية تفتقر إلى المعرفة الفنية لتكييف الطائرات بدون طيار لحمل الذخائر وفي أكتوبر 2014، أخبر منشق عن داعش الإرهابي مجموعة الأزمات الدولية أن أعضاء تنظيمه أرسلوا صورًا لطائرة بدون طيار غير مسلحة إلى زملائهم في سوريا يسألونهم عن تكييفها لأغراض هجومية ورد مسلحو تنظيم داعش الإرهابي في سوريا بتعليمات بالفيديو لتجميعها واستخدامها. 

أما السبب الثاني الذي قد يجعل الجماعات الإرهابية الأفريقية مترددة في التسلح بطائرات بدون طيار يمكن أن يكون الحذر، فقد يؤدي الاستخدام الهجومي النشط للطائرات بدون طيار إلى زيادة الرد من قوات مكافحة الإرهاب، وقد تتجنب الجماعات أي تصعيد محتمل مع قوات الأمن ولكن الاستراتيجيات والأهداف التشغيلية تخضع دائمًا للتغيير، وحقيقة أن هذه المجموعات لم تقم بعد بشن هجمات بطائراتها بدون طيار لا تعني أنها لن تفعل ذلك في المستقبل.

مع تنامي الصراعات الإقليمية واستحواذ الجماعات الإرهابية على المزيد من الأراضي، قد تلجأ الجماعات الإرهابية إلى استخدام طائرات بدون طيار مسلحة ويكاد يكون من المؤكد أن التهديد لن يأتي من طائرات بدون طيار عسكرية متقدمة. بدلًا من ذلك، من المرجح أن تستخدم المجموعات طائرات بدون طيار تجارية معاد استخدامها، كما شوهد في ساحات القتال في العراق وسوريا ومؤخرًا في الصراع في أوكرانيا ويجب أن تظل قوات مكافحة الإرهاب في المنطقة متيقظة ومجهزة تجهيزًا جيدًا وجاهزة، ويجب أن تركز على منع الجماعات الإرهابية من الحصول على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، حيث من المحتمل أن تكون مسألة وقت فقط قبل أن تحلق الطائرات المسلحة بدون طيار في سماء أفريقيا.