الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

اشتباكات السودان| حزام الاضطرابات يطوق الحدود الجنوبية.. كيف تتأثر مصر؟

أحداث السودان - أرشيفية
أحداث السودان - أرشيفية

فتحت الأحداث الدامية في السودان جبهة قلاقل جديدة لمصر من الناحية الجنوبية، لتنضم إلى الجبهة الغربية حيث ليبيا الغارقة في براثن الانقسام الداخلي، إلى جانب تخطفها من قبل الميليشيات والقوى الأجنبية.

ويشهد السودان اقتتالا داميا منذ صباح السبت، بين أكبر قوتين عسكريتين في البلاد، الجيش السوداني الذي يقوده الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي.

وعلى الرغم من أن الطرفين تبادلا الاتهامات حول من أطلق شرارة بدء الاقتتال، إلا أن الأمر برمته يزداد تعقيدًا ويتجه صوب السيناريو الليبي حيث الانقسام إلى كتلتين شرقية غربية.

وتوجد قوات الدعم السريع في أغلب ولايات السودان، وتجاور جميعها ثكنات ومقار الجيش، لكن انتشارها الأكبر هو في ولايات دارفور الخمس، إضافة إلى جنوب وشمال وغرب كردفان.

ومنذ نحو 3 أشهر، بدأت قوات الدعم السريع في نقل آلاف المقاتلين من ولايات دارفور إلى العاصمة الخرطوم، وقدر عددهم بنحو 50 ألف مقاتل، تم نشرهم في كل مداخل ومخارج الولاية، كما عززت القوات وجودها بقطع حربية ثقيلة آخرها مدرعات وصلت الخرطوم من شمال دارفور، الأربعاء الماضي، وربما كان الهدف من ذلك التخطيط لهذا المشهد الاقتتالي.

وما إن اندلعت الأحداث الدامية في السودان حتى هاتف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، الرئيس عبدالفتاح السيسي، وناقش معه الأوضاع في السودان.

كما تلقى الرئيس السيسي اتصالًا من رئيس جمهورية جنوب السودان، الرئيس سلفا كير، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، المستشار أحمد فهمي، بأن الاتصال تناول التباحث حول مستجدات الأوضاع الأخيرة في السودان، ودور مصر وجنوب السودان في دعم استقرار وسلامة السودان.

وأكد الرئيسان خطورة الأوضاع الحالية والاشتباكات العسكرية الجارية، مؤكدين كامل الدعم للشعب السوداني الشقيق في تطلعاته نحو تحقيق الأمن والاستقرار والسلام. ووجها نداءً للوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، مناشدين الأطراف كافة بالتهدئة، وتغليب صوت الحكمة والحوار السلمي، وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني. 

كما أعرب الرئيسان عن استعداد مصر وجنوب السودان للقيام بالوساطة بين الأطراف السودانية، حيث أن تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة، مؤكدين أن ترسيخ الأمن والاستقرار، هو الركيزة الضامنة لاستكمال المسار الانتقالي السياسي، وتحقيق البناء والتنمية في السودان.

الباحث علي رجب، يقول لـ"الرئيس نيوز": "الوضع مؤسف وخطير على الأمن القومي المصري من الناحية الجنوبية، ولابد من تحرك سريع من القاهرة لاحتواء الوضع قبل انفلاته بشكل كامل".

وأضاف: "الانفلات الأمني في السوداني سيشكل تهديدًا كبيرًا على مصر، فضلًا عن خسارة الموقف السوداني المتطابق مع مصر في قضية سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على مياه النيل الأزرق وترفض إبرام أي اتفاقات قانونية بشأن الملء والتشغيل مع دولتي المصب مصر والسودان، لذلك فإن من مصلحة مصر استقرار الأوضاع في السودان".

وأشار رجب إلى أن ما يحدث حاليًا في السودان نتيجة طبيعية لأشهر من التوتر السياسي والعسكري الحاد بين الطرفين، ومن المؤكد أن أي جهاز استخباراتي نشط في السودان كان سيتوقع حدوثه، لذلك لا يمكن اعتبار الترويج غير الطبيعي لأزمة احتجاز الجنود المصريين، وتداول مقاطع مصورة لهم هو أمر جاء بالصدفة، فالمشهد برمته يبدو أنه خطط له.

وعن أزمة الجنود المصريين المتواجدين في الخرطوم للمشاركة في تدريب عسكري مع السودان لاحقًا، يقول رجب: "أثق في قدرة مؤسسات الدولة المصرية على إنهاء ذلك الملف، بإعادة الجنود بمعداتهم سالمين، وأنها ستتعامل بحنكة وتروي في إدارة الأمر، خاصة أن قوات الدعم السريع في حكم الميليشيات المتمردة وأن السيطرة على حركتهم أمر سهل، بالمقارنة بين عتادهم وعددهم بالجيش السوداني". وأكد: "نريد إنهاء الملف بهدوء قبل أن تدفعهم الضغوط الميدانية من قبل الجيش إلى التصرف بحماقة".

وأوضح رجب أن مسارعة حميدتي بالاعتذار والتأكيد على أن الجنود المصريين ليسوا بالمحتجزين وأنهم في مكان آمن تمهيدًا لإعادتهم إلى بلدهم مصر، محاولة منه لتهدئة القاهرة.

بدورها، أكدت القوات المسلحة أنها تتابع عن كثب الأحداث الجارية داخل الأراضى السودانية وفى إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم فى السودان جارى التنسيق مع الجهات المعنية فى السودان لضمان تأمين القوات المصرية. وتهيب الحفاظ على أمن وسلامة قواتها.

كانت التوترات وسط العسكريين تفاقمت بعد توقيع الاتفاق الإطاري مع قوى سياسية مدنية، بسبب خلاف حول إصلاح المؤسسة العسكرية والوصول إلى جيش مهني موحد، ومسألة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة، إذ رهن قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الاستمرار في العملية السياسية بحسم عملية الدمج.

واختتم رجب حديثه بالقول: "أتوقع أن تلعب مصر دورًا في التهدئة، وأن تستجيب أطراف النزاع إلى الوساطة المصرية الجنوب سودانية، خاصة في ظل الأحداث الميدانية المتسارعة".

وتملك قوات الدعم السريع قوة عسكرية واقتصادية ضاربة، ونجحت في استقطاب عدد كبير من قادة الجيش الذين أحيلوا للتقاعد، وأسست مقار عديدة في الخرطوم، كما تملك إدارات ومعسكرات في غالب ولايات السودان، لكن من غير المعروف بنحو دقيق عدد قوات الدعم السريع المنتشرة، حيث تتحدث بعض المصادر عن أن القوات يفوق عددها 100 ألف مجند.

وفي العاصمة، تملك قوات الدعم السريع معسكرات في كل منافذها، حيث تقيم أعدادا كبيرة من هذه القوات في معسكر "طيبة" بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم، بجانب معسكر آخر في منطقة صالحة، وثالث في الجيلي شمال الخرطوم، كما تملك مقرا في سوبا شرقا، علاوة على استحواذها على مقار إستراتيجية في قلب الخرطوم، بينها مقر جهاز المخابرات السابق القريب من قيادة الجيش، ومقر هيئة العمليات القريب من مطار الخرطوم الدولي.