الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بريطانيا: تحديات داخلية تواجه الدعم العسكري لأوكرانيا

الرئيس نيوز

أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرًا خططًا لإرسال دبابات "تشالنجر 2" إلى كييف لتعزيز قدرتها على صد الغزو الروسي، وهو القرار الذي يرى خبراء ومحللون أنه "لن يغير موازين الحرب"، بسبب قلة العدد، لكنه ينطوي على أبعاد سياسية داخلية في بريطانيا، و"يمهد لمرحلة ثانية في الخصومة الغربية مع موسكو".

وتتمثل المشكلة الأبرز بشأن قرار حكومة ريشي سوناك في أن الاستغناء عن 14 دبابة من هذا النوع "قد يضعف الجيش البريطاني"، كما أن تعويضها أو تصنيع غيرها لصالح أوكرانيا يعني زيادة الإنفاق على المؤسسة العسكرية في ظل أزمة اقتصادية تعيشها البلاد بسبب التضخم.

وقد يستغرق تسليم الدبابات إلى أوكرانيا شهورًا عدة، ولكن حكومة حزب المحافظين تريد من خلال القرار تعزيز ثقة الشارع  في "بريكست"، خاصة وأن استطلاعات الرأي تظهر تزايدًا واضحًا في أعداد البريطانيين "النادمين" على مغادرة الاتحاد الأوروبي، ويرون فيه "خطأ" يفضلون الرجوع عنه بأسرع وقت ممكن وأقل الخسائر.

ووفقًا للإحصائيات الرسمية، تمتلك بريطانيا نحو227 دبابة فقط من طراز "تشالنجر 2" التي تخطط لتزويد أوكرانيا بها.

وبحسب تقرير نشره مجلس اللوردات في البرلمان قبل أيام قليلة، فإن خطة تطوير جيش المملكة المتحدة تتضمن تحديث 148 دبابة من هذا الطراز خلال وقت قصير، وتصفية تلك التي لم تعد صالحة منها للخدمة العسكرية.

ولفت قائد الجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز، إلى أن إرسال الدبابات والمدفعية إلى أوكرانيا لتعزيز المجهود الحربي في مواجهة روسيا "سيجعل الجيش أضعف"، قائلًا في رسالة سربت لوسائل الإعلام المحلية إن "هزيمة موسكو ستجعل المملكة المتحدة أكثر أمنًا، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن دعم كييف بالسلاح يؤثر على إمكانيات القوات المسلحة وقدرتها على صد التهديدات والوفاء بالتزاماتها تجاه حلف الناتو".

وشدد الجنرال ساندرز في رسالته على أن الجيش البريطاني "يضحي" عند دعمه لأوكرانيا في صد العملية العسكرية الروسية، مشيرًا إلى أن "أن الأمر يستحق العناء فعلًا، ولكنه يكلف كثيرًا"، وبالتالي يتوجب على وزارة الدفاع أن تبذل جهودًا أكبر لتسريع ودعم عملية تحديث القوات البريطانية وتجهيزها بالعدة والعتاد اللازمين.

من جانبه، أوضح وزير الدفاع البريطاني بن والاس أمام البرلمان، أن وزارته تدرس حاجة الجيش إلى زيادة عدد دباباته. كما أنها تعهدت بإنفاق 24 مليار جنيه إسترليني على إعادة تجهيز الجيش خلال العقد المقبل.

لكن الكثير من الأسلحة الجديدة، بما في ذلك الدبابات المطورة، لن تعمل بكامل طاقتها حتى أوائل عام 2030.

وتنتظر وزارة الدفاع "بيان الربيع" لوزير المالية البريطاني جيرمي هانت خلال بضعة أشهر، لتتضح إمكانية زيادة الإنفاق العسكري وفق ميزانية العام المقبل. كما أن الزيادة بحد ذاتها إن تقررت، سوف تستند على مراجعة استراتيجية الجيش على ضوء المتغيرات الدولية وحجم الأخطار الخارجية التي تهدد المملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو".

عند تشكيل سوناك لحكومته نهاية العام الماضي، هدد والاس بالاستقالة في حال عدم زيادة ميزانية الدفاع عام 2023. ولكن هل يسمح واقع الاقتصاد البريطاني اليوم بضخ أموال أكثر في تسليح وتعزيز القوات العسكرية، بينما تجتاح البلاد أصلًا موجة غير مسبوقة من الإضرابات المطالبة بزيادة الأجور في قطاعات أخرى؟.

تقول رئيسة لجنة العلاقات الدولية والدفاع في مجلس اللوردات، البارونة أنيلاي دي سانت جونز، إن الافتراضات الاقتصادية التي تستند عليها سياسة الدفاع البريطانية، "تغيرت"، لا سيما مع تأثير التضخم على الإنفاق الحكومي، معتبرة أن "الخطر يكمن في عدم قدرة الدولة على تحقيق تطلعات المراجعة المتكاملة للاستراتيجية الدفاعية ما لم يتوفر المزيد من الموارد. وبالتالي لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستحتفظ بالتزامها في إنفاق 3% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، أم أن ذلك سيتغير".

وتوضح البارونة في تقرير اللجنة البرلمانية الأخير، أن إصلاح وتطوير الجيش في الوقت الراهن "صعب جدًا" وخاصة مع التضخم المرتفع. كما لفتت إلى أن عدد الجنود ليس المقياس الأفضل لقدرات القوات المسلحة. "ما يهم أكثر هو التقنيات والمعدات والتدريب للقيام بالمهام اللازمة".

في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، يقول الخبير الأمني البرفسور بول ميكروفت، إن إرسال المملكة المتحدة لدبابات "تشالنجر2" إلى كييف، ينطوي على "دلالة رمزية وأخرى عملية".

وأوضح ميكروفت: "أولًا توجه رسالة إلى الروس بأن الحرب يمكن أن تتنقل إلى مرحلة جديدة يصبح فيها تركيز الدعم الغربي لأوكرانيا على الهجوم أكثر من الدفاع، وبالتالي يتوجب على موسكو الحذر من بناء أحلام وردية لانتصارات كبيرة".

الهدف العملي للخطوة البريطانية برأي ميكروفت، هو تشجيع الاتحاد الأوروبي على زيادة دعم كييف. أو بتعبير آخر، "إحراج" دوله ودفعها نحو تزويد أوكرانيا بالدبابات. وخاصة ألمانيا التي تنتشر دباباتها "ليوبارد 2" في القارة العجوز، وهي أكثر مواءمة للقتال على الجبهة الروسية لأسباب عديدة من بينها حداثتها وجاهزيتها، واستهلاكها القليل للوقود مقارنة بنظيرتها الأميركية والبريطانية، على حد وصفه.

وبالفعل، استدعت الخطوة البريطانية تصعيدًا في مطالبة أوكرانيا لألمانيا بإرسال دباباتها إلى الجبهة. ولكن المسؤولين في برلين اختاروا التروي في الخطوة بحجة ضرورة الاتفاق بين حلفاء كييف. وهو ما فُسر بأن الحكومة الألمانية تنتظر استعدادًا مشابهًا للخطوة من الولايات المتحدة، كما أنها لا تود استفزاز فلاديمير بوتين عبر إرسال أسلحة هجومية تجعل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي في مواجهة مباشرة مع الروس.