الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حسابات جديدة ومصالح مشتركة.. ماذا تريد مصر من تركيا؟

وزير الخارجية سامح
وزير الخارجية سامح شكري ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو

بعد خلاف دام قرابة عشر سنوات، تتسارع وتيرة التقارب بين مصر وتركيا، ويحاول البلدان تجاوز نقاط الخلاف، وطي صفحة الماضي، وإقامة مصالحة سياسية واستراتيجية يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة لكليهما.

ورصد تقرير لموقع "ميدل إيست مونيتور" اللندني تقدمًا في بعض الملفات، وعقبات تتلاشى بشكل يومي، وسط تغيرات إقليمية دراماتيكية متسارعة تعيد رسم التوازنات وتعيد تقييم الحسابات مثل المصالحة الخليجية مع قطر، والتقارب السعودي الإماراتي مع تركيا، وتحسن العلاقات بين السعودية وإيران برعاية صينية.

في غضون ثلاثة أشهر فقط، تبادل وزيرا خارجية البلدين الزيارات ثلاث مرات - مرتين في أنقرة والثالثة في القاهرة - وسط مؤشرات شديدة على الاستئناف الوشيك لتبادل السفراء بين البلدين، بعد انقطاع دبلوماسي استمر منذ عام 2013، وإيواء تركيا لأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي.

وزار وزير الخارجية المصري، سامح شكري، يوم الخميس الماضي أنقرة تلبية لدعوة من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو الذي زار القاهرة في 15 مارس الماضي، بعد أن سبقه شكري بزيارة إلى تركيا للتعبير عن تضامنه في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في فبراير والذي أودى بحياة أكثر من 50000 شخص في تركيا وسوريا.

ربما تتوج الأجواء الودية والتقارب بين القاهرة وأنقرة بقمة على مستوى رئيسي البلدين هذا العام، الأمر الذي سيمثل نقلة نوعية في العلاقات المصرية التركية إذا التقى الرئيس السيسي نظيره التركي بعد مصافحته على هامش مونديال قطر في نوفمبر 2022 وانخرط البلدان في محادثات استكشافية منذ عام 2021.

الاقتصاد أولا

تعد الرغبة في التقارب أمرًا حيويًا لكل من القاهرة وأنقرة، حيث يسعى كل جانب لتحقيق مكاسب كبيرة وتقليل خسائر الصدع والتغلب على تداعيات وباء فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، نظرًا لحاجة البلدين إلى تنسيق رفيع المستوى حول العديد من القضايا والنقاط الساخنة في المنطقة ويأتي هذا التقارب في سياق تحديات داخلية وخارجية لكلا الطرفين وتغيرات في شكل التحالفات الإقليمية التي شهدت تقدم الإمارات والسعودية - التقارب الإماراتي مع إسرائيل والسعودية مع إيران.

وتجدر الإشارة إلى أن تركيا انحرفت في السنوات الأخيرة عن سياسة "صفر مشاكل" مع جيرانها، ولكن قبيل الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل، تهرول لترميم علاقاتها وهو ما يفسر تقاربها مع السعودية والإمارات وإسرائيل ومصر، وكذلك تخفيف التوترات مع قبرص واليونان وتعمل حوالي 200 شركة تركية في مصر، وتوفر آلاف فرص العمل، باستثمارات مباشرة تصل إلى 2 مليار دولار، والتي قد تقفز في المستقبل إلى ما بين 4 و5 مليارات دولار كما تسعى تركيا للتوصل إلى اتفاق مع مصر من شأنه أن يتيح التجارة بين البلدين بعملاتهما المحلية، بحيث تستورد مصر من تركيا وتدفع بالجنيه المصري، وتستورد تركيا من مصر وتدفع بالليرة، مما يحد من استنزاف العملة الوطنية لكل دولة، وتخفيف الطلب على الدولار في كلا البلدين وزيادة حجم الاستثمارات بينهما.

الملف الليبي

من الاقتصاد إلى السياسة، فرضت تركيا نفسها على الملف الليبي من بوابة التحالف مع الإخوان، مما استدعى التفاوض والتنسيق المصري مع أنقرة، لحل الأزمة في الدولة المجاورة الغنية بالنفط وصياغة خارطة طريق من شأنها إنهاء الصراع على السلطة المستمر منذ عام 2011 وأن تؤدي إلى إعادة إعمار ليبيا، الأمر الذي سيكون في مصلحة كل من القاهرة وأنقرة.

الغاز والمعارضة

يقول مراقبون أتراك إن أنقرة تمارس ضغوطا على الملف الليبي مقابل حل أزمة ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط، مما سيسمح لها بمزيد من حقوق التنقيب عن الغاز وتعتقد تركيا أن جذب مصر لصفها مكسب في مواجهة اليونان.

من الواقعي الاعتراف بأن البلدين في طريقهما لطي صفحة الماضي، خاصة وأن هناك تقارير تتحدث عن الترتيب لقمة رئاسية بين أردوغان والسيسي، والتي قد تعقد بعد عيد الفطر أو بعد الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة انعكاسًا لرغبة البلدين في تسريع وتيرة التطبيع بينهما وصياغة تفاهمات واضحة قد تؤسس تعاونًا واسع النطاق، في البداية من خلال أولًا بوابة الاقتصاد وثانيًا إعلاءً لقيمة المصالح المشتركة.