السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عاجل| هل تُقبل السعودية على استبدال الدولار باليوان الصيني في معاملات النفط؟

الرئيس نيوز

بدا أن المملكة السعودية ماضية في طريقها نحو تعزيز شراكة استراتيجية شاملة مع جمهورية الصين الشعبية، فبينما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ لقادة دول الخليج العربية، أمس الجمعة إن الصين ستعمل على شراء النفط والغاز باليوان، وهي الخطوة التي من شأنها أن تدعم هدف بكين في ترسيخ عملتها دوليا وإضعاف قبضة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية.

رجح مراقبون أن من شأن أي تحرك سعودي للتخلي عن استخدام الدولار في تجارة النفط أن يمثل زلزالا سياسيا، كانت الرياض قد هددت به في السابق في مواجهة تشريع أمريكي محتمل يعرض أعضاء منظمة البلدان المصدر للبترول (أوبك) لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار. 

تلويح سعودي قديم

ووفق “دويتش فيله” فيرى خبراء أن إعلان السعودية إمكانية قبول اليوان بدلا من الدولار في مبيعات النفط للصين، يُنظر إليه في إطار الضغط على حلفاء الرياض من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة.

وقد أشار المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن السعودية فعلت ذلك من قبل في تقرير صدر عام 2019 تحت عنوان "لعبة الصين الكبرى في الشرق الأوسط" حيث ذكر الباحثون في المجلس أن الصين كثيرا ما تُستخدم "كورقة مساومة".

وفق التقرير، فقد أضاف الباحثون "بعد شهور قليلة من مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في استغلال جولته الآسيوية من أجل التأثير على النقاش الدائر في الولايات المتحدة والدول الأوروبية حيال مبيعات الأسلحة إلى السعودية."

كانت العلاقات الأمريكية السعودية، توترت إلى حد غير مسبوق، بعدما فشلت مساعي واشنطن استقطاب المملكة في إطار تعزيز الدعم الدولي ضد روسيا بعد اندلاع العمليات العسكرية في أوكرانيا، إذ سعت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى نيل المساندة من السعودية ودفع الرياض إلى الاصطفاف إلى جانب أمريكا وأوروبا.

وفي إطار هذه المساعي، زار المستشار الأمني ​​الأمريكي بريت ماكغورك السعودية قبل أسبوع فيما قصد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرياض أيضا. ورغم الزيارات رفيعة المستوى، إلأ أن محاولات الجانب الأمريكي والأوروبي لإقناع السعودية بضخ المزيد من الإمدادات النفطية للحد من ارتفاع أسعار النفط، يبدو أنها باءت بالفشل. ما يمثل خيبة أمل خاصة وأن السعودية وجارتها الأمارات هما الأقدر على الأمر إذ أنهما تمتلكان فائضا كبيرا قد يعوض النفط الروسي.

وفي حالة الموافقة على ضخ المزيد من النفط في الأسواق العالمية، فقد يساعد ذلك على خفض أسعار النفط التي ارتفعت إلى مستويات قياسية جراء الاضطرابات في إمدادات النفط الروسية.

تأثير ضعيف

يشار إلى أن اقتراح السعودية بقبول اليوان الصيني بدلا من الدولار في مبيعات النفط للصين ليس وليد اللحظة، إذ اقترحت الرياض الأمر ذاته قبل أربع سنوات.

ووفق الموقع ذاته، يرى الخبراء أنه حتى في حال تنفيذ هذه الأمر فإنه من غير المرجح أن يؤثر بشكل كبير على أسواق الصرف الأجنبي على المدى القصير وحتى المتوسط؛ خاصة مع استمرار تسعير معظم المعاملات النفطية بالدولار، فيما ستتطلب عملية التحول إلى اليوان الكثير من الوقت فضلا عن تعقيدها.

ويرى الخبراء أنه حتى في سداد كافة المعاملات التجارية بين السعودية والصينية باليوان، فإن حجم التعاملات لن تتجاوز حوالي 320 مليون دولار (289 مليون يورو) في يوم العمل الواحد، فيما يبلغ إجمالي التجارة بالدولار الأمريكي في جميع أنحاء العالم ما يقرب من 6،6 تريليون دولار (6 تريليون يورو) في يوم العمل الواحد.

ورغم ذلك، فإن هناك مخاوف على المدى الطويل من ظهور نظام عالمي موازٍ لتبادل العملات الأجنبية باستخدام اليوان الصيني كعملة بديلة، خاصة وأن الهند تدرس استخدام اليوان في مشترياتها النفطية من روسيا للحيلولة دون الوقوع تحت طائلة العقوبات الغربية.

نظام موازً للمدفوعات

ويرى خبراء أن السماح بدفع مدفوعات النفط باليوان قد يمهد الطريق أمام إنشاء نظام مواز للمدفوعات الدولية سيحتل فيه اليوان الصيني أهمية وقوة على غرار الدولار الأمريكي. كذلك، سوف يصب ذلك في صالح محاولة روسيا تجاوز العقوبات التي فرضتها الدول الغربية عقب غزوها لأوكرانيا حيث يمكن لموسكو استخدام اليوان أيضا.

ورغم أن الصين أعلنت حيادها بشأن الصراع في أوكرانيا، إلا أن هناك الكثير من الشكوك حول دعمها لروسيا على نطاق واسع حتى وإن كان بشكل هادئ وغير مباشر.

يرى خبراء أن إعلان السعودية إمكانية قبول اليوان بدلا من الدولار في مبيعات النفط للصين، يُنظر إليه في إطار الضغط على حلفاء الرياض من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة.

وقد أشار المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن السعودية فعلت ذلك من قبل في تقرير صدر عام 2019 تحت عنوان "لعبة الصين الكبرى في الشرق الأوسط" حيث ذكر الباحثون في المجلس أن الصين كثيرا ما تُستخدم "كورقة مساومة".

قمم مع الصين

كان شي يتحدث في المملكة العربية السعودية حيث استضاف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قمتين عربيتين وصفهما الزعيم الصيني بأنهما "معلم بارز" وأظهرتا الثقل الإقليمي للأمير في الوقت الذي يسعى فيه إلى إقامة شراكات تتجاوز العلاقات التاريخية الوثيقة مع الغرب.

ونقلت المملكة العربية السعودية، أكبر بلد مُصدر للنفط، والصين رسائل قوية خلال زيارة شي بشأن "عدم التدخل" في الوقت الذي تتعرض فيه علاقة الرياض بواشنطن لاختبار بشأن حقوق الإنسان وسياسة الطاقة وروسيا.

ويثير تنامي النفوذ الصيني في الخليج قلق الولايات المتحدة.

وقد جرى التشجيع على تعزيز العلاقات الاقتصادية خلال زيارة شي الذي استُقبِل بحفاوة واجتمع مع دول الخليج وحضر قمة أوسع لزعماء دول جامعة الدول العربية.

وأعلن الأمير محمد في بداية محادثات الجمعة "مرحلة تاريخية جديدة من العلاقات مع الصين" في تناقض حاد مع الاجتماعات الأمريكية السعودية الفاترة قبل خمسة أشهر حين حضر الرئيس جو بايدن قمة عربية أصغر في الرياض.

علاقات مع الدول كافة

وردا على سؤال حول علاقات المملكة مع واشنطن في ضوء الاستقبال الحار الذي لقيه شي، قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن السعودية ستواصل العمل مع جميع شركائها وأضاف "لا نرى أنها معادلة صفرية".

وقال الأمير في مؤتمر صحفي عقب المحادثات إن بلاده "لا تؤمن بالاستقطاب أو بتفضيل جانب على آخر".

وعلى الرغم من توقيع السعودية والصين على عدد من اتفاقات الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية، قال محللون إن العلاقات ستظل مرتكزة غالبا حول المصالح في قطاع الطاقة على الرغم من دخول الشركات الصينية قطاعي التكنولوجيا والبنية التحتية بالمملكة.

قال روبرت موجيلنيكي الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن لرويترز "المخاوف المتعلقة بالطاقة ستظل في مقدمة ومركز العلاقات".

أضاف: "ستتطلع الحكومتان الصينية والسعودية أيضا إلى دعم شركاتهما الوطنية والفاعلين الآخرين من القطاع الخاص للمضي قدما في الصفقات التجارية والاستثمارية. سيكون هناك المزيد من التعاون في الجانب التكنولوجي أيضا مما يثير مخاوف مألوفة من واشنطن".

ووقعت المملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم مع شركة هواوي هذا الأسبوع في مجال الحوسبة السحابية ولبناء مجمعات عالية التقنية في المدن السعودية. وشاركت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة في بناء شبكات الجيل الخامس في دول الخليج رغم مخاوف أمريكية بشأن مخاطر أمنية محتملة من استخدام تقنياتها.

شركاء طبيعيون

والرياض من أكبر موردي النفط إلى الصين وأكد البيان المشترك على أهمية استقرار السوق العالمية والتعاون في مجال الطاقة، مع السعي لتعزيز التجارة غير النفطية وزيادة التعاون في الطاقة النووية لأغراض سلمية.

وقال شي إن بكين ستواصل استيراد كميات كبيرة من النفط من دول الخليج العربية وتعزيز وارداتها من الغاز الطبيعي المسال.

أضاف أن البلدين شريكين طبيعيين وسيتعاونان بشكل أكبر في تطوير قطاع التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما.

قال إن الصين ستستغل بشكل كامل "بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان".

ووفق “رويترز” تضغط بكين من أجل استخدام عملتها اليوان في التجارة بدلا من الدولار الأمريكي.

الوقت لم يحن بعد

قال مصدر سعودي لرويترز قبل زيارة شي إن قرار بيع كميات صغيرة من النفط باليوان للصين قد يكون منطقيا لتسوية مستحقات الواردات من الصين مباشرة لكنه أضاف أن "الوقت المناسب لم يحن بعد".

ومعظم أصول السعودية واحتياطياتها هي بالدولار الأمريكي وتحوز الرياض سندات خزانة أمريكية بأكثر من 120 مليار دولار. كما أن الريال السعودي، شأنه شأن عملات خليجية أخرى، مربوط بالدولار.

كان الرئيس الصيني قد قال إن زيارته بداية لحقبة جديدة في العلاقات معبرا عن أمله أن تصبح القمتان العربيتان "معالم بارزة في تاريخ العلاقات الصينية العربية".