الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

عاجل| النص الكامل لاستعراض تقرير مصر أمام لجنة حقوق الإنسان بجنيف

الرئيس نيوز

وزير العدل: مصر عكفت على بناء منظومة متكاملة لتعزيز حقوق الإنسان خلال 8 سنوات
عمر مروان: قطعنا شوطا طويلا نحو بناء الدولة الحديثة التي تصون حقوق أبنائها
- مصر واجهت الإرهاب الذي يستهدف الاستقرار ونجحت في تحقيق الأمن وتنمية الاقتصاد
- مسار البناء الذي اختاره المصريون أسفر عن سياسات طموحة تحقق الحياة الكريمة والمساواة
 

أكد المستشار عمر مروان وزير العدل ورئيس الوفد المصري المشارك في أعمال اجتماع لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المعنية بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، أن مصر عكفت خلال السنوات الثماني الماضية، على بناء منظومة متكاملة لتعزيز حقوق الإنسان تقوم على 3 محاور تتمثل في البنية التشريعية، وبناء المؤسسات الوطنية اللازمة، وتكوين الكوادر من خلال الممارسات الفعلية.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها المستشار عمر مروان، اليوم، بوصفه رئيس الوفد المصري، خلال استعراضه تقرير مصر الدوري الخامس المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية، خلال الجلسة الأولى لمناقشة التقرير والذي كانت مصر قد تقدمت به في نوفمبر من العام 2019.
وأشار إلى أنه رغم التحولات والتحديات الكبيرة والعديدة التي شهدتها مصر، إلا أنها قطعت شوطا طويلا خلال السنوات الماضية نحو بناء الدولة المدنية الحديثة التي تحتضن أبناءها وتصون حقوقهم، وتنمي اقتصادهم وتحقق أمنهم، وتواجه في ذات الوقت الإرهاب الذي يستهدف استقرار البلاد وقدرة المصريين على التمتع بحقوقهم المختلفة. 
وأوضح أن مصر مرت بعقد من التحولات السياسية والأمنية، وأن المواطن المصري تطلع إلى الحياة في دولة مدنية حديثة، قوامها المساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، مشيرا إلى أن مسار البناء الذي اختاره المصريون، أسفر عن تغييرات هيكلية شملت دستور جديدا، وتشريعات مواكبة، وسياسات طموحة تلبي تطلعات المصريين في حياة كريمة يتمتعون فيها بالمساواة دون تمييز.
وشدد على أن الرؤية المصرية بالنسبة لحقوق الإنسان تستند على عدد من المبادئ الأساسية، أبرزها أنها مترابطة ولا تتجزأ، وأن ثمة تكاملا بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلاهما داعم للحق في التنمية، وأهمية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وبين حق الفرد والمجتمع، وأن ممارسة الحقوق والحريات تتطلب ضوابط لحماية حقوق الغير وحرياتهم، بالإضافة الى متطلبات الأمن القومي والنظام العام.
وقال إن أبرز التحديات في سبيل العمل على تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، تمثلت في نشر الوعي بها لدى المواطنين بصورة عامة وبالأخص للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، وتنمية الكوادر والقدرات الوطنية القادرة، ومواجهة الحالات الفردية التي تشكل خرقا للحقوق المكفولة بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وأضاف: "ومن أبرز التحديات التي واجهتنا أيضا مواجهة الفقر وتحقيق التنمية، لا سيما في وقت شهدت فيه مصر حالة من عدم الاستقرار السياسي قبل عام 2014، واستقبلت موجات من المهاجرين واللاجئين من دول أفريقية ودول عربية نتيجة الاضطرابات الإقليمية والظروف الاقتصادية الصعبة، فضلا عن موجة الإرهاب العاتية التي شهدتها مصر وكافة دول المنطقة، أعقب ذلك تعرض المجتمع الدولي لعدد من الأزمات العالمية بداية من الأزمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا، ثم أزمتي الغذاء والطاقة بعد الحرب الروسية – الأوكرانية".
وأكد المستشار عمر مروان، أن إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان عام 2018 كأحد المؤسسات الوطنية التنفيذية لتضم الأطراف المعنية مباشرة بحقوق الإنسان على المستوى الوطني؛ جاء تعبيرا عن الإرادة الحقيقة لإحداث تغيير منهجي في أداء الدولة وتعاملها مع هذا الملف، مشيرا إلى أن اللجنة اضطلعت بمتابعة المكون الحقوقي على مستوى التشريعات الوطنية، والعمل الوفاء بالالتزامات الدولية، وبناء قاعدة بيانات لرصد وتسجيل الجهود الوطنية عبر آلية منضبطة واستبيانات دورية.
وأشار إلى أن مصر أطلقت عام 2021 أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان بمبادرة وطنية خالصة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، كأولى ثمار عمل تلك اللجنة، تعبيرا عن إيمان عميق من مختلف مؤسسات الدولة بأهدافها، وبالتشاور مع المجتمع المدني، لافتا إلى أن الاستراتيجية تعكس مقاربة شاملة لحقوق الإنسان، وأقرت رؤية تتكامل فيها الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع مراعاة إيلاء اهتمام خاص بالفئات الأولى بالرعاية مثل المرأة، والطفل، وذوي الإعاقة، والمسنين، والشباب، وتطوير البنية المؤسسية والتثقيف وبناء القدرات.
وشدد على أن إعداد تلك الاستراتيجية، مثّل فرصة حقيقية للتعرف على نقاط القوة والضعف في أداء أجهزة الدولة والمجتمع، وتقييمها بصورة عادلة، وفتح حوار مع كافة الأطراف ذات المصلحة للتعرف على الرؤى المختلفة، وصولًا لإدراك ورصد الصعوبات والعمل على الخروج بحلول مبتكرة لمجابهتها، وحشد قدرات الدولة بما في ذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص نحو تحقيق أهداف الاستراتيجية.
واستعرض المستشار عمر مروان الجهود والإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية، في مجال تعزيز الحقوق المدنية والسياسية خلال السنوات التي تلت تقديم التقرير عام 2019، ومن بينها دعم المساواة بين الرجال والنساء بنصوص دستورية تنظم المواطنة وتجرم العنف والتمييز، والتي جرى ترجمتها في قوانين واستراتيجيات وبرامج تنفيذية تعزز من تمثيل المرأة وتمكينها وإعلان عام 2017 عاما للمرأة المصرية، والانطلاق في عام 2021 نحو تقدم المرأة للتعيين في مجلس الدولة والنيابة العامة، وشغل المرأة نسبة نسبة 28% من مجلس النواب، ونسبة 14% من مجلس الشيوخ، ونسبة 25% من الحقائب الوزارية.
وأشار إلى أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر 2021 بإنهاء العمل بحالة الطوارىء التي كانت قد أعلنت في أبريل 2017 على إثر هجمات إرهابية دموية تركزت من بعد ثورة يونيو 2013، يعد قرارا تاريخيا، حيث أنهى حقبة عاشتها البلاد في ظل حالة الطوارئ، لظروف متعددة كانت تبرر إعلانها وتمديدها، وجرى إنهاؤها عبر مقاربة شاملة تعتمد على تعزيز الشق التنموي والفكري والاجتماعي، إلى جانب المواجهة الأمنية مع مراعاة حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب. 
وأكد وزير العدل أن مصر عملت على تحسين أوضاع المسجونين، من خلال وضع استراتيجية لإنشاء وتحديث مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون)، من أبرزها مجمع مراكز مدينتي بدر ووادي النطرون، من بعد إغلاق العديد من السجون السابقة، مشيرا إلى أن تلك المراكز الجديدة تلبي الاستحقاقات الدستورية والقانونية المستهدفة، حيث أقيمت وفقا لأحدث الطرازات المعمول بها عالميا، وشهدت طفرة إنشائية تواكب المعايير الدولية لحقوق الإنسان من حيث السعة الصحية للغرف والإضاءة وجودة التهوية والمراكز الطبية المجهزة.
وشدد على أن قرارات الحبس الاحتياطي الصادرة عن السلطات القضائية المختصة، تلتزم بكافة الضوابط والضمانات الدستورية والقانونية، وأن النيابة العامة راعت حال إصدارها أوامر الحبس الاحتياطي الظروف المصاحبة لانتشار جائحة كورونا، فتوسعت في تطبيق بدائل قانونية للحبس الاحتياطي مثل إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه، أو إلزامه بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة، وقد بلغ عدد المخلى سبيلهم بتلك التدابير عدد (4067) متهمًا، خلال الفترة من 2020 حتى نهاية 2022. 
وقال إن وزارة العدل عملت على رفع قدرات أعضاء الجهات والهيئات القضائية من خلال التدريب المستمر، وافتتاح المحاكم الجديدة وتطوير المحاكم القائمة، واعتماد التقاضي الإلكتروني، وصولا لغاية نهائية وهي كفالة الحق في التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة.
وأضاف أنه جرى إنشاء إدارة خاصة لمكافحة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية، وأخرى بوزارة العدل، وخصصت دوائر قضائية لهذا النوع من القضايا، كما أنشئت وحدات لمناهضة العنف ضد المرأة بالجامعات، وتشديد عقوبة جريمة ختان الإناث، في سبيل توفير أقصى حماية قانونية للأنثى من تلك الممارسة، وتحقيق الردع اللازم تجاه كل من يقارفها أو يسهل ارتكابها.
وتابع وزير العدل مؤكدا أن مصر أولت اهتماما خاصة بمكافحة الإتجار بالبشر، عبر إطلاق الاستراتيجية الوطنية الثالثة في هذا الشأن، وركزت على حماية الضحايا من خلال تحديث آليات الاحالة الوطنية، تم تخصيص دور لإيواء الضحايا، وتعزيز بناء قدرات القائمين على الحماية الاجتماعية. 
ولفت إلى أنه وعلى صعيد مكافحة الفساد؛ أطلقت مصر النسخة الثالثة من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أنها جاءت تتويجا لجهود تشريعية وقضائية وتنفيذية بذلت في هذا الصدد، واستكمالا لمسيرة الدولة بتعزيز جهود مكافحة الفساد، والمضي قدما في مواجهة هذا النشاط الهدام الذي يقوض بدوره التمتع بحقوق الإنسان.
وقال الوزير إن مصر استقبلت قرابة 9 ملايين مهاجر ولاجئ وطالب لجوء، وذلك وفقا للأعداد التي قدرتها المنظمة الدولية للهجرة في يوليو 2022، مشيرا إلى زيادة عدد اللاجئين الذين تستضيفهم مصر بسبب عدم الاستقرار في المنطقة، وأن الدولة المصرية تتبع السياسة الاندماجية في التعامل مع اللاجئين، وانخراطهم في النسيج الوطني، ولم تلجأ مطلقا إلى "سياسة المعسكرات" في التعامل مع اللاجئين.
ولفت إلى أن مصر لم تتلق دعما حقيقيا في ملف اللاجئين يكافىء هذه الأعداد الكبيرة أو يقاربها، سواء من المنظمات الدولية، أو من الدول التي يقع عليها التزاما في هذا الخصوص وفقا لنهج تقاسم الأعباء والمسؤوليات على نحو عادل.
وشدد على أن مصر حريصة على حرية الدين والمعتقد، لافتا إلى أهمية التفرقة بين حرية المعتقد والتي تتمتع بالإطلاق التام دون قيد أو شرط، وبين ممارسة الشعائر الدينية علانية، والتي يجب أن يراعى فيها قيم المجتمع وأخلاقه ونظامه العام.
وأضاف أن مصر شهدت إطلاق مبادرة تاريخية لتجديد الخطاب الديني، تضمنت دعوة رجال الدين والفقهاء لمزيد من النظر في الخطاب الديني الوطني، ومراجعة المناهج الدراسية بمراحلها المختلفة لضمان تضمينها قيم المواطنة والتسامح، ويأتي ذلك انطلاقًا من حرية الدين والاعتقاد وتعزيز قيم المواطنة، وأن هذه الخطوات تعد خير دليل على عزم مصر المُضي قُدمًا نحو الطريق الصحيح. 
وفيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، أشار وزير العدل إلى وجود 585 صحيفة مسجلة، و27 قناة، و94 موقعا إلكترونيا إخباريا، وأن مصر تأخذ في الاعتبار الفرص والتحديات في مجال التكنولوجيا والتي تستدعي العمل على تعزيز التثقيف والتوعية بموضوعات حقوق الإنسان، والموازنة الدقيقة بين حرية الرأي والتعبير من جانب، ومواجهة خطاب الكراهية والتحريض على العنف والتطرف من جانب آخر، وبما يضمن تنظيم ممارسة حرية التعبير دون التعدي على حريات الآخرين وفقا للدستور والتزامات مصر الدولية.
وأكد أن الحكومة المصرية اعتمدت منهجا يقوم على تعزيز التشاور والعمل مع المجتمع المدني لقناعتها بأنه يمثل شريكا رئيسيا لها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، لقربه على الأرض وقدرته على النفاذ للفئات الأكثر احتياجا، إلى جانب إعلان عام 2022 عاما للمجتمع المدني في مصر، تعبيرا عن تقدير الدولة لدوره الحيوي.
وشدد على أن المشاركة في الحياة السياسية والشئون العامة، مكفولة وأن العام الماضي شهد إطلاق حوار وطني شامل يضم كافة الاتجاهات والكيانات السياسية الشرعية، ليعبر عن نبض المجتمع وتطلعاته على كافة الأصعدة، لتكون ملمحا هاما في رسم السياسات المستقبلية للدولة.
وأكد أن الدولة المصرية لا تقبل بالتمييز وأن الدستور يحظره كمبدأ عام، سواء أكان بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، فضلا عن استحداث تجريم التنمر بموجب القانون، بحسبانه سلوكا سلبيا قائم على التمييز.
واختتم وزير العدل حديثه قائلا: "إننا فخورون بكل ما حققناه في السنوات القليلة الماضية، إلا أننا لم ولن ندعي اكتمال مسيرتنا، فالتحديات مازالت كبيرة، وعملية تعزيز حقوق الإنسان تراكمية ومستمرة، ونحن مدركون أنه مازال أمامنا العديد من الخطوات الواجب اتخاذها، ومع ذلك فنحن واثقون من قدرتنا على المضي قدما في طريق الإصلاح بخطى ثابتة، وعازمون على مواصلة عملنا الجاد، نسابق الزمن لترسيخ دعائم الاستقرار، وتحقيق التنمية المستدامة، على نحو يرتكز بالأساس على إعمال كافة الحقوق والحريات، في إطار من المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص للجميع".