الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

الحوار التركي - السوري الجديد يواجه "طريقًا وعرًا"

الرئيس نيوز

تحتاج أنقرة ودمشق إلى تعديل مواقفهما لتجنب الاصطدام في سعيهما لتطبيع العلاقات بين الجارتين.

ووفقًا لتحليل كتبه الصحفي التركي فهيم تستكين، ونشره موقع المونيتور الأمريكي، حققت محاولة أنقرة لتطبيع العلاقات مع دمشق تقدمًا إلى مستوى المحادثات الوزارية، لكن لا تزال هناك مجموعة من العقبات التي يتوقع أن تعرقل استمرار الحوار الناشئ ما لم يعدل الجانبان مواقفهما؛ وغالبًا ما تُعزى التحولات الدبلوماسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تعثر سياساته الإقليمية، لكن لا ينبغي التغاضي عن غرائزه السياسية وقدرته على المناورة.

خوفا من ارتفاع التكلفة السياسية للابتعاد عن تيار التطبيع في المنطقة، سعى أر دوغان في وقت مبكر من العام الماضي إلى التقارب مع أبو ظبي والرياض وتل أبيب والقاهرة قبل أن يتوجه إلى الحكومة السورية.

كما سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إقناع أردوغان بإصلاح العلاقات مع دمشق منذ إطلاق عملية أستانا، وهو الآن يعرض عليه بمهارة حوافز للمضي قدمًا في هذا الطريق، ومع ذلك، لا تزال العديد من جوانب حسابات أردوغان غير معروفة وما هي توقعاته الفعلية من عملية التطبيع بينما يواجه سباقًا صعبًا لإعادة انتخابه في الربيع وسط اضطراب اقتصادي واستياء شعبي متزايد من اللاجئين السوريين؟ ما مدى التزامه بتلبية شروط دمشق؟ هل سيسحب دعمه بعيدًا عن المتمردين السوريين المتحالفين أم سيستخدمهم كورقة مساومة حتى اللحظة الأخيرة؟ هل يأخذ تهديد التكفيريين المتاخم لحدود تركيا على محمل الجد؟ وهل هو مصمم على تجاوز الاعتراضات والعقوبات الأمريكية على طول الطريق؟

ويعتقد تكستين أن مجرد كسر الجليد مع دمشق قد يفيد أردوغان في الانتخابات الرئاسية، بالنظر إلى أن ما يقرب من 60٪ من الجمهور التركي يدعم الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد على أمل أن تسهل استعادة العلاقات عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وكان السلام مع دمشق تعهدًا انتخابيًا للمعارضة، لذلك على أقل تقدير، جردهم أردوغان الآن من ورقة رابحة رئيسية ولكن قلة هم الذين يستطيعون القول على وجه اليقين ما إذا كان قد اتخذ خيارًا لا رجوع فيه لتطبيع العلاقات أو يرى العملية مجرد استثمار انتخابي مؤقت سرعان ما سيزول بمجرد إعلان اسم الرئيس التركي القادم، ومن هنا انعدام الثقة في دمشق.

إذا كان الأمر كله يتعلق بإعادة الانتخاب، فيمكن لأردوغان الاكتفاء بعدة خطوات: إعادة فتح المعبر الحدودي بين بلدة يايلاداغي التركية وكساب الخاضعة لسيطرة الحكومة في شمال غرب سوريا

تنظيم عودة عدة قوافل للاجئين

بدء المحادثات حول تحديث اتفاقية أضنة لعام 1998 بشأن التعاون الأمني مع سوريا وتقديمها كخطوة نحو الشراكة مع دمشق لتجسيد المنطقة الآمنة الخالية من القوات الكردية التي تعهد بإنشائها.

الموافقة على نشر المزيد من قوات الحكومة السورية في المناطق التي تتواجد فيها وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) والقوات الديمقراطية التي يقودها الأكراد، مما يكيف المتمردين المتحالفين الأكثر انصياعًا مع الوضع الجديد.

سحب بعض القوات التركية من سوريا، ولو للعرض فقط، وبعض الالتزامات الواسعة لإعادة إعمار سوريا

أخذ حصة من مشاريع إعادة الإعمار في سوريا جزرة أساسية لأردوغان في جهود التطبيع، لذا قد يحافظ على رغبته في دفع العملية بعد الانتخابات في حال فوزه بإعادة انتخابه.

وبالمثل، يحتاج الأسد إلى التركيز على الأهداف التي من شأنها أن تبرر تحول موقفه من أنقرة وقال الرئيس السوري في لقاء في دمشق الخميس للمبعوث الروسي الكسندر لافرنتييف أن المحادثات الثلاثية بين تركيا وسوريا وروسيا التي بدأت باجتماع لوزراء الدفاع في أواخر ديسمبر “يجب أن يتم تنسيقها بين سوريا وروسيا بشكل مسبق من أجل أن تكون مثمرة وتؤدي إلى نتائج ملموسة تنشدها سوريا على أساس المبادئ الوطنية لإنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب".

بعبارة أخرى، كرر الأسد شروطه المسبقة بأن على تركيا سحب قواتها من سوريا وإنهاء دعمها للمسلحين - وهما نقطتا خلاف أساسيتان يمكن أن تعرقلا التقارب ومع ذلك، قد يختار الأسد الرهان على تغيير موقف أردوغان، معتمدًا على ضمانات بوتين ولديه عدد من الأسباب الوجيهة لمنح المحادثات فرصة، ويمكن تلخيصها في الآتي:
لا يستطيع الأسد تخريب استراتيجية بوتين، التي أدت تدريجيًا إلى تآكل الخط المتشدد لأردوغان خلال عملية أستانا وقد حددت الإستراتيجية الروسية التطبيع التركي السوري كهدف رئيسي.

ساعدت شراكة تركيا مع روسيا الحكومة السورية على استعادة السيطرة في ريف دمشق وشرق حلب والقنيطرة وحماة وحمص، وفي المقابل، أعاقت السيطرة التركية المتزايدة على الأرض استعادة مناطق أخرى، وتعتمد إزالة تلك العقبة على التطبيع التركي السوري.

من المتوقع أن تفقد الجماعات المسلحة التي تسيطر على إدلب وأماكن أخرى سيطرتها بمجرد أن تسحب تركيا القوة. علاوة على ذلك، سيصبحون بعد ذلك مشكلة لتركيا نفسها.

سيكون الانتعاش الاقتصادي في سوريا أسهل بكثير إذا انضمت جارة قوية مثل تركيا وبعد أن كانت بمثابة شريان حياة لروسيا في حرب أوكرانيا، يمكن لتركيا أن تلعب دورًا مماثلًا لسوريا وهذا بالطبع سيتطلب من أردوغان تليين موقف واشنطن، باستخدام حجج مثل أن تركيا يمكن أن تساعد في صد إيران، والتأثير على الموقف السياسي لدمشق، وحتى إحياء وساطتها في التقارب الإسرائيلي السوري.

قد يترك أي ترتيب أمني محتمل مع أنقرة الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة دون خيار سوى الخضوع لدمشق وقد تؤدي المصالحة التركية السورية أيضًا إلى انسحاب الولايات المتحدة من سوريا ومع خروج الولايات المتحدة، يمكن أن تصبح القبائل العربية التي انضمت إلى قوات سوريا الديمقراطية بالاعتماد على الضمانات الأمريكية أكثر استعدادًا لتغيير مواقفها، وتحتاج دمشق إلى شركاء بديلين لتحقيق التوازن بين روسيا والحد من نفوذ إيران من أجل توسيع مجال المناورة السياسي قد تمهد مثل هذه التقييمات الإيجابية الأرضية للمحادثات، لكن الطريق إلى المصالحة لا يزال مليئًا بحقول الألغام.

كان سجل أردوغان في البراجماتية غير المتوقعة والخطاب التركي الذي ينتهك المطالب السورية الرئيسية ضارًا ببناء الثقة. وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، على سبيل المثال، قال إن المناطق التي تسيطر عليها تركيا لن يتم تسليمها إلى دمشق إلا بعد "تحقيق الاستقرار السياسي وبعد أن يصبح كل شيء على ما يرام في البلاد"، بينما دعا مستشار لأردوغان للسيطرة التركية على حلب لضمان العودة الآمنة للاجئين، أما دمشق، فمن جانبها ترفض معاملة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب كمجموعات إرهابية كما تود أنقرة أن تفعل، ولا يزال إصرار تركيا المستمر على إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترًا (18 ميلًا) على طول الحدود - إما بمفردها أو بالتعاون مع دمشق - يبرز كحقل ألغام آخر يمكن أن يعرقل قطار السلام.

وبحسب صحيفة الوطن السورية اليومية، وافقت تركيا على الانسحاب الكامل من سوريا، وإعادة فتح الطريق السريع M4 الهام، وتشكيل عدة لجان مشتركة في اجتماع وزراء الدفاع في موسكو، لكن التقرير لم يتم تأكيده رسميًا بعد، وأخيرًا، واصلت أنقرة تكرار هدف فقد أهميته منذ فترة طويلة: وهو أن يكون حلفاءها السوريون، سواء كانوا مسلحين أو غير مسلحين، جزءًا من عملية انتقال سياسي في دمشق تماشيًا مع القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كانت جماعات المعارضة السورية تحتج على ذوبان الجليد بين أنقرة ودمشق، بينما كثفت هيئة تحرير الشام، الجماعة الجهادية التي تسيطر على جزء كبير من إدلب، هجماتها على المواقع الحكومية في محاولة على ما يبدو لجذب المعارضين الساخطين إلى صفوفها.

وخلاصة القول، إن الطرفين بانتظارهما طريق وعر، بالنظر إلى عناد الأسد وأسلوب حسابات أردوغان وقد يتعين على المراقبين أيضًا الأخذ في الاعتبار رد الإدارة الأمريكية، المستعدة لاستقبال جاويش أوغلو الأسبوع المقبل قبل لقائه المرتقب مع نظيريه السوري والروسي في موسكو.